الجزائر: مقال منسوب للوزير الأول السابق سيد أحمد غزالي يندد بالفساد في أعلى هرم الدولة

الوزير الأول الجزائري الأسبق، أحمد أويحيى، أثناء إلقاء القبض عليه

في 12/03/2023 على الساعة 20:45, تحديث بتاريخ 12/03/2023 على الساعة 20:45

في مقال منشور على مواقع التواصل الاجتماعي وموقع باسم سيد أحمد غزالي، الوزير الأول السابق والمدير السابق لسوناطراك، يتطرق صاحب المقال إلى الموضوعات الساخنة التي تعاني منها البلاد في أعلى هرم السلطة. الأموال القذرة والفساد والاتجار في المخدرات... مرحبا في «جمهورية العصابات».

يتعلق الأمر بمقال لا هوادة فيه يتم تداوله حاليا على مواقع التواصل الاجتماعي، نص لاذع يكشف بعض الحقائق المزعجة بدون مواربة. «جمهوريات العصابات»... يحمل العنوان نفسه العديد من الإشارات، بدءً بتلك العصابات في هايتي، المتأثرة بالنموذج الفاشي، التي يستخدمها النظام الحاكم لإرهاب وتعذيب واغتيال المعارضين. ربما يشير صاحب النص أيضا إلى فيلم «Tontons flingueurs»، وهو فيلم شهير في السينما الفرنسية يقدم رجال عصابات، من بينهم الممثل لينو فينتورا، الذين ندين له بالعبارة الشهيرة في الفيلم والتي تنطبق على الموقف المعني هنا: «الأغبياء يجرؤون على كل شيء، ونتعرف عليهم بذلك».

في هذا المقال المكون من ثلاث صفحات والموقع باسم سيد أحمد غزالي، والذي نفى أنه كتبه وفقا لإحدى الصحف الجزائرية، يتطرق صاحب النص المفترض والوزير الأول السابق والمدير السابق لشركة سوناطراك الجزائرية إلى عدة قضايا تلطخ صورة دولة القانون. إذا لم يتم التأكد من هوية صاحب المقال، تبقى الحقيقة أن الحالات المذكورة في هذا النص حقيقية وأن الأسئلة المطروحة في محلها وتحتاج إلى إجابات محددة.

قبل الحراك وبعده

إن التنديد بالفساد المستشري على نطاق واسع في الجزائر هو بالتحديد الغرض من هذا النص، الذي يبدأ بتقديم تحليل لبلد ينتشر فيه الفساد على نطاق واسع، في بداية الحراك. لتوضيح السياق وسقوط شخصيات قوية بسبب الفساد، يبدأ النص بمحاكمة أحمد أويحيى، الوزير الأول الأسبق الذي حكم عليه في عام 2021 بالسجن سبع سنوات وبغرامة مليون دينار ووصف بأنه «مهندس حملات الأيدي النظيفة» للدولة والذي كان «المرشح الرئاسي بامتياز».

محاربة الفاسدين تتماشى مع الحراك، هذه «الحركة التي نجحت في تحريك أسوار القلعة»، حسب الكاتب الذي يرى فيها لحظة غير مسبوقة للجزائريين، حيث «اكتسح فيها الخوف المناطق» التي كانت حتى الآن «محمية». وأخيرا، «بدأ البارونات في السقوط». فالشخصيات التي «لم يكن يستطيع المواطنون ذكر أسمائها»، أصبحت الآن تتصدر عناوين الصحف.

مع الحراك، حان الوقت لنفتح أعيننا. «لقد فهمنا أن هذه الثروات قد بنيت من أموالنا الخاصة»، يتابع صاحب النص، مع التركيز على هؤلاء الشخصيات التي لا يمكن المساس بها والذين يتمتعون «برواتب وامتيازات وتسهيلات كبيرة»، ولا سيما رجال الأعمال والصناعيين، والذين توجد «الحكومة وراءهم».

