يواجه الناشطون المتهمون، سبعة منهم رهن الاعتقال بينهم محمد تجاديت ومصطفى قيرة، تهما تتسم بالخطورة القصوى، قد تصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد بموجب قانون العقوبات الجزائري، وتحديدا المادتين 77 (عقوبة الإعدام) والمادة 78 (السجن المؤبد).
وتأتي هذه الملاحقات في سياق تندد فيه تقارير منظمات حقوقية دولية بالتضييق المنهجي على الحريات الأساسية في جزائر الثنائي تبون-شنقريحة.
استهداف صريح للحراك
تشمل أبرز التهم الموجهة للنشطاء جناية المؤامرة التي يُزعم أنها تهدف إلى تحريض المواطنين ضد سلطة الدولة والمساس بوحدة التراب الوطني وسلامة وحدة الوطن. كما تنسب إليهم النيابة تلقي أموال من داخل وخارج الوطن للقيام بأفعال تضر بأمن الدولة أو استقرار مؤسساتها، ضمن ما وُصف بـ«خطة مدبّرة».
وتتضمن لائحة الاتهامات أيضا جنحة المساس بسلامة ووحدة الوطن، فضلا عن تهم تتعلق بعرض وحيازة منشورات بغرض التوزيع بما يضر بالمصلحة الوطنية والتحريض على التجمهر.
تجريم العمل السلمي
تؤكد هذه المحاكمة مجددا ما تشير إليه المنظمات الحقوقية، ومنها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، حول التوسع في استخدام التهم الفضفاضة والمرتبطة بالأمن والقضايا الوطنية لتجريم النشاط السياسي والحقوقي السلمي.
وتشدد هذه المنظمات على أن استخدام المواد القانونية واسعة النطاق تسمح بتطبيق عقوبات قاسية على أفعال ذات طبيعة سلمية، وهو ما يهدد المناخ الديمقراطي في البلاد.
وفي هذا الصدد، أعربت منظمة شعاع لحقوق الإنسان عن «قلقها العميق» إزاء خطورة هذه التهم، خاصة في مناخ يتسم بـ«تقليص مساحات العمل المدني وحرية التعبير».
وشددت « شعاع » على ضرورة قصوى لضمان المحاكمة العادلة واحترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان وحق الدفاع للمتهمين.
ودعت المنظمة السلطات إلى التوقف عن توظيف تهم الأمن ووحدة الدولة لملاحقة النشاطات المعارضة، التي تُعد جزءا أساسيا من التعبير المشروع عن الرأي.
سجن كبير للمعارضين
تحولت الجزائر في عهد الثنائي تبون - شنقريحة إلى ثكنة لاحتجاز كل من يرفع صوته ضد النظام. إذ تؤكد تقارير دولية أن أكثر من 220 سجين رأي يقبعون حاليا خلف القضبان، من بينهم نشطاء سياسيون بارزون إلى جانب محامين، ومدونين، وأعضاء أحزاب معارضة.
وأكثر ما يزيد الوضع تعقيدا هو ازدواجية الخطاب الرسمي؛ ففي حين يبالغ الرئيس تبون في تلميع صورة البلاد أمام الخارج في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير، تقوم أذرع الدولة الأمنية والقضائية، بإشراف غير مباشر من قائد الأركان شنقريحة، بتكميم الأفواه وشيطنة كل صوت معارض.
إن محاكمة الناشطين الثلاثة عشر، وفي مقدمتهم سبعة في حالة اعتقال، تمثل نقطة انعطاف خطيرة تُبرز مدى هشاشة الوضع الحقوقي في الجزائر، حيث يواجه المواطنون والناشطون خطر الملاحقة القضائية، التي قد تصل إلى عقوبات إعدام أو سجن مؤبد، بمجرد ممارسة حقوقهم الأساسية في التعبير والانتقاد السلمي.








