القصاصة طويلة جدا. ولضمان صحة وموثوقية المعلومات التي تحتوي عليها، تم توقيعها من مكتب الرياض (المملكة العربية السعودية) التابع لوكالة الأنباء الجزائرية. ماذا تتضمن هذه القصاصة؟ تؤكد أن شركتين نفطيتين مصريتين تعتزمان استثمار ثروة في "الصحراء الغربية". ويتعلق الأمر بشركة "خالدة" للبترول وشركة قارون للبترول اللتان قررتا "استثمار أكثر من مليار دولار في مجال التنقيب عن النفط في الصحراء الغربية".
وأضافت الوكالة الجزائرية أن شركة خالدة للبترول تنوي إنتاج 130 ألف برميل من النفط الخام والسوائل، بالإضافة إلى 630 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي ، لشركة خلدا للبترول، مكررة بشكل أعمى المعلومات التي قدمتها قناة العربية السعودية (مجموعة إم بي سي). بالنسبة لشركة قارون للبترول، فإنها تعتزم إنتاج 9 ملايين برميل من النفط الخام سنويا. كل ذلك بعد عامين فقط.
سنغض الطرف عن احتجاج الوكالة الجزائرية على هذه الأخبار وعلى "عدم شرعية" المشاريع المعنية.
© Copyright : DR
لكن النقطة المهمة هي أن كل شيء في هذه القصاصة خاطئ. فإذا كانت الاستثمارات المعلنة صحيحة فستتم في "الصحراء الغربية".. المصرية. من المفهوم أن التسمية "الغربية" هي تسمية جغرافية بسيطة وليست إشارة إلى أي كيان. لكن هذه الوكالة الجزائرية التي اعتادت اتخاذ ردود أفعال مرَضية كلما ذكر اسم "الصحراء" لا تعرف هذا الأمر.
الأمر لا يتعلق فقط بخطأ مهني جسيم من خلال الخلط بين منطقتين جغرافيتين، بل إن وكالة الأنباء الجزائرية تفتقر أيضا إلى الحس السليم، لأن منذ إطلاق مشاريع استغلال النفط، مع توقعات كمية وعلى المدى القصير جدا، يفترض أنه تم إثبات وجود النفط وتوافره. غير أنه فيما يتعلق بالصحراء المغربية، لا شيء من ذلك حاصل.
إذا كانت وكالة الأنباء الجزائرية تعمل بشكل دائم على نشر الأكاذيب والأخبار غير الصحيحة، بل وذهبت إلى حد الادعاء بأن حربا حقيقية تدور رحاها بين انفصاليي البوليساريو والقوات المسلحة الملكية، فإن الخطأ المرتكب هذه المرة ينم عن هوس جزائري اتجاه كل ما يتعلق بمسألة الصحراء.
"لنكن واضحين، بالنسبة للجزائر، السؤال هو أولا وقبل كل شيء نفسي... من خلال البوليساريو، تواصل الجزائر معاكستها لحقوق المغرب. سياسة تنبع من العناد وتهدد السلام الإقليمي و تعيق أي رؤية لتنمية "المغرب الكبير"، هذا ما كتبه المؤرخ برنارد لوغان في مقال نشر بـLe360. من الواضح أننا بعيدون جدا عن ذلك.
والأدهى من ذلك أن نفس قصاصة وكالة الأنباء الجزائرية تنتقل إلى موضوع مختلف تماما، دون سابق إنذار وفي خرق فاضح لقواعد الصحافة التي تؤكد على وحدة الموضوع في كل مقال يتم تناوله.
الموضوع الآخر هو "استغلال" المغرب لموارده من الفوسفاط. فقد استنكرت وكالة الأنباء الجزائرية "حقيقة" قيام المغرب بتصدير 1.1 مليون طن من الفوسفاط بقيمة 170.8 مليون دولار وذلك من الصحراء وحدها.
تتجاهل وكالة الأنباء الجزائرية، التي تبدو ضعيفة الاطلاع ولديها رؤية "برافدية" (نسبة إلى البرافدا) للمعلومات، حيث تغلب العقيدة والإيديولوجية على تحري الدقة في المعلومات وصدقيتها، أن موارد الفوسفاط في الصحراء (المغربية وليس المصرية، يجب التأكيد على ذلك) تعادل أكثر من 2 في المائة من إجمالي الاحتياطي الوطني. هنا مرة أخرى، فهذه الوسيلة الإعلامية الجزائرية الرسمية تفتقر بشكل رهيب إلى المعلومات والمعطيات... والأخطر من ذلك إلى المهنية.