الجزائر: محمد تجاديت شاعر «الحراك» الجريء يُسجن مجددا ويدخل في إضراب عن الطعام

محمد تجاديت شاعر الحراك الجزائري

في 21/11/2025 على الساعة 11:23

في يوم الثلاثاء الموافق 11 نونبر الجاري، أصدر قضاء النظام الجزائري غير العادل حكما على الشاعر محمد تجاديت (31 عاماً)، بالسجن 5 سنوات وغرامتين ماليتين مجموعهما 700 ألف دينار.

المتهم محمد تجاديت، المعروف باسم «شاعر الحراك»، والذي أدين للمرة الألف منذ عام 2019 بسبب تعبيره الحر والتأثير الذي لا يمكن قمعه لكلماته، دخل قبل عدة أيام في إضراب عن الطعام احتجاجا على سجنه الجائر.

وبعد أن تم توقيفه ومحاكمته وإدانته عدة مرات بعقوبات سالبة للحرية، وحصوله على عفو مرتين من الرئيس عبد المجيد تبون، يعود الناشط والشاعر الملهم لـ«الحراك» محمد تجاديت إلى السجن مرة أخرى.

في 11 نونبر الجاري، حكمت عليه محكمة بالجزائر العاصمة بالسجن الجنائي لمدة 5 سنوات بموجب المادة 87 مكرر الشهيرة من قانون العقوبات الجزائري الجديد لسنة 2024، والذي يوصف بأنه أكثر النصوص القانونية تقييدا للحرية على وجه الأرض.

بسبب نشره، كعادته، كتابات نقدية ضد النظام، وُجّهت إلى محمد تجاديت تهم وصفها محاميه فتى سادات في بيان بأنها تهم «مثيرة للسخرية» بكل بساطة. فوفقا للبيان، أدين تجاديت بتهمة «جناية الإشادة بالأعمال الإرهابية، واستخدام تكنولوجيات الإعلام لدعم كيانات إرهابية، ونشر أفكار ذات طابع إرهابي، وإهانة هيئة نظامية، والمساس بالمصلحة الوطنية من خلال منشورات علنية، والتحريض على تجمع غير مسلح».

كما حُكم على تجاديت بغرامة قدرها 200 ألف دينار، بالإضافة إلى 500 ألف دينار يتعين دفعها كتعويض مدني لصالح الوكيل القضائي للخزينة العمومية.

في الواقع، تم النطق بهذا الحكم ثلاث مرات بالفعل خلال عام 2025 وحده. أولا، في يناير 2025، عندما تم توقيفه ثم الحكم عليه بالسجن 5 سنوات بسبب منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي لم ترقَ للسلطة. في ماي 2025، أعيدت محاكمته استئنافيا وخُففت عقوبته إلى عام واحد في السجن.

ولكن بينما لم يتبق له سوى أقل من شهرين لقضائها، تم تشديد عقوبة تجاديت مرة أخرى باللجوء إلى المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري الجديد، ما أدى إلى تحويل شاعر إلى «إرهابي». وهو مصير يذكر بأزمنة كنا نظن أنها ولت، على غرار الحياة المحطمة لكل من فيديريكو غارثيا لوركا وبابلو نيرودا على يد الديكتاتورية.

تجدر الإشارة إلى أن إدانة تجاديت جاءت قبل ساعات قليلة فقط من العفو الرئاسي الممنوح للكاتب الفرنسي الجزائري الكبير بوعلام صنصال في 12 نونبر، قبل أن يتم الإفراج عنه ونقله إلى ألمانيا في اليوم نفسه.

لقد فشلت محاولة النظام الجزائري في التعتيم على قضية تجاديت بقضية صنصال، التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة، فشلا ذريعا، لأن «شاعر الحراك» أعلن فوره إضرابا عن الطعام، ما سلط الأضواء على الظلم الذي يتعرض له منذ عام 2019.

