رئاسيات الجزائر: الطريق سالكة أمام تبون.. والشعب والمعارضة يائسون من جدوى «المسرحية» الانتخابية

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

عبد المجيد تبون، المرشح الأوفر حظا للفوز برئاسيات الجزائر 2024. DR

في 01/08/2024 على الساعة 19:00, تحديث بتاريخ 01/08/2024 على الساعة 19:00

بعدما صادقت المحكمة الدستورية الجزائرية أمس على الملفات الثلاثة المرشحة لخوض الانتخابات الرئاسية المتوقعة يوم 7 شتنبر المقبل، تأكد للجزائريين أن الطريق باتت سالكة أمام المرشح الأوفر حظا، عبد المجيد تبون، مثلما تبين لهم أكثر من أي وقت مضى « لا جدوى » هذه « المسرحية » الانتخابية المحسومة النتائج.


صادقت المحكمة الدستورية في الجزائر، الأربعاء 31 يوليوز، على ملفات ثلاثة مرشحين للانتخابات الرئاسية، بينهم الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون، في حين رفضت الطعون الأربعة التي قدمت من مرشحين، الأسبوع الماضي.

وقال رئيس المحكمة عمر بلحاج في كلمة بثها التلفزيون المحلي إن المحكمة « وافقت على ثلاثة ترشيحات، هم حسب الترتيب الأبجدي يوسف أوشيشي عن حزب جبهة القوى الاشتراكية (يسار)، عبد المجيد تبون مرشحا مستقلا، وعبد العالي حساني شريف عن حزب حركة مجتمع السلم (إسلامي) ».

وهكذا أصبح الطريق سالكا أمام تبون للفوز بولاية رئاسية ثانية، مدعوما من الجيش والأحزاب الموالية والعديد من الشخصيات التي تدور في فلك السلطة، فيما انخرط الإعلام الرسمي في حملة انتخابية سابقة لأوانها لتوجيه الرأي العام وحث الناخبين على التصويت لـ »عمي تبون » باعتباره « رجل المرحلة المقبلة »، ناهيك عن المناشدات التي حثته على الترشح لعهدة ثانية بدعوى أن استمراره في الحكم « ضروري لاستكمال تنفيذ برنامج الجزائر الجديدة ».

تبون الأوفر حظا

يحظى عبد المجيد تبون (78 سنة) بدعم من أحزاب الأغلبية البرلمانية المكونة من جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وجبهة المستقبل، وحركة البناء، إضافة إلى النواب المستقلين.

وانتخب تبون عام 2019 خلفا للرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي اضطر الى الاستقالة بضغط من الجيش والحراك الشعبي الذي انتفض ضد العهدة الخامسة لبوتفليقة، بعد قضائه 20 عاما في رئاسة الجزائر، الغنية بالمحروقات والتي تعد أول مصدر للغاز في إفريقيا.

وثاني المرشحين هو عبد لعالي حساني شريف (62 سنة) هو رئيس حزب حركة مجتمع السلم الإسلامية منذ سنة. وهو مهندس أشغال عمومية ونائب سابق في البرلمان (2007-2012). وكانت الحركة قد امتنعت عن المشاركة في انتخابات 2019.

أما يوسف أوشيشي (41 سنة) فهو الأمين الوطني الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية منذ 2020، وهو صحافي سابق وعضو في مجلس الأمة، الغرفة الثانية للبرلمان.

فقدان الثقة في الانتخابات

عبر محمد هناد، أستاذ العلوم السياسية السابق بجامعة الجزائر، عن قلقه إزاء تدهور المستوى السياسي للمرشحين في كل مرة بسبب « فقدان الثقة » في الانتخابات.

في مقال نشره هناد على صفحته الفيسبوكية، يشير أستاذ العلوم السياسية إلى أن هذا الفقدان للثقة وصل إلى درجة تجعل الجزائريين يتساءلون عن جدوى تنظيم انتخابات في الجزائر، خاصة وأن الحملة الانتخابية ستجرى في منتصف الصيف.

