برنارد لوغان يكتب: 2025.. سنة كارثية بالنسبة للجزائر

Bernard Lugan.

برنارد لوغان

في 23/12/2025 على الساعة 11:00

مقال رأييعد عام 2025 هو الأخطر، حيث بدأت الأسس الوجودية للجزائر تتعرض لمساءلة جادة، مما أظهر بوضوح أن «الأمة الجزائرية» من الناحية التاريخية هي «لا مفهوم».

مع حلول شهر دجنبر، يقترب وقت جرد الحصيلة، وهي بالنسبة للجزائر عام كارثي بامتياز من ثلاث زوايا: دبلوماسية واقتصادية ووجودية.

دبلوماسيا، تلقت الجزائر ضربة قوية بصدور قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2797 الذي كرس سمو مخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، لتنهي عامها بحصيلة دبلوماسية مفجعة. لقد أصبح الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء أمرا واقعا، بينما كانت الجزائر قد راهنت بكل أوراقها على هذه القضية التي افتعلتها بنفسها، بل كانت رهانا حيويا لدولة سخرت كل إمكانياتها لكسر عزلتها القارية وفتح نافذة على المحيط الأطلسي عبر أكذوبة «دولة صحراوية» وهمية.

إضافة إلى ذلك، دخلت الجزائر في خلافات مع جيرانها في منطقة الساحل بسبب إصرارها على اعتبار المنطقة نوعا من «المحمية الجنوبية». وعلاوة على ذلك، أصبحت مصالح الجزائر متعارضة مع مصالح حليفها التاريخي، روسيا، التي تزودها بمعظم أسلحتها؛ فموسكو تدعم باماكو عسكريا، بينما تقف الجزائر إلى جانب الطوارق الذين تراهم السلطات المالية «انفصاليين». وفي ليبيا أيضا، تصطدم مصالح الجزائر بفرنسا وروسيا، حيث ترفض الجزائر، التي تدعم طرابلس ضد بنغازي، وجود قوات «أفريكا كوربس» الروسية التي تقاتل بجانب المشير خليفة حفتر.

وأخيرا، أدى سجن بوعلام صنصال إلى تشويه صورة الجزائر الدولية بشكل كبير، خاصة في البرلمان الأوروبي، حيث فشلت اللوبيات التابعة لها في منع تصويت بالإجماع يطالب بإطلاق سراح الكاتب.

اقتصاديا، تظل الجزائر رهينة تقلبات أسعار المحروقات بسبب تبعيتها المطلقة لها، حيث يوفر النفط والغاز ما بين 95 و98% من الصادرات وحوالي 75% من إيرادات الميزانية. ولم تستوعب الجزائر دروس أزمات 1986 و1990 و1994، إذ لم تنوع اقتصادها بعد. ومع انحصارها في إنتاج أحادي للمحروقات التي يتوقع انخفاض كمياتها القابلة للتصدير بسبب ارتفاع الاستهلاك الداخلي ونضوب الحقول تدريجيا، سيتعين على الدولة تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان يتزايد عددهم بشكل سريع. ففي يناير 2025، بلغ عدد سكان البلاد 46.7 مليون نسمة، مقابل 12 مليونا سنة 1962، بمعدل نمو سنوي قدره 2,15 في المئة، وبزيادة تقارب 900 ألف نسمة سنويا.

«إن سنة 2025 شهدت بداية التشكيك الجدي في الأسس الوجودية للجزائر، ما أظهر بوضوح أن ما يسمى تاريخيا بـ«الأمة الجزائرية» ليس سوى «مفهوم لا مفهوم»»

—  برنارد لوغان

وبما أنها لا تنتج ما يكفي لكساء وعلاج وإطعام مواطنيها، تضطر الجزائر لشراء كل شيء من الخارج؛ وفي سنة 2025، تم توجيه ربع عائدات المحروقات لاستيراد المواد الغذائية الأساسية، التي كانت الجزائر تصدرها قبل سنة 1962.

وفي سنة 2026، ستجد الجزائر نفسها مضطرة لاتخاذ اختيارات اقتصادية مصيرية لكنها سياسيا شديدة الانفجار، خاصة وأن العجز الميزانياتي مرشح لبلوغ 75 مليار دولار سنة 2026، مع توقعات بانخفاض أسعار النفط إلى حدود 60-65 دولارا للبرميل، ما يعني تراجعا في العائدات.

