عندما تحاول الجزائر إغراق إفريقيا بمواد غذائية سامة

DR

في 21/02/2019 على الساعة 17:31

قامت مصالح الجمارك الليبية، الأسبوع الماضي، على مستوى الحدود مع تونس بإتلاف حمولة مهمة من المشروبات المستوردة من الجزائر.

مع التراجع الكبير في مداخيل النفط، وتحسبا للنضوب الحتمي لهذه المادة المهمة في صادرتها (95 في المائة من الصادرات الجزائرية)، تعول الجزائر على الفلاحة من أجل تنويع صادراتها. غير أن هذا القرار، الهادف إلى التخلص من "لعنة النفط"، اتخذ بسرعة في خضم الذعر الذي تولد عن الانخفاض المهول في أسعار برميل النفط الذي انتقل من 110 دولار في يوليوز 2014 إلى 35 في يناير 2016. ويأتي هذا القرار أيضا في الوقت الذي بدأت فيه مدخرات صندوق ضبط الموارد الذي كان يحوي في سنة 2014 ما يقرب 193 مليار دولار، التراجع.

باللجوء إلى الإنتاج الكمي المفرط، على غرار ما كان معمولا خلال العهد السوفياتي، عمدت الجزائر إلى استعمال مواد وقاية النباتات، والتي لا تتحكم في استعمالها، في زراعتها والصناعات الغذائية. والنتيجة الحتمية لهذا التوجه: معظم المواد الفلاحية المصدرة، سواء كانت مصنعة أو في حالتها الطبيعية، يتم إرجاعها أو إتلافها، بل إحراقها من طرف سلطات البلدان المستوردة لكون هذه المواد تحتوي على نسبة مرتفعة من المبيدات خاصة بالنسبة للبطاطس والتمور والخضر والمشروبات (عصائر ونكتار) والمعجنات...

منذ سنة 2016 وإلى غاية شهر فبراير 2019، قامت عدة دول مثل فرنسا، كندا، روسيا، قطر، تونس وليبيا... برفض دخول مواد فلاحية جزائرية إلى أسواقها بسبب عدم مطابقتها لمعايير السلامة الغذائية.

فعلى سبيل المثال، كان المركز الحدودي بين تونس وليبيا راس جدير الأسبوع الماضي مسرحا لإتلاف حمولة مهمة من المواد الغذائية (عصائر ونكتار بشكل خاص) آتية من الجزائر والموجهة للسوق الداخلية الليبية.

وأكدت الصحافة المحلية التي نقلت الخبر يوم 16 فبراير الجاري أن الليبيين قاموا بإتلاف حمولة من المشروبات لأن "العصير" المتلف "كان غير صالح للاستهلاك وبالتالي لا يمكن أن يكون مقبولا فوق التراب الليبي".

وبحسب التفسيرات المقدمة من طرف الشركة المصدرة للمواد التي تم إتلافها، اعترفت شركة روبية عن طريق بلاغ لها بأن "عدم المطابقة يهم دفعة من خمسة آلاف صندوق من بين دفعة من المواد تبلغ 140 ألف صندوق". هذا الاعتراف يثير الدهشة خاصة وأن شركة روبية تعتبر نفسها "رائدة صناعة المواد الغذائية في الجزائر" وتتباهى بحصولها على عدد من شهادات الجودة (إيزو) وعلى عدد من جوائز "الاستحقاق" المقدمة من طرف مكاتب محلية. كل هذا من اجل تصدير مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك مقابل الحصول على العملة الصعبة!

غير أن هذا "الاعتراف بالذنب" لم يمنع وسائل الإعلام الجزائرية من العودة يوم 20 فبراير لهذا الموضوع والادعاء بأن المغرب هو المسؤول عن الفشل الذريع للمواد الغذائية الجزائرية. وبحسب موقع إخباري، الذي يجيد فن تحويل الهزائم إلى انتصارات، فإن "تنامي نشاط الصناعيين الجزائريين على الصعيد الدولي يثير مخاوف البعض". وأضاف قائلا "معرض المواد الغذائية الجزائريين الذي عقد بنواكشوط أثار غضب المغرب الذي يرى أن الجزائر تنافسه في مجال يعتبره حكرا عليه، ألا وهو غرب إفريقيا حيث أن الجزائر تعتزم أن تفرض نفسها كأول قوة اقتصادية في القارة. ولها الوسائل لتحقيق هذا الأمر، والسلطات المغربية تعرف ذلك".