لا يملك المواطن إلا أن يلحظ تدني المستوى السياسي للمترشحين في كل مرة بسبب فقدان الثقة في الانتخابات. لقد بلغ فقدان الثقة...

Publiée par Mohamed Hennad sur Mercredi 31 juillet 2024

ويؤكد أن المرشحين يدركون أن مرشح « التحالف » سيفوز دون أي شكليات، مشيرا إلى رد وزير الخارجية أحمد عطاف على سؤال حول زيارة الرئيس تبون إلى باريس، مما يظهر أن الانتخابات الرئاسية غير مؤثرة.

وقال هناد إن المرشحان الآخران يدركان بأن تبون « سيفوز في الجولة الأولى بفارق كبير، مما يجعل ترشحهما مجرد تواطؤ مع النظام الاستبدادي ويساهم في فساد العملية الانتخابية والسياسية في البلاد ».

ويتوقع أستاذ العلوم السياسية أن تفرز نتائج الانتخابات لصالح تبون بنسبة تزيد عن 60%، مع نسبة مشاركة مشابهة لما كانت عليه سنة 2019. وعبر هناد عن قلقه من كون السلطة لا تعتبر ضعف نسبة المشاركة مشكلة، مما يعكس فقدان ثقة المواطنين في العملية السياسية وعدم اهتمامهم بالشأن العام.

عملية شكلية لا طائل منها

توالت الانتقادات من المعارضة الجزائرية للعملية الانتخابية، إذ نشر 11 معارضا جزائريا بارزا، رسالة مفتوحة تدين « المناخ الاستبدادي » المحيط بالانتخابات، وتدعو إلى انتقال ديمقراطي واسع.

ودعا معارضون، بينهم سياسيّون ومحامون وأكاديميّون معروفون، إلى انتقال ديمقراطي شامل، وذلك في رسالة مفتوحة نشروها قبل أيام. ووصفت تلك الشخصيات، انتخابات 7 شتنبر القادم، بـ »عملية شكلية لا طائل منها ». وقالوا إنّ « غياب الحريات المدنيّة يجعل من المستحيل إجراء انتخابات شرعية ». وأضافوا أنّ: « الجزائر اليوم في وضع أكثر حرجاً من ذي قبل، في ظلّ آفاق معقدة وخطيرة ».

وجاء في الرسالة: « لا للمهزلة الانتخابية في ظل الديكتاتورية!.. نعم للديمقراطية الحقيقيّة والسّيادة الشعبيّة ». كما أكّدوا فيها على أنّ السياسة الأمنيّة التي تنتهجها الحكومة في التحضير للانتخابات « تواصل الدوس على إرادة الشعب ».

واتهم تقرير حديث صادر عن منظمة العفو الدولية، السلطات الجزائرية، بتصعيد « قمعها للحق في حرية التعبير والتجمع السلمي على مدى السنوات الخمس الماضية، من خلال استهداف الأصوات المعارضة الناقدة، سواء كانت من المحتجين أو الصحفيين أو أشخاص يعبّرون عن آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي، عن طريق إساءة استخدام قانون مكافحة الإرهاب ضدهم ».

اليأس الشعبي والواقع المرير

يرى العديد من الجزائريين أن نتائج الانتخابات الرئاسية محسومة مسبقا، وسط انتقادات للمعارضة السياسية التي لم تغادر مربع الولاء للسلطة، فيما يرى البعض أن الاستحقاق الانتخابي لا يعدو أن يكون سوى ذرا للرماد في العيون، في وقت يزداد فيه تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن التراجع المتواصل للحريات، ما دفع بالكثير من الشباب إلى الهجرة هربا من جحيم البلاد الغنية بالغاز والبترول، فيما يذهب بعض المواطنين إلى حد القول إن بلد « القوة الضاربة » تحول إلى مجرد « زنزانة كبيرة ».

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 01/08/2024 على الساعة 19:00, تحديث بتاريخ 01/08/2024 على الساعة 19:00