التسلح في قلب اعترافات تبون أمام فلاديمير بوتين

Le président algérien Abdelmadjid Tebboune et le président russe Vladimir Poutine.

الرئيس الروسي فلاديمر بوتين والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

في 16/06/2023 على الساعة 11:37

بعد ثلاثة أيام من الانتظار في موسكو، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الخميس، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. وأمام الرئيس الروسي، أطلق خطابا لاذعا ضد الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، المتهمين بحكم العالم بعملاتها (الدولار والأورو) وإخضاع الجزائر لـ »ضغوط قوية وعقيمة » لقطع علاقاتها العسكرية مع روسيا. لقد توسل عبد المجيد تبون للحصول على المزيد من الأسلحة الروسية لحماية الجزائر التي يبدو أنها مهددة.


عندما يتحدث عبد المجيد تبون علنا، فإن الكارثة مضمونة. يوم الخميس، خلال استقبال فلاديمير بوتين له في الكرملين، لم يشذ الرئيس الجزائري عن هذه القاعدة، خاصة أنه ظهر في حالة غير طبيعية تُخْجِلُ كل الجزائريين. في حين كان يجب أن يأتي إلى موسكو بخطاب محكم الصياغة ومُحْتَرِم لحليفه الرئيسي، انخرط تبون أمام فلاديمير بوتين فيما يشبه الاعترافات. هاجم الدول الغربية مُظْهِرًا جهله بأبجديات السياسة والدبلوماسية والتاريخ.

بادئ ذي بدء، من حيث الشكل، كان استقبال تبون في قاعة الكرملين « الفاخرة »، وهو القصر السابق للقياصرة الروس، شاحيا. لم يُسمح له، كالعادة، بإجراء مناقشات فردية في الغرفة المخصصة للضيوف البارزين، وهي القاعة التي استضاف فيها بوتين مرتين، في عام 2002 وفي عام 2015، الملك محمد السادس، وملك المملكة العربية السعودية سلمان بن عبد العزيز في سنة 2017. حتى عبد العزيز بوتفليقة، سلف تبون، كان له شرف إجراء مناقشات فردية مع بوتين في الغرفة المذكورة، أثناء زيارته لموسكو في عام 2008، وحظي بعناق حار من فلاديمير بوتين، شبيهة باحتضان نيكيتا خروتشوف وليونيد بريجنيف، الرئيسان السابقان للاتحاد السوفياتي سابقا.

« الخطاب » الذي ألقاه تبون أمام فلاديمير بوتين كان مجرد مزحة سمجة. وهكذا ارتكب خطأ ضد الجيش الجزائري بتأكيده أن روسيا هي التي كانت دائما المدافع عن استقلال الجزائر، من خلال التسليك الذي تقدمه بانتظام للجزائر.

ووفقا له، فإن روسيا هي التي تحمي استقلال الجزائر وليس الجيش الوطني الجزائري، وهو ما يشكل إهانة لسعيد شنقريحة، رئيس الجيش الجزائري، والجنرالات الآخرين الذين يتحكمون في خيوط اللعبة السياسية في الجزائر.

سينعكس هذا الانزلاق اللفظي لا محالة على الرئيس الجزائري الحالي وسيؤدي ثمنه باهظا عند عودته إلى البلاد. من المرجح بالفعل أن يتفق الجنرالات، الذين يحتاجون إلى واجهة مدنية أكثر جاذبية، على الحاجة إلى عزله بشكل عاجل والعثور على خليفة له في أسرع وقت ممكن.

في اعترافاته أمام بوتين، قال تبون علانية ما كان يجب أن يقال بشكل غير رسمي أمام الرئيس الروسي. وقال: « نتعرض لضغوط دولية، ولكن لن يكون لذلك تأثير على الصداقة التي تربطنا بروسيا. نحن نعتمد على روسيا الفيدرالية لتسليحنا والدفاع عن استقلالنا، خاصة في سياق إقليمي صعب للغاية ».

بلغت ميزانية السلاح الجزائرية 23 مليار دولار بزيادة 120 % عن العام الماضي. من الواضح أن تبون يريد دعم خزينة روسيا الاتحادية، ومساعدتها في مجهودها الحربي ضد أوكرانيا من خلال مشتريات ضخمة من الأسلحة. وقد تم بالفعل توقيع عقد كبير بين البلدين. ويتعلق الأمر بشراء أسلحة تصل قيمتها إلى 11 مليار دولار. وقد تم تأكيد هذا العقد يوم الخميس 15 يونيو من قبل وزير الدفاع الروسي الجنرال سيرجي شويغو الذي صرح للصحفيين بأن هذا العقد يشمل « الدبابات وأنظمة الدفاع الجوي وكذلك الطائرات »، نافيا الإشاعات عن عدم تسليم هذه الأسلحة للجزائر بسبب نقص الإنتاج نتيجة الحرب في أوكرانيا.

هل إرادة تبون في شراء أسلحة روسية ستؤدي إلى إعادة طرح مشروع العقوبات الأمريكية ضد الجزائر الذي دعا إليه العشرات من أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين الذين لن يجدوا صعوبة في إقناع وزارة الخارجية الأمريكية بذلك؟

لكي ينأى بنفسه عن الغرب، أعلن الرئيس الجزائري ارتباطه بروسيا. وأشار بهذا الخصوص قائلا: « لدينا علاقات تاريخية ولا يمكن أن تتغير حتى لو تغير الوضع في العالم. علاقاتنا ظلت كما هي لأكثر من 60 عاما والجزائر لا تزال مخلصة لها إلى حد كبير ».

كما تهدف هجمات تبون على خصوم روسيا إلى استجداء فلاديمير بوتين لدخول غير مستحق من الجزائر إلى نادي دول البريكس. وقال الرئيس الجزائري: « نريد تسريع انضمامنا إلى البريكس من أجل الدخول في نظام غير نظام الدولار أو الأورو. سيكون لهذا آثار إيجابية على اقتصادنا ».

أبان تبون في موسكو أيضا على افتقاره الصارخ للثقافة العامة، وارتكب خطأً فادحا جديدا. وهكذا أشار إلى نيكولا الثاني، آخر قيصر روسي قتل عام 1918 على يد الثوار البلاشفة، على أنه هو الذي وشح الأمير عبد القادر بعد إطلاق سراح الأخير للمسيحيين الروس المحتجزين في دمشق. والحال أن الوسام المذكورة منح للأمير عبد القادر من قبل القيصر ألكسندر الثاني في عام 1860، أي قبل ولادة نيكولا الثاني، الذي رأى النور في عام 1868.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 16/06/2023 على الساعة 11:37