النظام الجزائري يدعي دعم «الشعب الصحراوي» في تندوف بينما يمنعه من التواصل مع العالم

مخيمات تندوف

مشهد من مخيمات تندوف حيث يحتجز النظام العسكري ودميته بوليساريو آلاف الصحراويين. DR

في 30/12/2024 على الساعة 19:30

فيديوخلال خطابه أمام مجلسي البرلمان الجزائري أمس الأحد 29 دجنبر 2024، أكد الرئيس عبد المجيد تبون أن النظام سيستمر في ما يصفه بمساندة «القضية الصحراوية»، مشددا على ضرورة تمكين «الشعب الصحراوي» من التعبير عن صوته حتى تحقيق تقرير المصير. من يستمع إلى هذا الخطاب سيعتقد أن الشعب الصحراوي (المحتجز في مخيمات تندوف)، الذي يتحدث تبون باسمه بوصاية مطلقة، يحظى بكل الحقوق.. بيد أن الواقع على الأرض يعكس صورة معاكسة تماما، حيث يواجه هؤلاء المحتجزين تضييقات خانقة على أبسط حقوقهم الأساسية، وفي مقدمتها حق الاتصال والتواصل.


كشف منتدى «فورساتين» أن الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف باتوا عاجزين عن شراء خطوط الهاتف من شركة «موبيليس» الجزائرية، منذ يوم 26 دجنبر 2024، وذلك بسبب قرار الشركة وقف التعامل مع البطاقات الصادرة عن الجبهة الانفصالية.

وأوضح المنتدى الناشط في مخيمات تندوف والمعارض لجبهة بوليساريو الانفصالية، أن السلطات الجزائرية فرضت قيودا جديدة تمنع الصحراويين من شراء خطوط الهاتف من شركة «موبيليس» الحكومية باستخدام بطاقات الهوية الصادرة عن الجبهة الانفصالية. وحسب المنتدى، فقد بررت شركة الاتصالات هذا القرار بـ«عدم توافق البطاقات مع التحديثات التقنية الأخيرة، التي تتطلب وجود رمز NFC المفقود في البطاقات الحالية ».

وأضاف «فورساتين» أن هذا الإجراء يكشف الوجه الحقيقي للسياسات الجزائرية التي تستهدف خنق حرية الصحراويين وعزلهم عن العالم الخارجي.

حرمان متعمد من الحقوق الأساسية

أفاد « فورساتين »، المنتدى الداعم للحكم الذاتي في تندوف، بأن هذا القرار إنما يهدف إلى قطع الاتصال بين سكان المخيمات ونظرائهم في المناطق الصحراوية المغربية، حيث تتيح التكنولوجيا الحديثة الوصول إلى معلومات تكشف واقعا مغايرا للخطاب الذي يروجه النظام الجزائري.

ورغم أن شركة «موبيليس»، التي تعد من أبرز شركات الاتصالات الجزائرية، ملزمة قانونيا بتقديم خدماتها لكل سكان الجزائر دون تمييز، فإنها اختارت اتباع تعليمات سياسية تحرم آلاف الصحراويين من حقهم في امتلاك خطوط هاتفية.

انتهاكات حقوقية صارخة

يعد منع سكان المخيمات من الحصول على خدمات الاتصالات انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الاتصال، وحرية التنقل، والحق في التملك والعمل. وهي حقوق يكفلها القانون الدولي ولا ينبغي أن تكون رهينة نزاع سياسي مصطنع.

كما أن الذريعة التقنية وراء هذا القرار تخفي نوايا سياسية واضحة تهدف إلى عزل سكان المخيمات عن العالم الخارجي ومنعهم من التواصل مع نظرائهم في المغرب، حيث يستمتعون بحقوق وحرية لا تُقارن بوضعهم داخل المخيمات.

ووفقا لمنتدى « فورساتين »، فإن هذا التضييق لا يهدف سوى إلى تعزيز السيطرة الأمنية على المخيمات التي تستغلها الجزائر كورقة ضغط في صراعها مع المغرب، متجاهلة الظروف القاسية التي يعيشها الصحراويون.

انفتاح يزعزع سيطرة النظام

منذ تأسيس شركة «موبيليس» في عام 2003، وهي تابعة لمجمع «اتصالات الجزائر»، لعبت دور الأداة الرئيسية التي يتحكم بها النظام الجزائري في توفير خدمات الاتصال داخل مخيمات تندوف.

وأشار المنتدى إلى أن السلطات الجزائرية وقيادة البوليساريو تشعران بتهديد متزايد نتيجة الانفتاح الذي أتاحته وسائل الاتصال الحديثة لسكان المخيمات. فقد أصبح الصحراويون أكثر وعيا بالفوارق الشاسعة بين ظروف عيشهم في المخيمات والواقع المعيشي في المناطق الصحراوية المغربية.

وحسب المصدر ذاته، فإن هذا الوعي المتنامي يعمق الهوة بين السكان والنظام الجزائري، الذي لم يعد قادرا على تبرير سياساته القمعية.

تناقض الخطاب مع الواقع

في الوقت الذي يواصل الرئيس الجزائري زعمه أمام المنتظم الدولي بشأن مساندة « القضية الصحراوية »، يكشف هذا الإجراء التعسفي عن تناقض صارخ بين خطابه وواقع السياسات التي ينتهجها النظام الجزائري.

فبدلا من تمكين الصحراويين من تقرير مصيرهم، يسعى النظام إلى تقييد حريتهم وإبقائهم رهائن في مخيمات تعاني من العزلة والفقر، مما يسلط الضوء على ازدواجية المعايير التي تحكم تعامله مع هذه القضية.

إن الاستمرار في خنق حرية الصحراويين في الاتصال والتواصل هو دليل آخر على أن النظام الجزائري يستخدم « القضية الصحراوية » كوسيلة لتحقيق مصالحه الإقليمية، بينما يتجاهل، بل ويدوس، حقوق وكرامة الأشخاص الذين يدعي الدفاع عنهم.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 30/12/2024 على الساعة 19:30