أساتذة الجزائر يصرخون في وجه الرئيس: أين وعودك يا عمي تبون؟

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

في 25/02/2025 على الساعة 16:00

فيديوفي الجزائر، حيث تتحول الوعود الانتخابية إلى مجرد سراب في صحراء السياسة، غادر الأساتذة فصولهم الدراسية وخرجوا إلى الشارع بسؤال بسيط ومباشر: « أين وعودك للأستاذ يا عمي تبون؟ ». إنه السؤال الذي دوّى في ساحات الاحتجاج أمام مديريات التربية، لكنه لم يجد سوى القمع والغاز المسيل للدموع إجابة عليه.

الأساتذة الجزائريون، الذين انتظروا تحقيق المكاسب التي وعدهم بها الرئيس عبد المجيد تبون خلال حملته الانتخابية، قرروا التذكير بها ولكن بأسلوبهم الخاص، عبر احتجاجات واسعة حملت شعارا بسيطا لكنه موجع: « أين وعودك يا عمي تبون؟ »

ففي مشهد يختصر حال الجزائريين مع السلطة، وقف الأساتذة أمام مديريات التربية، ليس فقط للمطالبة بحقوقهم، ولكن أيضا لإلقاء درس في الوفاء بالوعود، علّه يصل إلى آذان الرئيس. ولكن كما هو متوقع، لم يكن الرد سوى بالمزيد من القمع، وكأن الشرطة الجزائرية باتت الفرع التنفيذي الوحيد للحكومة!

إضرابات بلا نهاية!

يشهد قطاع التعليم بالجزائر موجة من الاحتجاجات، بعد إعلان أربع نقابات تمثيلية شن إضرابات سلمية احتجاجا على القانون الأساسي لموظفي القطاع والنظام المالي التعويضي الصادر مؤخرا.

ودعا تكتل نقابي لمنتسبي قطاع التربية والتعليم في الجزائر إلى حركة واسعة ضد القانون الأساسي الجديد لموظفي القطاع الذي أفرجت عنه الحكومة مؤخرا.

هذه الحركة الجديدة جاءت بعد أسبوع من توقف إضراب تلاميذ الطور الثانوي الذين شلوا الثانويات للمطالبة بتقليص الحجم الساعي للدراسة والمناهج التي يدرسونها.

ويصف الأساتذة هذا القانون الأساسي الجديد بـ«المهزلة التشريعية»، حيث جاء –حسبهم- مخيبا للآمال أكثر مما كان متوقعا. لا تحسين للأجور، ولا إنصاف للحقوق، ولا حتى ضمانات تحمي كرامة الأستاذ.

ولأن سلطات الجزائر لا تتقن سوى فن الوعود، فإن الأساتذة ردوا بلباقة بمثل أسلوبها الخاص: « إضرابات كل ثلاثاء وأربعاء، وموجة احتجاجات سلمية لا تنتهي إلا بتحقيق المطالب ». فلا أحد يريد أن يقع في الفخ نفسه مرتين، حيث يتحول الحلم بـ »إصلاحات جذرية » إلى مجرد مسكنات كلامية في خطابات رسمية لا تسمن ولا تغني من جوع.

وواجهت سلطات النظام العسكري الدكتاتوري هذه التحركات بإجراءات أمنية مشددة، شملت اعتقالات ومضايقات للمحتجين، وهو ما اعتبرته النقابات انتهاكا صارخا لحق التظاهر السلمي، مؤكدة عزمها على مواصلة الاحتجاج حتى تلبية مطالبها.

عندما يصبح المُطالِب بالحقوق مجرما!

تشمل مطالب النقابات مراجعة النظام التعويضي، ورفع المنح والعلاوات، مع احتساب الأثر الرجعي للزيادات منذ يناير 2024.

كما تحتج على إقصاء بعض النقابات المستقلة من الحوار، معتبرة أن سلطات نظام العسكر تسعى إلى تهميش الأصوات المعارضة.

وفي المقابل، تحاول وزارة التربية إسكات أصوات المحتجين المتصاعدة وتحثهم على ضرورة الالتزام بالقوانين المنظمة للعمل النقابي.

وانتشرت مقاطع فيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي توثق لاعتداء السلطات الجزائرية على مجموعة من الأساتذة خلال وقفة يطالبون فيها بحقوقهم المشروعة، حيث أمعنت شرطة نظام العسكر الحاكم في البلاد في التنكيل بهم في مشهد يسيء لرجال التعليم بالجارة الشرقية.

وتداولت صفحات إلكترونية شهادة صوتية لأحد الأساتذة وهو يروي ما وقع خلال إحدى المظاهرات السلمية لهم، كاشفا أن الشرطة الجزائرية تصعق المحتجين بالكهرباء، قبل اعتقالهم داخل سيارات الشرطة والتنكيل بهم.

وكشفت التعليقات أن النظام العسكري الجزائري لا يحترم البتة مواطنيه بهذه الأساليب القمعية الترهيبية، من أجل إخراس أساتذة لا حول لهم ولا قوة، يطالبون بأبسط الحقوق.

الترهيب بدل الحوار

فيما كانت نقابات التعليم تناضل من أجل تحسين أوضاع الأساتذة، كانت سلطات النظام منهمكة في شيء آخر تماما: تنظيم حملة إعلامية مضادة، حيث أوعز نظام العسكر الدكتاتوري كعادته إلى أذرعه الإعلامية لشن حملة تشويه شرسة في حق الأساتذة، فتحوّلت بعض القنوات إلى منابر للتشكيك في مطالب الأساتذة، متهمة إياهم بمحاولة « إجهاض » العام الدراسي، واعتبرتهم « مخربين » لا يستحقون إلا العصا الغليظة.

ولم تكتف وسائل الإعلام الرسمية بترديد أسطوانة الوزارة المشروخة، التي تتحدث عن « التزام الحكومة بتحسين وضعية الأساتذة »، في الوقت الذي تتعامل معهم بالعصي والهراوات، بل فسحت المجال للنقابات غير التمثيلية للرد على مطالب الأساتذة المضربين، في غياب أي تغطية لإضرابات قطاع التربية في الإعلام الرسمي.

سياسة الوعود الكاذبة

وبينما تواصل الحكومة ترديد شعاراتها الجوفاء، قرر الأساتذة مخاطبة تبون بلغته المفضلة، تلك التي يستحضرها كلما أراد استعطاف الشعب. إذ خاطبه أحد الأساتذة المحتجين قائلا: « يقول الله عز وجل: وأوفوا بالعهد، إن العهد كان مسؤولاً »، لكن يبدو أن تبون بارع في إلقاء الوعود، بينما هو ضعيف جدا في الوفاء بها.

لقد بعث رجال التعليم برسالة واضحة إلى رئيس الجمهورية: « الوعد ليس مجرد كلمة تُقال، بل مسؤولية يجب تحملها ». لكن في جزائر اليوم، حيث تتكلم العصا أكثر من الحوار، يجد الأساتذة أنفسهم مجرد رقم جديد في قائمة طويلة من الذين خدعتهم وعود « عمي تبون ». وما كان يُفترض أن يكون إصلاحا، لم يكن سوى فصلا جديدا في مسرحية سياسية كتبها النظام العسكري، وأداها الرئيس ببراعة، تحت عنوان: « الكذب.. سياسة دولة! »

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 25/02/2025 على الساعة 16:00

مرحبا بكم في فضاء التعليق

نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.

اقرأ ميثاقنا

تعليقاتكم

0/800