في أقل من شهر ونصف، عرفت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية تغييرات مهمة على رأسها. فبعد طرد رمطان لعمامرة يوم 16 مارس الماضي، جاء الدور على الأمين العام للوزارة، عمار بلاني، الذي أبعد بتعيينه يوم الأحد 28 ماي سفيرا بتركيا.
وأشار بيان مقتضب لوزارة الخارجية الجزائرية إلى أن «رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عين، يوم الأحد، الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية عمار بلاني سفيرا مفوضا فوق العادة في تركيا».
لم يتطرق الإعلام الجزائري إلى أسباب سقوط عمار بلاني. ومع ذلك، تطرح عدة تساؤلات بخصوص هذا التعيين، خاصة وأن العديد من الشائعات راجت في الأسابيع الأخيرة حول مستقبل عمار بلاني، تدعي أحيانا أنه سيكون بديلا لعمامرة، وأحيانا كسفير دائم للجزائر لدى الأمم المتحدة...
لكن ربما كان وزير الخارجية الجديد، أحمد عطاف، هو الذي لم يعد يريد رؤية بلاني في الوزارة، حيث لم يعد الأخير أيضا مرغوبا فيه من قبل الجيش الذي استاء منه لأنه «تآمر» مع تبون ضد رمطان لعمامرة، عندما كان ينظر إليه الجنرالات على أنه «رئيس محتمل» تابع وخادم لهم.
ما أدى إلى هذا السقوط إلى الجحيم بالنسبة لبلاني ربما كان الفشل الذريع للزيارات الرسمية، التي تمت أو كانت مبرمجة لتبون إلى أوروبا. بلاني يدفع اليوم ثمن تهييئه السيء للزيارة الأخيرة للرئيس الجزائري إلى البرتغال، هذا دون الحديث عن العراقيل العديدة التي تحول دائما أمام زيارته، المرغوب فيها ولكنها تؤجل في كل مرة، إلى باريس.
أما بالنسبة للبرتغال، فقد كانت زيارة تبون فاشلة فشلا ذريعا. هذه الزيارة لم تتوج ببيان مشترك بين لشبونة والجزائر. وهذا يؤكد على أنها كانت زيارة فارغة. بل قبل عشرة أيام من زيارة تبون، ربط إعلان مشترك بين لشبونة والرباط مخطط الحكم الذاتي بحل نزاع الصحراء الأطلسية. هل وعد بلاني مستشاري تبون ببيان جديد من البرتغال يمحو البيان الذي يرحب بمخطط الحكم الذاتي؟ على أي حال، فإن إبعاده المهين هو بمثابة العقوبة التي تلي الغضب.
تنضاف إلى ذلك الصفعة الموجعة التي شكلها قرار برلمان ستراسبورغ الصادر في 13 ماي، والذي أدان بشدة، وبأغلبية ساحقة من أعضاء البرلمان الأوروبي، الاعتداءات على حرية الصحافة والتعبير في الجزائر، مطالبا بفتح أبواب البلاد أمام وسائل الإعلام الدولية وضمان حرية العمل لهذه الوسائل في الجزائر.
كشفت سلسلة الإخفاقات هذه عن الوجه المخادع لعمار بلاني، الكاتب الدجال الذي تخفي كتاباته جهله التام بخيوط الدبلوماسية وخباياها. لأنه خلال السنوات السبع (2013-2020) التي قضاها في بروكسل كسفير لبلاده في بلجيكا ولدى الاتحاد الأوروبي، لم يدافع بلاني عن مصالح بلاده هناك. بل كرس وقته القصير الذي كانت تتركها له جلسات العلاج الطويلة لمرضه المزمن في المستشفيات البلجيكية لتحبير كتابات ومقالات حقودة ضد المغرب، كاشفا، من حيث لا يدري، أن الجزائر هي الطرف الحقيقي في نزاع الصحراء.
بفضل هذه الكتابات المعادية للمغرب، سيخرج عمار بلاني بسرعة من أول نكسة له تميزت بعام من البطالة (من شتنبر 2020 إلى شتنبر 2021)، ويحضر، بل ويشارك في سلسلة من الإجراءات غير الودية التي ستؤدي إلى قطع تام للعلاقات بين بلاده والمغرب.
في هذا السياق، سيخلق لعمار بلاني منصب غريبا وهو منصب «المبعوث الخاص المكلف بقضية الصحراء وبلدان المغرب العربي» في 5 شتنبر 2021، أي بعد شهرين فقط من عودة رمطان لعمامرة إلى وزارة الشؤون الخارجية وبعد شهر واحد من القرار من جانب واحد من الجزائر بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، وهو إجراء تلاه إغلاق خط الغاز المغاربي-الأوروبي لحرمان المغرب من الغاز الجزائري، وكذلك إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية.
بعد مرور عام، لمحو الفشل الذريع وعبثية منصبه المتعلق بالصحراء، تمت ترقية بلاني إلى منصب أمين عام لوزارة الخارجية في بداية شتنبر 2022. في الواقع، تم تعيينه في منصب الرجل الثاني في وزارة الخارجية، لمجرد أن يصبح عين المقربين من تبون في وزارة ازداد فيها وزن لعمامرة الذي أصبح يرى في نفسه مرشحا محتملا للرئاسيات المقبلة. أنجز بلاني مهمته في عرقلة عمل لعمامرة وكان يعتقد أن تبون سيجازيه بتعيينه مكانه. بل إنه أعلن عن هذه «الأخبار السارة» لزميله إغناسيو سيمبريرو الذي غرد على الفور بأن عمار بلاني قد تم تعيينه وزيرا للخارجية وأن الإعلان الرسمي سيصدر قريبا.
غير أن عمار بلاني أصيب بخيبة أمل كبيرة: تم تعيين أحمد عطاف رئيسا للدبلوماسية الجزائرية.
في أنقرة، سيظل عمار بلاني، المتدهورة صحته البدنية والعقلية، يجد العزاء. عندما نعلم أن هذا الدبلوماسي المزيف كان يروج لمزايا الرعاية الجيدة في المستشفيات البلجيكية للبقاء في منصبه في بروكسل، يمكننا أن نتمنى له سياحة طبية مثمرة في تركيا، وهي دولة مشهورة بجودة الرعاية المقدمة في مؤسساتها الصحية.