برنارد لوغان يكتب: الانتخابات البلدية بجنوب إفريقيا تخلط أوراق اللعبة السياسية

برنارد لوغان، مؤرخ فرنسي متخصص في التاريخ الإفريقي

برنارد لوغان، مؤرخ فرنسي متخصص في التاريخ الإفريقي . DR

في 04/01/2022 على الساعة 15:00

أدت الانتخابات البلدية في نونبر 2021 إلى إعادة خلط الأوراق في جنوب إفريقيا. يواصل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، حزب نيلسون مانديلا، انحداره البطيء والحتمي؟ فهو يدفع ثمن فساد العديد من قادته وثمن إدارته الكارثية والصراعات الداخلية بين فصائله المصلحية والزبونية والعرقية.

تشكل الانتخابات البلدية، التي جرت يوم الاثنين فاتح نونبر 2021، قطيعة في الحياة السياسية لجنوب إفريقيا لأنها تمثل نهاية الهيمنة المطلقة لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي على المشهد السياسي للبلاد، وظهور قوى عرقية أو فئوية جديدة. وإذا ظل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي هو الحزب الأول في البلاد، فإن انحداره يتسارع لأنه بعد أن حصل على 69.4٪ و 54.5 ٪ من الأصوات في الانتخابات البلدية لعامي 2011 و 2016، فإن حزب نيلسون مانديلا لم يحقق في سنة 2021 إلا على 46.05 ٪ فقط من أصوات الناخبين. ومن ثم فهو يدفع ثمن فساد العديد من قادته وثمن إدارته الكارثية والصراعات الداخلية بين فصائله المصلحية والزبونية والإثنية.

الأحزاب الفائزة

حققت خمسة أحزاب، اثنان منها جديدان، اختراقات ملحوظة. ثلاثة منهم من إثنية تمثل الزولو والملونون والأفريكان. ومع ذلك، فهذه الأحزاب ليس لديها امتداد وطني ونتائجها الجيدة مرتبطة فقط بالإنثية التي تمثلها.

حزب الحرية إنكاثا

خرج حزب الزولو القديم من سباته العميق. في قلب كوازولو ناتال التقليدي، يتقدم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي. تفسير هذا النجاح إثني: فإثنية الزولو التي كانت تصوت لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي عندما كان هذا الحزب يقوده جاكوب زوما المنتمي إلى هذه الإثنية، عاد بشكل طبيعي ليصوت على حزب الزولو، أي حزب الحرية إنكاثا، بعد الإطاحة بجاكوب زوما.

جبهة الحرية/فريهيد

حزب جبهة الحرية/فريهيد، وهو حزب الأفريكان، ضاعف عدد مقاعده بثلاث مرات.

التحالف الوطني

حزب التحالف الوطني، الوافد الجديد على المشهد السياسي، يعبر علنا عن أنه يمثل إثنية الملونين، أو ذوو الأعراق المختلطة بكيب تاون، الذين ليسوا هجينا من البيض والسود، ولكن من البيض والكويسان. وهم يتكلمون لغة الأفريكان.

مناضلون من أجل الحرية الاقتصادية

حقيقة أن حزب مناضلون من أجل الحرية الاقتصادية الذي يقوده جوليوس ماليما حقق تقدما بنسبة 2.3٪ مقارنة بعام 2016، إلا أنه فشل في تحقيق طموحه في دحر حزب المؤتمر الوطني الإفريقي وبالتالي الوصول إلى السلطة التي يحلم بها. جوليوس ماليما هو ديماغوجي يفرض نفسه بخطابه الشرس المناهض للبيض على أكثر الفصائل عنصرية في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي.

حزب أكشنسا

حقق حزب أكشنسا (Action South Africa-SA)، الذي يتقدم للمرة الأولى للانتخابات، نتائج جيدة في المناطق التي كان لديه بها مرشحين. رئيسه المؤسس هو هيرمان ماشابا، وهو رجل أعمال جمع ثروته من خلال إنشاء "أسود مثلي"، وهي سلسلة صالونات حلاقة الشعر ومحلات لبيع المنتجات خاصة بالأفارقة.

كان قد انضم إلى التحالف الديمقراطي، وأصبح عمدة جوهانسبرغ قبل أن يستقيل من هذا الحزب.

حزب أكشنسا منفتح وغير أيديولوجي ويتفاهم جيدا مع البيض ويرفض أي تحالف مع حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بسبب الفساد المستشري بين أعضائه وعدم كفاءتهم في تدبير الشأن العام.

الأحزاب الخاسرة

حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، حزب نيلسون مانديلا، الذي ظل في السلطة منذ عام 1994 والتحالف الديمقراطي، معارضه المؤسساتي ووريث الديمقراطيين البيض الناطقين بالإنجليزية الذين ناضلوا قبل عام 1994 ضد الحزب الوطني، هما أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات.

التحالف الديمقراطي

بالرغم من تراجعه بنسبة 5٪ مقارنة بعام 2016، يظل التحالف الديمقراطي القوة السياسية الثانية في البلاد. احتفظ بالأغلبية في كيب تاون، لكنه خسرها في عدة مناطق في ويسترن كيب حيث كان عليه تشكيل ائتلاف مع التحالف الوطني. انهزم أمام حزب أكشنسا في جوهانسبرغ ودفع ثمن أفرقة (africanisation) الحزب الذي أدى إلى نفور الناخبين الأفريكانيين الذين تحولوا إلى جبهة الحرية/فريهيد وجزء من الناخبين الملونين الذين ابتعدوا عنه وتحولوا إلى التحالف الوطني الذي يقوده جايتون ماكنزي.

المؤتمر الوطني الأفريقي

يواصل الحزب التاريخي والذي ناضل ضد نظام الأبارتهايد اندحاره البطيء والحتمي. بدون أغلبية في 5 من أكبر 8 بلديات في البلاد، يضطر الحزب إلى التفاوض من أجل تشكيل ائتلافات، إما مع التحالف الديمقراطي وحزب أكشنسا، أو مع حزب مناضلون من أجل الحرية الاقتصادية الذي يقوده جوليوس ماليما. أطلقت الانتخابات إشارات مقلقة بشأن مستقبل هذا الحزب الذي كان مهيمنا على المشهد السياسي إلى وقت قريب.

وفضلا عن ذلك، يواجه سيريل رامافوزا ضغوطا من الفصيل الموالي لزوما في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، والذي يستخدم نتائج الانتخابات السيئة للمطالبة برحيله. حتى أن جاكوب زوما دعا إلى تمرد كوادر وأطر الحزب. بدعم من فصيل التحول الاقتصادي الراديكالي القريب من حزب جوليوس ماليما، يهدف إلى الإطاحة بالرئيس رامافوزا خلال الانتخابات لرئاسة الحزب التي ستعقد في عام 2022. وبالتالي، فإن منصب الرئيس أصبح حساسا بشكل متزايد.

من المنتظر أن يتقرر مصير حزب المؤتمر الوطني الإفريقي باعتباره الحزب المهيمن في الانتخابات الوطنية المقبلة في عام 2024.

تحرير من طرف برنارد لوغان
في 04/01/2022 على الساعة 15:00