ووفق ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية يعاني هؤلاء من الجوع والعطش والحر، فيما عثر على خمس جثث على الأقل في المنطقة خلال الأسابيع الماضية.
«لا يسمح لنا الليبيون بدخول أرضهم، والتونسيون يمنعوننا من العودة ». بهذه العبارات أكد أحد المهاجرين الأفارقة أن المئات منهم، بينهم حوامل وأطفال، لا يزالون متروكين حتى الأربعاء في رأس جدير في المنطقة العازلة بين ليبيا وتونس بعدما أرسلتهم السلطات التونسية إليها.
ووفق ما أوردته الوكالة، أقام نحو 140 مهاجرا من أفريقيا جنوب الصحراء قالوا إنهم في المنطقة منذ ثلاثة أسابيع، مخيما مؤقتا على حافة مستنقع ملحي، على بُعد 30 مترا من حاجز رأس جدير الحدودي الليبي.
ويحاول رجال ونساء وأطفال تحمل الحر الشديد نهارا والبرد ليلا، بلا مياه أو طعام أو وسيلة للاحتماء من أشعة الشمس والرياح.
وإثر صدامات أودت بمواطن تونسي في الثالث من يوليو، طُرد عشرات المهاجرين الأفارقة من صفاقس ونُقلوا إلى مناطق حدودية مع ليبيا والجزائر.
وفق حرس الحدود الليبي وشهادات جمعتها وكالة الأنباء الفرنسية، فإن مجموعتين أخريين تضم كل منهما نحو مئة شخص، موجودتان في منطقة رأس جدير بين ليبيا وتونس منذ صدامات الثالث من يوليو في صفاقس.
فاطمة امرأة نيجيرية تبلغ 36 عاما انتهى بها المطاف في رأس جدير مع زوجها، بعيدا عن طفلهما البالغ ثلاث سنوات والذي بقي في صفاقس، نقطة الانطلاق الرئيسية للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
وقالت فاطمة « لم أر طفلي منذ ثلاثة أسابيع. أحضرنا الجنود التونسيون إلى هنا. ليس لدينا هاتف أو مال. لا شيء. أخذوا كل شيء منا».
الموت الزاحف « ببطء »
وقال النيجيري جورج (43 عاما) « لا نعلم أين نحن. نعاني هنا، بلا طعام وبلا مياه».
وأضاف « لا يسمح لنا الليبيون بدخول أرضهم، والتونسيون يمنعوننا من العودة. نحن عالقون وسط كل هذا »، مناشدا الدول الأوروبية « المساعدة أو إرسال سفينة إنقاذ ».
وهتف « حياة السود مهمة! »، وانضم إليه أفارقة آخرون رفع أحدهم لافتة كتب عليها « الحكومة التونسية تقتلنا ببطء. نحن بحاجة إلى مساعدة »، فيما كتبت على لافتة أخرى عبارة « نحن لسنا حيوانات».
خلال الأيام العشرة الماضية، آوى حرس الحدود الليبي مئات من المهاجرين الذين عُثِر عليهم يتجولون في الصحراء، جنوب رأس جدير حيث عثر على خمس جثث على الأقل.
ويتقاسم المهاجرون الذين تقطعت بهم السبل في رأس جدير القليل من الطعام والماء الذي يحضره لهم الليبيون عبر الهلال الأحمر المحلي.
وقال مبارك آدم محمد لوكالة لأنباء الفرنسية « النساء والفتيات لا يتحملن هذه الظروف (...) بعد أيام قليلة من وصولنا إلى هنا، أحضر لنا الهلال الأحمر الليبي القماش المشمع » الذي لا يكفي للوقاية من أشعة الشمس الحارقة، داعيا « المنظمات الإقليمية والدولية » إلى التدخل لإجلاء المهاجرين.:
وروى الشاب البالغ 24 عاما « اعتقلتني الشرطة في صفاقس وأحضرتني إلى هنا بالقوة »، مضيفا أنه فر من السودان الذي مزقته الحرب بحثا عن ملجأ في ليبيا أولا، ثم توجه إلى تونس قبل أن « يُلقى القبض عليه مع الآخرين جميعهم ». وقال «الجيش والشرطة التونسيان متمركزان هناك لمنع الناس من العودة إلى تونس».
وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية أن الشرطة التونسية « طردت » نحو 1200 أفريقي إلى مناطق مقفرة قرب ليبيا في الشرق والجزائر في الغرب
ولاحقا، تولى الهلال الأحمر التونسي إسعاف نحو 600 منهم في الجانب الليبي، ومئات في الجانب الجزائري، عبر توزيعهم في مراكز إيواء.
وتبذل السلطات الليبية جهدا كبيرا للتعامل مع أكثر من 600 ألف مهاجر موجودين على أراضيها، وتقدم لهم كميات ضئيلة من المياه والغذاء عبر الهلال الأحمر الليبي.