ولد عبد الصادق بنعيسى في مدينة طنجة في بداية الستينيات، حيث نشأ وترعرع في بيئة تميزت بحب المعرفة والثقافة. درس الإعلام في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، وحصل على شهادة البكالوريوس في الصحافة والاتصال. كانت بداياته في الإعلام متواضعة، لكنه سرعان ما أثبت جدارته بفضل مثابرته وشغفه الكبير بالمهنة.
بدأ عبد الصادق بنعيسى مسيرته الإعلامية في فبراير 1981، بعدما التحق بإذاعة البحر الابيض المتوسط بطنجة.
بفضل صوته العذب والرخيم وأسلوبه المميز في تقديم الأخبار والبرامج الحوارية، سرعان ما أصبح أحد أبرز مقدمي البرامج الإذاعية في البلاد. لم يكن مجرد مذيع بل كان صحفيًا ميدانيًا يغطي الأحداث بحرفية عالية وينقل الحقيقة كما هي. كانت برامج بنعيسى تتميز بمحتواها الثقافي والتعليمي، حيث ركز على تقديم التراث المغربي والتعريف بتاريخ البلاد وجغرافيتها.
عرف عنه حرصه الشديد على المهنية والحيادية في العمل الإعلامي، مما أكسبه احترام زملائه وتقدير جمهوره. لم يكن عبد الصادق مجرد إعلامي عادي، بل كان مثقفًا واسع الاطلاع، مما ساعده على تقديم محتوى إعلامي غني ومتنوع.
وهكذا، تنقل بين العديد من المناصب داخل الإذاعة، من مذيع أخبار إلى مقدم برامج تحليلية، ثم رئيسا لقسم الأخبار.
وشارك في إعداد وتقديم العديد من البرامج الإذاعية التي حققت نجاحًا كبيرًا ونالت جوائز عدة، وأشهر البرامج التي برع فيها بنعيسى نذكر برنامج « هاربون » و« مهمشون » و »وجوه في الظل » و »لحظات من التاريخ »، غير أن أكثر برامجه شهرة هو برنامج « ملفات بوليسية »، الذي يعتمد على مذكرات عبد اللطيف بوحموش، التي تتضمن قضايا سبق له أن تعاطى معها وكان شاهدا عليها.
وساهم عبد الصادق بنعيسى من خلال برامجه في نشر الوعي الثقافي والاجتماعي بين المغاربة. وكانت له قدرة فريدة على الربط بين الماضي والحاضر، مما جعله جسراً للتواصل بين الأجيال المختلفة. كما لعب دوراً مهماً في التوعية بأهمية الحفاظ على التراث المغربي والتعريف به للأجيال الشابة.
بوفاة عبد الصادق بنعيسى، تخسر الساحة الإعلامية المغربية أحد أعلامها البارزين، لكن إرثه سيظل خالداً من خلال الأعمال التي قدمها، والقيم التي غرسها في قلوب وعقول كل من تابع مسيرته الإعلامية.