أزمة مياه الشرب بالجزائر تصل العاصمة وتشعل غضب السكان

صورة تعبيرية لانقطاع الماء. DR

في 31/07/2024 على الساعة 07:00, تحديث بتاريخ 31/07/2024 على الساعة 07:00

يوم صعب وعصيب ينتظر سكان العاصمة الجزائرية، هذا الأربعاء، ليس فقط بسبب موجة الحر الشديد التي أعلنتها مصالح الأرصاد الجوية، وإنما بسبب انقطاع مياه الشرب عن غالبية بلديات العاصمة لمدة قد تزيد عن 24 ساعة، وفق ما أعلنته شركة المياه والتطهير للجزائر « سيال ».

يبدو أن أزمة المياه الحادة التي اكتوى بها معظم سكان مناطق الجزائر قد بلغت أبواب العاصمة، فقد أعلنت شركة المياه والتطهير للجزائر « سيال » عن انقطاع في التزويد بالماء الشروب في عدة بلديات بالعاصمة، معللة ذلك بـ »أعمال إصلاح تسرب هام في القناة الرئيسية لنقل المياه بقطر 250 ملم في بلدية بئر مراد رايس ».

وأفادت الشركة في بيان لها مساء الثلاثاء أن العودة إلى برنامج التوزيع المعتاد ستستأنف تدريجياً بعد انتهاء الأعمال وامتلاء الخزانات الرئيسية، بدءاً من مساء يوم الأربعاء 31 يوليو 2024.

ردود أفعال غاضبة

ورغم تطمينات الشركة، فإن الانقطاع أثار غضبا واسعا في أوساط الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استنكروا تواتر الانقطاعات بدعوى « أشغال الإصلاح » التي لا تنتهي، وفق تعبيرهم.

وقد عبرت مواطنة تدعى نور سيدرا عن سخريتها من الوضع من خلال تعليق على الصفحة الفيسبوكية لجريدة «البلاد»، تقول فيه: « لقد اعتدنا على هذه الانقطاعات التي لا تنتهي، لم نعد نقلق أو نغضب، بل بالعكس إن الخوف يراودنا حينما يمضي يومان دون أن تنقطع مياه الشرب ». بينما تساءلت مواطنة أخرى تدعى كاميلا صابرين باستنكار، قائلة: « وهل لدينا أصلاً مياه للشرب في العاصمة؟ »

كما أبدى المواطن محمد أزار استغرابه من إبلاغ شركة المياه والتطهير لسكان العاصمة بالانقطاع المؤقت، في حين لا تفعل ذلك عندما تقطع المياه لأيام عن بقية الولايات، قبل أن يختم تعليقه بسؤال استنكاري: « هل الجزائريين هم فقط سكان العاصمة؟ »

أزمة ممتدة

قبل الجزائر العاصمة، ضربت أزمة المياه عدة مناطق من البلاد. نحن لا نتحدث عن المناطق الصحراوية التي تشكل 90% من الأراضي الجزائرية، بل عن الشريط الساحلي المتوسطي والمناطق المحيطة به، حيث تتركز الغالبية العظمى من السكان في البلد الجار. الغرب الجزائري حيث توجد مدينة كبيرة مثل وهران والمناطق المحيطة بها (1.7 مليون نسمة)، يتخبط سكانها في هذا الواقع المر. وقد واجهت المنطقة أياما طويلة بدون قطرة ماء. وكان الوضع أفظع في تيارت التي تعيش على وقع تظاهرات واحتجاجات السكان بسبب العطش، قبل أن تتدخل آلة القمع لإسكاتهم.

يرى بعض المواطنين أن الدولة لم تستطع حل أزمة المياه الداخلية بشكل فعال، في الوقت الذي تستثمر كل جهودها في قضايا خارجية. فقد كتب المواطن مخلوف نونو تعليقاً ساخراً من « القوة الضاربة » التي لم تستطع –حسبه- حل أزمة الماء الداخلية بينما تتدخل في قضايا خارجية، مشيراً إلى النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، إذ كتب يقول: « دولة بحجم قارة تتبجح على أنها القوة الضاربة ما حلتش أزمة الماء الداخلية و رايحة تحل أزمة البوليزاريو.. سرعة رد الفعل اللي نشوفوها فيما يخص الصحراء الغربية ما نشوفوهاش في حل الازمات، 5 سنوات ما حلوش ازمة السيارات و في دقائق سحبو السفير من فرنسا باش تعرفو أن العصابة تسعى وراء مصالحها فقط، اعتراف كل العالم بالصحراء الغربية يفسد على العصابة مسرحية دعم الصحراويين لتهب أموال الشعب.. ».

أين مياه تبون المعالجة؟

عندما انقطعت المياه عن ولاية تيارت في شهر يونيو الماضي وعجزت الحكومة الجزائرية عن حل الأزمة، سارع الرئيس عبد المجيد تبون إلى لعب دور المنقذ من أجل تهدئة الوضع، فوعد السكان الغاضبين بحل المشكلة في ظرف 48 ساعة، لكن الأزمة ما تزال مستمرة منذ أسابيع.

ومن حق الجزائريين أن يستفسروا رئيسهم عن مصير « المشروع الضخم » الذي أعلنه يوم الثلاثاء 19 شتنبر 2023، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والسبعين بنيويورك، عندما قال، دون أن يرف له جفن، أن بلاده ستنتج بحلول نهاية عام 2024 ما لا يقل عن 1.3 مليار متر مكعب من مياه الشرب يوميا بفضل تحلية مياه البحر. نعم تحلية 1.3 مليار متر مكعب من المياه يوميا، أي 474.5 مليار متر مكعب سنويا. وباستخدام الآلة الحاسبة، فهذا الإنتاج السنوي يعادل 11 ضعف الإنتاج العالمي الحالي من المياه المحلاة.

إن انقطاع المياه المتكرر في بلاد البترول والغاز يضعف ثقة المواطنين في قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية، وإذا لم يستطع تبون، المقبل على الترشح لعهدة ثانية، أن يفي بوعده لسكان مدينة تيارت البالغ عدد سكانها 300 ألف نسمة، فكيف سيكون قادرا على تأمين حاجيات شعب بأكمله (44.9 مليون) خلال الخمس سنوات المقبلة؟

هكذا، تظل أزمة المياه في الجزائر مشكلة مستمرة تؤثر على حياة الملايين من السكان، إلى جانب عدة اختلالات بنيوية لا يدفع ثمنها سوى المواطن المغلوب على أمره، وهو ما يثير تساؤلات حول أولويات نظام العسكر في معالجة الأزمات الداخلية بدل الانشغال فقط بالقضايا الخارجية.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 31/07/2024 على الساعة 07:00, تحديث بتاريخ 31/07/2024 على الساعة 07:00