ففي 19 دجنبر 2019، أي بعد أسبوع واحد فقط من وصول تبون إلى الرئاسة الجزائرية، حُكم على تجاديت لأول مرة بالسجن 18 شهرا بتهمة «المساس بالوحدة الوطنية»، وذلك أثناء مشاركته في تجمع للمطالبة بالإفراج عن معتقلي «الحراك». وسيتم العفو عنه بعد أسبوعين، في 2 يناير 2020، من قبل تبون، الذي أظهر تساهلاً مع السجناء في بداياته، للاستفادة من وضع ابنه خالد، الذي كان حينها في السجن بسبب قضايا مافيا تتعلق بتهريب الكوكايين على صلة بقضية كمال البوشي السيئ السمعة.

في غشت 2020، وفي خضم جائحة «كوفيد»، اعتقل تجاديت مرة أخرى في منزله وحُكم عليه بالسجن بسبب قصيدة نشرها على شبكات التواصل الاجتماعي تنبأ فيها بسقوط نظام الجنرالات الفاسدين ودميتهم التي أُنزل بها بالمظلة في «المرادية».

يمكن قراءة الأبيات التالية من تلك القصيدة:

«... لقد كسروا (الجنرالات) القانون بقوة الشر...

سنقضي على هذا الاستعمار الذي باع البلد من تحت الطاولة

سنقضي على الجنرالات

ومعهم شرطتهم السياسية التي لا تتوقف عن إلحاق الضرر والتي اتخذت من فرنسا «مكة» لها (ممتلكات مكتسبة بطرق غير مشروعة)

انسوا أن تجعلوا منا إرهابيين!

نظامكم ضعيف

عيوبكم واضحة

ليسقط تبون...».

ظل تجاديت رهن الحبس المؤقت حتى يناير 2021، دون أن يُحاكم بعد هذه الأبيات اللاذعة. وبعد أربعة أشهر، أحدث ضجة عندما كشف عن فضيحة هزت الشرطة الجزائرية. ففي 4 أبريل 2021، نشر على صفحته على «فيسبوك» تصريحات متظاهر شاب من «الحراك»، لا يزال قاصرا، أكد أنه تعرض لاعتداء جنسي من قبل شرطي داخل مقر أحد مراكز الشرطة. ووُجهت حينها لتجاديت تهمتا «التشهير» و«إهانة موظف».

هذه الصرخة الصادقة، هذا التمرد على وحشية نظام قمعي متسامح تجاه جنوده الذين يعتدون جنسيا على الأطفال، كلفتته إقامة جديدة في السجن، استمرت حتى 7 غشت 2022.

تلت ذلك عدة اعتقالات واحتجازات أخرى مؤقتة خلال سنوات 2023 و2024 و2025. وخلال لحظات حريته النادرة، ظل هذا الشاب الذي يصر على إبقاء شعلة «الحراك» متقدة على شبكات التواصل الاجتماعي، تحت مراقبة مشددة من قبل عناصر قوات الأمن، الذين يتمركزون باستمرار بالقرب من منزله العائلي ويلاحقونه كظله خلال تنقلاته في المدينة.

وبغض النظر عن عقوبة السجن 5 سنوات التي صدرت عليه للتو، أمضى محمد تجاديت أكثر من 66 شهرا في السجن منذ عام 2020، إما بسبب المشاركة أو الدعوة إلى تجمعات، أو لنشره كتابات تنتقد النظام.

تعد حالة محمد تجاديت مأساة رهيبة، لأنه شاب لم يتجاوز 30 عاما، جعل من الشعر سلاح مقاومة ضد نظام تعسفي. وعلى غرار كبار الشعراء، لدى محمد تجاديت قناعة راسخة بأن الشعر يمكن أن يغير بلدا، ويمكن أن يغير العالم. ويظهر الذعر الذي يوحي به للنظام في الجزائر أن هدفه الأسمى ممكن التحقيق.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 21/11/2025 على الساعة 11:23