مع هذه الاعتقالات وهذه المحاكمات بالجملة، تتأكد الصلة الوثيقة بين السلطة والفساد، لكن لا يزال من الضروري تحديد من الذي يقود هذا البلد. سؤال يجيب عنه صاحب النص في جملة واحدة معبرة. قال إنه كان قبل ثلاث سنوات يصعب «التفكير في أن بعض الشخصيات البارزة ستسقط (...) الجميع يعرف (أن) الجنرالات وغيرهم من كبار الضباط، الذين تسبب مجرد ذكر أسمائهم بالرعب، هم الركائز الحقيقية للسلطة». لأنهم هم من يعينون الأطر العليا والوزراء وحتى الرؤساء».

في السجون الجزائرية، دولة ثانية

يرتبط الفساد ارتباطا وثيقا بممارسة السلطة. وبحسب صاحب النص، فإنه «وفقا للإحصاءات المنشورة على مواقع إخبارية، يقبع في السجن وزيران أولان وخمسة وعشرين وزيرا وخمسة وعشرين من الجنرالات وكبار الضباط، بغض النظر عن الهاربين أو المنفيين أو آخرين ينتظرون ساعتهم»، دون أن ننسى أصحاب الثروات الكبيرة. وهذا أمر فريد في العالم التي يجب التأكيد عليها: أن الدولة الحقيقية داخل الدولة «محبوسة» اليوم، بسبب قضايا الفساد التي تخفي تصفية الحسابات اللامتناهية. خلف القضبان، عشرات الجنرالات وكبار الضباط والعديد من الوزراء ورجال الأعمال والصناعيين. خلف القضبان، هيئة الأركان العامة وحكومة وركائز الاقتصاد. القادة المسجونون ينتظرون اللحظة المناسبة للتخلي عن أماكنهم لأولئك الذين يمسكون بزمام النظام في الجزائر.

«لم نعد جمهورية محترمة ومهابة، ولكننا في دولة يسود فيها سوء الإدارة والفساد والاتجار بجميع أنواعه»، يتأسف صاحب النص.

بلد كل أنواع التهريب

إلى جانب الفساد، تحتل المخدرات أيضا الصدارة، لدرجة أن الجزائر توصف بأنها «بلد مهربي المخدرات». وتم التذكير بما يعرف بقضية «البوشي»، المتعلقة بمصادرة شحنة 701 كيلوغرام من الكوكايين في ميناء وهران في ماي 2018، استوردها كمال شيخي الملقب بالبوشي (الجزار).

يتذكر صاحب المقال المذكور أن «الكوكايين وصل في شحنة لحوم موجهة للجيش عبر جزار، منعش عقاري يتعامل مع كبار المسؤولين»، في إشارة ضمنية إلى خالد تبون، نجل الرئيس الحالي. وهكذا، فقد اتهم هذا الاخير (قبل تبرئته) من «استغلال النفوذ» و«الفساد» و«تلقي هدايا غير مبررة» في القضية المذكورة، بسب استغلاله منصب والده كوزير للسكن وقت الأحداث لمساعدة البوشي في الحصول على أرض بهدف بناء فندق هناك شرق الجزائر العاصمة.

وقام صاحب النص بطرح سلسلة من الأسئلة على قرائه، والتي على الرغم من أهميتها، إلا أنها لم تجد إجابات شافية منذ الكشف عن هذه القضية.

وأكد قائلا: «هذا الجزار هو الذي نظم استيراد سبعة قناطير من الكوكايين. عليه أن يجدها في الدولة المصدرة (لا تباع في السوق، ولكن عليك أن تعرف المورد (الموردين)، والشبكة، وتأمينها، وقبل كل شيء الدفع نقدا وليس بالدينار)».

كما يجب «تحويل هذا المبلغ الذي يصعب تحديده (الكوكايين المقطوع يباع في السوق الوطني بـ18 ألف دينار للغرام)»، بحسب صاحب النص.

«كيف تم تحويل هذا المبلغ إلى الخارج؟ هل سنعرف ذلك يوما ما؟ أين التحقيق في هذه القضية؟»، يتساءل صاحب النص خاصة أمام الصمت المطبق الذي يحيط بهذه القضية. «سبعمائة كيلوغرام تختفي ولا أحد يتحدث عنها. أين ذهبت هذه المخدرات؟ من هو على رأس هذه الشبكة؟»، يتساءل صاحب النص، معبرا عن شكوكه بخصوص أن الجزار المذكور هو العقل المدبر لهذه العملية، لأنه «لا يملك المستوى ولا القوة ولا السلطة بدون دعم قوي».