إن تفسير هذه الهلوسات سهل للغاية. فبعدما سدت في وجهها الأسواق الأوربية والأمريكية والآسيوية، توجهت الجزائر نحو سوق غرب إفريقيا حيث تعرف أنه يصعب عليها منافسة التواجد مهم للمغرب. وعوض أن توجه أصابع الاتهام للمغرب، كان على السلطات الجزائرية أن تحث مزارعيها ومنتجيها المحليين أن يحترموا المعايير الدولية. فأمام تعاون جنوب-جنوب وسياسة رابح-رابح التي تتبعها المملكة المغربية، اختارت الجزائر أن تصدر موادها الملوثة إلى إفريقيا وبإغراقها بالحبوب المهلوسة ومواد غذائية غير صالحة للاستهلاك.

فعلى نواكشوط وداكار، الذين سيتوصلان على التوالي يومي 25 و27 فبراير الجاري بحمولتي من 300 طن من المواد السامة، توخي الحذر.

المجلس الأعلى للحسابات يسجل غياب مقاربة متبصرة لإشراك المجتمع المدني في تفعيل أهداف التنمية المستدامة

سجل المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره الموضوعاتي الصادر مؤخرا حول " مدى جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2015-2030 "، غياب مقاربة متبصرة لإشراك المجتمع المدني في تنفيذ خطة 2030.

وأوضح المجلس في تقريره أنه في غياب مقاربة متبصرة لإشراك المجتمع المدني، وفي ظل تشتته وعدم تنظيمه في إطار تمثيليات مهيكلة فإن مشاركته في الاعداد لتنفيذ خطة 2030 تبقى شبه غائبة.

ويرى المجلس أنه غالبا ما ينظر الفاعلون الحكوميون إلى التنسيق مع الجمعيات على أنه مهمة صعبة للغاية ومحفوفة بالمخاطر في غياب معايير محددة مسبقا لاختيار الجمعيات التي يمكن أن تنضم لهيئات القيادة، ملاحظا أنه تم اعتماد إشراك المجتمع المدني في جهود التنمية من خلال دستور 2011.

وبعد أن ذكر بأن النسيج الجمعوي المغربي يتكون من أكثر من 150 ألف جمعية تعمل في جميع المجالات، مما يشكل، بالتأكيد، إمكانات بشرية كبيرة ومصدرا ملهما للمبادرات والأفكار، لاحظ التقرير أنه يتعين تأطير انخراط المجتمع المدني وفقا لمبادئ تعتمد نظاما متكافئا للاختيار ينبني على معايير الاستعداد والتنظيم والقدرة على التفكير والاقتراح.

وأضاف ان الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني قامت منذ إنشائها بعدة مبادرات تهدف لتحسين إطار اشراك المجتمع المدني في السياسات العمومية، مبرزا أن التحريات التي أجريت في هذا الباب مع الوزارة المعنية أظهرت أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء لرفع درجة الوعي والانخراط وإشراك المنظمات غير الحكومية في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

من جهة أخرى، شدد المجلس على ضرورة توسيع نطاق انخراط القطاع الخاص، مذكرا بأن خطة 2030 عهدت للقطاع الخاص بدور محدد في إطار الهدف 12 من أهداف التنمية المستدامة.

وأوضح في هذا الصدد أن التدابير المتخذة في الغاية 12.6 تشجع القطاع الخاص على اعتماد استراتيجيات للتنمية المستدامة ومسؤولة من خلال تحويل الارباح إلى نمو اقتصادي مستدام وإدماج اجتماعي وحماية بيئية.

وأكد المجلس أن القطاع الخاص بالمغرب يعتبر شريكا رئيسيا للحكومة، حيث تربط بينهما شراكات لضمان مشاركة فعالة للقطاع في تنفيذ السياسات القطاعية على المستوى الوطني فضلا عن توفير إطار للحوار الدائم بين الطرفين.

وأكد أن دور ممثلي أرباب العمل يبقى مهما في تسهيل انخراط المقاولات في خطة 2030 لأهداف التنمية المستدامة والمساهمة في تنفيذها، مذكرا في هذا السياق بالتوقيع على اتفاقية للشراكة قصد إنشاء فرع مغربي عن "شبكة الميثاق العالمي "، يلتزم من خلالها الاتحاد العام لمقاولات المغرب بإشراك النسيج الانتاجي الوطني في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

غير أن نطاق مشاركة القطاع الخاص، يلاحظ التقرير، ليس بالمستوى المطلوب بالنظر إلى العدد القليل من الاجراءات المتخذة لضمان تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 21/02/2019 على الساعة 17:31