الجزائر ترمي بثقلها الأخير في حلبة ملف الصحراء، بعد الضربة القاضية التي قد يوجهها لها مجلس الأمن الدولي في قراره الجديد، والذي يُتوقع اعتماده غدا الخميس 30 أكتوبر. ويُنظر إلى هذا الاجتماع الحاسم لمجلس الأمن على أنه خطوة لتبني مخطط الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية كأساس وحيد لحل هذا النزاع.
تندوف: استعراض قوة «مصطنع»
في محاولة يائسة للضغط أو إحداث شرخ بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، والتعبير عن رفضه للقرار الأممي المرتقب، أمر النظام الجزائري جبهة «بوليساريو» بتنظيم مظاهرة في مخيمات تندوف طوال يوم الاثنين 27 أكتوبر. ولكن أمام ضعف القدرة التعبوية لـ«بوليساريو»، الذي يُنظر إليه بكراهية في مخيمات لحمادة التي يحكمها بالقمع والفساد والحصار الصارمين، أخرج النظام الجزائري إمكانياته المالية واللوجستية والبشرية الكبيرة من أجل تنظيم هذه المظاهرة بأي ثمن.
وعليه، تم نقل جزائريين ينحدرون من الصحراء المحلية، ولا علاقة لهم بسكان مخيمات تندوف، من مدن جزائرية عديدة نحو تندوف. وتم نقل المئات من الأشخاص في عشرات الحافلات والشاحنات لتعزيز صفوف المتظاهرين المحليين القلائل في مخيمات لحمادة.
كما تم تنظيم رحلات جوية إضافية بين المدن الرئيسية في شمال الجزائر ومطار تندوف طوال نهاية الأسبوع الماضي. وتم توظيف أشخاص من دول جنوب الصحراء، متخفين بزي الصحراويين، لزيادة تضخيم هذه المظاهرة «المصطنعة».
كما قام النظام الجزائري بنفسه بتجهيز اللافتات والرايات التي تحمل شعارات موحدة ومستهلكة ليتم رفعها من طرف الحشود، التي من المؤكد أن من بينها عسكريين جزائريين بملابس مدنية. وتم إنشاء مجموعات عابرة على شبكات التواصل الاجتماعي من قبل أجهزة المخابرات الجزائرية لحشد أكبر عدد من المتطوعين للمظاهرة المناهضة للأمم المتحدة في تندوف، بدعم من حوافز مالية مغرية.
الترهيب داخل المخيمات
طوال يوم الاثنين، وأمام رفض صحراويي المخيمات الإذعان لأوامر التظاهر، استخدم قادة «بوليساريو» وميليشياتهم جميع الوسائل لإجبار الممتنعين على الخروج، مستخدمين في بعض الأحيان التهديد بالانتقام.
نقل موقع «فورساتين» (منتدى صحراويي تندوف الداعمين لخطة الحكم الذاتي) أن «سيارات الإسعاف جابت المخيمات، مطلقة صفارات الإنذار، مصحوبة بإعلانات تدعو السكان إلى الخروج والمشاركة في المسيرة، بما في ذلك أطفالهم. إنها محاولة متعمدة لبث الخوف والضغط النفسي على الصحراويين الرافضين للتظاهر، وإجبارهم على ترك وظائفهم وخيامهم لاصطحاب أطفالهم إلى الساحات الكبيرة التي أعدها قادة البوليساريو لهذا الغرض».
إن رفض الصحراويين الحقيقيين الانصياع لأوامر الجزائر بالتظاهر يظهر بوضوح تأييدهم للحل السياسي المتفاوض عليه والهادف إلى إنهاء النزاع حول ملف الصحراء بشكل نهائي. يجد هذا الحل صدى واسعا لدى الأغلبية الساحقة من صحراويي مخيمات تندوف، الذين يرون فيه المخرج الوحيد لإنهاء محنتهم. وهي المحنة التي أشار إليها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في تقريره الأخير إلى مجلس الأمن، مسلطا الضوء على انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والظروف المعيشية بالغة الصعوبة لسكان مخيمات «لحمادة».
إن استبدالهم في مظاهرة يوم الاثنين بجزائريين وأجانب آخرين يثبت عناد النظام الجزائري الذي يستخدم العراقيل لمعارضة جهود تسوية النزاع الذي خلقه حول الصحراء ويريد له أن يستمر.
الجزائر، التي تشغل مقعدا غير دائم في مجلس الأمن حتى نهاية ديسمبر، أعلنت بالفعل، عبر وسائل الإعلام التابعة للرئاسة الجزائرية، أنها لن تشارك في التصويت على قرار الصحراء.
من الواضح أن حالة الذعر الكامل هي التي تقف وراء هذه الفوضى داخل النظام الجزائري. بل يجب توقع الأسوأ في مخيمات تندوف، حيث تستعد ميليشيات «بوليساريو»، مدعومة بوحدات كبيرة من الجيش الجزائري، لتطويق المخيمات، تحسبا لمظاهرات دعم لخطة التسوية التي اعتمدها مجلس الأمن على أساس السيادة المغربية على الصحراء.