وفي الوقت الذي تتراجع فيه الموارد، تنص ميزانية 2026 على تخصيص 25 مليار دولار للجيش، الذي يلتهم وحده 20 في المئة من الميزانية العامة للدولة. وإذا أضيف إلى ذلك 46 مليار دولار من التحويلات الاجتماعية غير المنتجة، التي تضمن السلم الاجتماعي وتمثل نحو 40 في المئة من الميزانية الوطنية، فضلا عن المبالغ الممنوحة للمستفيدين الريعيين من جمعية المجاهدين، فإن الحصة المتبقية للاستثمارات الضرورية لتنويع الاقتصاد والخروج من منطق الاعتماد الكلي على المحروقات تصبح هامشية.

وفضلا عن ذلك، فإن تراجع قيمة الدينار مقابل الأورو سيزيد من الضغط على الجزائريين. فالراغبون في اقتناء سيارات أو السفر إلى الخارج سيضطرون أكثر فأكثر إلى اللجوء إلى السوق الموازية للحصول على الأورو الضروري. وستكون النتيجة تشديد الحكومة لشروط الاستيراد، ما سيؤدي إلى تفاقم ندرة السلع الاستهلاكية.

وأخيرا، وربما الأخطر من كل ما سبق، فإن سنة 2025 شهدت بداية التشكيك الجدي في الأسس الوجودية للجزائر، ما أظهر بوضوح أن ما يسمى تاريخيا بـ«الأمة الجزائرية» ليس سوى «مفهوم لا مفهوم».

ففي سنة 1830، عندما طردت فرنسا العثمانيين، لم تكن الإيالة التركية للجزائر تسيطر، خارج مدينة الجزائر، سوى على جزء من سهل متيجة وبعض الجيوب. غير أن فرنسا، عندما أنشأت الجزائر ومنحتها اسمها، جمعت كيانات لم يكن لها أبدا أي مصير مشترك. وهكذا تم إلحاق منطقتي القبائل والأوراس بالجزائر الفرنسية، وهما منطقتان لم تستطع الإيالة العثمانية السيطرة عليهما قط. واليوم، تبدو المطالبة القبائلية بشكل متزايد قضية تصفية استعمار غير مكتملة، تدخل ضمن اختصاص الأمم المتحدة، بما أن المنطقة ألحقت بالجزائر دون استشارة سكانها. ولهذا السبب تطالب الحركات القبائلية الأمم المتحدة بإطلاق مسار دولي يتيح للشعب القبائلي ممارسة حقه في تقرير المصير بحرية، داخل حدوده التاريخية السابقة للاستعمار الفرنسي.

وعلاوة على ذلك، فإن فرنسا رسمت حدود أقاليمها في الجزائر، التي أصبحت لاحقا الجزائر المستقلة. غير أن هذه الحدود رُسمت عبر اقتطاع الجزء الشرقي بكامله من المغرب، والجزء الصحراوي من تونس، وأقصى الغرب من ليبيا. لكن عند الاستقلال سنة 1962، وباعتبارها وريثة لفرنسا الاستعمارية التي لا تكف عن التنديد بها، لم تستشر الجزائر السكان المغاربة والتونسيين والليبيين الذين كانوا يعيشون في هذه المناطق المسلوبة، لمعرفة ما إذا كانوا يرغبون في الالتحاق بأوطانهم الأصلية أو في أن يصبحوا مواطنين في الدولة الجزائرية الجديدة.

كل ذلك يجعل الجزائر تظهر بشكل متزايد كدولة استعمارية ترفض تطبيق حق تقرير المصير، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، على سكان الأقاليم المغربية والتونسية والليبية التي منحها لها المستعمر الفرنسي وتعتبرها جزءا منها.

وهكذا ينقلب السحر على الساحر، إذ إن الجزائر لم تتوقف يوما عن التلويح بحجة الاستفتاء في القضية الزائفة والمصطنعة لما يسمى الصحراء الغربية.

تحرير من طرف برنارد لوغان
في 23/12/2025 على الساعة 11:00