أصبح جميع المعارضين السياسيين والصحفيين الجزائريين المنفيين في جميع أنحاء العالم، ومعظمهم نشطون جدا على شبكات التواصل الاجتماعي -مثل أمير بوخرص، المعروف بأمير دي زاد، وأنور مالك، وعبدو السمار، من بين آخرين- هدفا في السنوات الأخيرة لمحاولات الاغتيال أو الاختطاف من قبل النظام الجزائري. هشام عبود، ذو الـ69 عاما، المنفي في فرنسا منذ عام 1997، هو أيضا ضمن لائحة المستهدفين. وفي مقطع فيديو نشر في نفس يوم اختفائه، أعلن أنه تعرض مرة أخرى لمحاولة اغتيال من قبل المخابرات الجزائرية.
وصرح محامي هشام عبود، دليل الصقالي مولاي عبد الجليل، لقناة «ميدي 1» مساء السبت، من مدينة ليل الفرنسية، إن موكله اتصل به صباح الخميس 17 أكتوبر، لإبلاغه بنيته السفر عبر الطائرة في اليوم نفسه من باريس إلى برشلونة.
وعبر المحامي دليل الصقالي مولاي عبد الجليل عن قلقه البالغ، مؤكدا أن ما حدث لهشام عبود هو عملية اختطاف وليس مجرد اختفاء بسيط. واتهم من حاولوا، خلال السنوات الأخيرة، اختطاف أو اغتيال عبود، بالوقوف وراء هذه العملية. ورغم أن الجنرال خالد نزار، الذي كان يعتبر هشام عبود عدوه الرئيسي، غادر هذه الدنيا بعد أن بذل كل ما في وسعه لإسكاته، إلا أن نجله لطفي نزار يواصل تسيير وسيلة إعلامية دعائية تدعم مجرمي العشرية السوداء. ويظل هشام عبود، مؤلف الكتاب الشهير «مافيا الجنرالات»، الهدف المفضل لهذا الجناح.
ومن قبيل الصدفة المزعجة، أنه في اليوم نفسه الذي بث آخر فيديو له حول هذا الموضوع، لم تظهر لهشام عبود أي علامة على الحياة. واستنكر في هذا الفيديو محاولات الاغتيال التي ما زالت تستهدفه، وهذه المرة من مولود مهنا، نجل الجنرال جبار مهنا، المقال حديثا من منصبه كمدير لمديرية المخابرات الخارجية، والتي كان يشرف عليها منذ 2022. واتهم هشام عبود مولود مهنا بالضلوع في تهريب الكوكايين على نطاق واسع، الأمر الذي عجل بسقوط والده.
والأمر غير المؤكد هو ما إذا كان هشام عبود قد اختطف عندما غادر مطار باريس أم أنه غادر فرنسا بالفعل واختفى لدى وصوله إلى إسبانيا، حيث لم يتصل بأي شخص لتأكيد وصوله إلى الوجهة التي يريدها.
كل الفرضيات حول اختفاء هشام عبود تصب في الاتجاه نفسه: اختطاف أم فخ نصبته المخابرات الجزائرية. كما أن موجة من التضامن، ولكن أيضا من القلق الكبير، تحيط بهذا الاختفاء الغامض للمعارض الجزائري، لدرجة أن خصومه السياسيين داخل المعارضة، مثل الصحفي عبدو السمار، أعربوا عن دعمهم له.
هشام عبود ليس صحفيا أو ناشطا جزائريا عاديا. فهو ضابط سابق في الجيش الجزائري، وعمل في ديوان الجنرال محمد بتشين الذي كان رئيسا للاستخبارات العسكرية وأجهزة المخابرات في الثمانينات. ومنحته هذه الخبرة معرفة عميقة بطريقة اشتغال النظام والجيش، بالإضافة إلى إمكانية الوصول إلى المعلومات السرية.
وأصبح هشام عبود رمزا للحراك الشعبي الجزائري. مداخلاته اليومية المتعددة على شبكات التواصل الاجتماعي، ولا سيما عبر قناته على اليوتوب، يسبقها دائما جنيريك يعبر فيها متظاهرو الحراك عن دعمهم له من خلال شعار «هشام عبود صحفي حر». هذا الشعار لا يدين فقط قمع الطغمة العسكرية الجزائرية، التي ضاعفت من عدد الإدانات الغيابية ضد هشام عبود ومذكرات الاعتقال الدولية بحقه بحجة أنه «إرهابي»، بل يدين أيضا الصحافة المحلية، الخاضعة تماما للنظام بعد سجن العديد من الصحفيين وإغلاق جميع وسائل الإعلام المشاكسة.
«الجزائر بلد تقوده عصابة من العرايا» هي إحدى العبارات الشهيرة لهشام عبود. ولسوء الحظ، هناك مخاوف من أن تكون «دولة العرايا» هاته قد دبرت عملية اختطافه، أو ما هو أسوأ من ذلك، لإسكات أحد الأصوات المناهضة لممارساتها المافيوية.