أسرار قضية رفيق خليفة

بعد الفساد والمخدرات والذهب، تناول كاتب هذا النص هذه المرة قضية خليفة، التي تحمل اسم مهندسها، رجل الأعمال رفيق خليفة، والتي أدت إلى واحدة من أكبر الفضائح في تاريخ الجزائر. وللتذكير، هذا الصيدلاني بنى بسرعة كبيرة (جدا)، في غضون عشر سنوات فقط، في نهاية التسعينيات، إمبراطورية اقتصادية مكونة من بنك وشركة طيران.

بعد إفلاس مجموعته في عام 2003، حكمت عليه المحاكم الجزائرية في عام 2007 غيابيا بالسجن المؤبد بتهمة الاختلاس والتزوير، ثم بمجرد تسليمه إلى الجزائر من قبل بريطانيا، حيث كان لاجئا، حكم عليه في يونيو 2015 بـ18 سنة سجنا. وأكدت محكمة البليدة هذا الحكم عند الاستئناف في يونيو 2022.

لكن بالنسبة للكاتب، فإن محاكمة البليدة هذه ليست سوى مهزلة تهدف إلى الإيهام بأن «ملف خليفة قد أغلق بصفة نهائية»، على الرغم من أن «محاكمة بنك خليفة لم تتم».

ويتساءل عن إفلاس بنك خليفة الذي كان من الممكن أن يلحق أضرارا بنحو خمسة مليارات دولار للدولة والمدخرين»: «أين التصفية التي قام بها هذا المصفي ومدقق الحسابات لشركة كبيرة جدا جدا؟».

ماذا عن ملفات سوناطراك؟

سيتناول النص في ما بعد موضوعا مهما للغاية، وهو ملفي سوناطراك 2 وسوناطراك 3، ويتساءل هنا أيضا «أين هي؟»، فضلا عن ملف شركة «BRC»، وهو «أيضا أكثر أهمية من ملف خليفة».

وللتذكير، فإن قضية سوناطراك، التي اندلعت في عام 2010، هي قضية فساد واسعة النطاق هزت جميع قادة هذه الشركة الجزائرية العمومية الكبيرة، والتي تورط فيها بشكل خاص وزير الطاقة الجزائري السابق شكيب خليل. هذه القضية، التي تضم مجموعة غير محددة من الملفات، لا تزال قيد التحقيق. يمثل ملف «BRC» أيضا واحدا من بين العديد من الملفات الأخرى في هذه القضية ويهم في هذه الحالة 13 صفقة حصلت عليها شركة «BRC» (Brown and Root Condor)، وهي شركة تابعة لشركة سوناطراك تم إنشاؤها مع شركة الخدمات النفطية الأمريكية «Halliburton».

أما في ما يخص المحاكمات التي تؤجل المرة بعد الأخرى، والتي يشير إليها النص، فإن عددها يشهد على مدى فساد شخصيات جزائرية التي تحصل على رشى من أجل السماح لمجموعات أجنبية بالفوز بصفقات بمليارات الدولارات. وهكذا، إذا ركزت قضية سوناطراك الأولى على متابعة تسعة عشر شخصية وأربع شركات أجنبية بتهمة الفساد من جهة والحصول على صفقات عمومية بالاحتيال على حساب سوناطراك من جهة أخرى، فإن محاكمات سوناطراك الثانية وسوناطراك الثالثة، التي لا تزال قيد التحقيق، هي امتداد لها.

ويخلص صاحب النص، وهو مصاب بخيبة أمل كبيرة، قائلا: «ماذا عسانا أن نقول ونحن نرى الجزائر قد أضاعت فرصة ترسيخ نفسها كقوة اقتصادية إقليمية (...). مهما فعلنا، فإن هذا الضرر لا يمكن إصلاحه ولن يتم تعويض هذه التأخيرات أبدا، ما لم تكن هناك معجزة أو يذهب الجميع ويتم فسح المجال للشباب. حكم الشيوخ انتهى، لقد عفا عنه الزمن في كل مكان، باستثناء عندنا».

تحرير من طرف زينب ابن زاهير
في 12/03/2023 على الساعة 20:45, تحديث بتاريخ 12/03/2023 على الساعة 20:45