نسب ملء السدود المغربية مع بداية أكتوبر.. واقع مائي مقلق!

سد محمد الخامس بإقليم الناظور

في 06/10/2025 على الساعة 11:58

تشير أحدث المعطيات الرسمية، الصادرة عن منصة «الما ديالنا»، التابعة لوزارة التجهيز والماء، إلى أن نسبة ملء السدود بالمغرب بلغت 32.4% فقط، أي ما يعادل 5441 مليون متر مكعب من المياه.

وتكشف هذه الأرقام عن واقع مائي مقلق، خصوصاً في ظل توالي سنوات الجفاف، وتراجع التساقطات المطرية في مختلف جهات المملكة، مما يجعل إدارة الموارد المائية، واحدةً من أبرز التحديات الاستراتيجية التي تواجه المغرب اليوم.

وتُبرز المعطيات نفسها، تفاوتاً حاداً في نسب الملء بين الأحواض المائية، فبينما تحافظ بعض السدود على مستويات مقبولة، تسجل أخرى نسباً جد متدنية، تُنذر بتأثيرات مباشرة على الفلاحة والتزويد بالماء الصالح للشرب، حيث لا تتجاوز نسبة الملء بحوض أم الربيع 10%، بمخزون يبلغ 499.7 مليون متر مكعب فقط، ما يجعله من بين أكثر الأحواض تضرراً، في المقابل تعرف بعض السدود الفرعية في هذا الحوض نسباً مرتفعة، مثل سيدي إدريس بنسبة بلغت 84%، وتيمينوتين بنسبة ملء ناهزت 80%، فيما تظل سدود أخرى شبه فارغة كالمسيرة (2%) وإيمفوت (3%).

أما حوض اللوكوس في شمال المملكة، فيظهر مؤشرات أفضل نسبياً، إذ بلغت نسبة الملء 47.1% بمخزون يقدر بـ900.6 مليون متر مكعب، حيث يضم هذا الحوض سدوداً كبيرة من حيث التعبئة، أبرزها سد شفشاون (85%)، والشريف الإدريسي (84%)، وواد المخازن (76%)، وهي أرقام تؤكد فعالية البنية التحتية المائية في هذه الجهة، التي استفادت من وفرة نسبية في التساقطات.

ويُعتبر حوض سبو من أهم الأحواض المائية في البلاد، نظراً لحجمه الكبير وأهميته الاقتصادية، حيث بلغت نسبة ملء السدود فيه 42.5%، أي ما يعادل 2362.8 مليون متر مكعب، إذ تتصدر سدود علال الفاسي (97%) والمنع سبو (78%) وبوهودة (75%) القائمة، ما يجعله من أكثر الأحواض استقراراً في المرحلة الحالية، بالرغم من أن بعض السدود الفرعية فيه كالقنصرة تسجل نسباً منخفضة لا تتجاوز 22%.

في المقابل، يسجل حوض ملوية نسبة ملء محدودة عند 29.2%، بمخزون إجمالي يقدر بـ210 ملايين متر مكعب، إذ يبدو أن هذا الحوض يعتمد بشكل متباين على بعض السدود ذات الوضع الجيد، مثل سد على واد الزا (100%)، ومشرع حمادي (64%)، في حين تظل سدود محورية مثل محمد الخامس عند 25% فقط، وهو ما يعكس هشاشة الوضع المائي بالمنطقة الشرقية.

أما حوض أبي رقراق، الذي يغذي جزءً من المناطق الساحلية والعاصمة الرباط، فيحافظ على نسبة مرتفعة نسبياً تبلغ 63.3%، بمخزون يبلغ 685.6 مليون متر مكعب، وتشمل أبرز سدوده سيدي محمد بن عبد الله (67%)، وتامسنا (34%)، والمالح (24%)، وهي مؤشرات تعكس توازناً نسبياً في هذا الحوض بفضل انتظام التساقطات خلال الفترات الأخيرة.

من جهته، يسجل حوض كير-زير-غريس نسبة ملء عند 48.6%، بمخزون قدره 261.2 مليون متر مكعب، مع أداء جيد لسد حسن الداخل (58%)، في حين يحقق قدوسة نسبة 34%، حيث يشكل هذا الحوض أحد الموارد الحيوية لتأمين المياه في المناطق شبه الصحراوية، ما يجعله محورياً في استراتيجيات التزود المستقبلي.

أما حوض تانسيفت الذي يغطي جهة مراكش، فيسجل نسبة ملء تبلغ 39.2% فقط، بمخزون لا يتعدى 89.1 مليون متر مكعب، حيث توزعت النسب بين سدود مثل سيدي امحمد بن سليمان الجزولي (76%)، وأبو العباس السبتي (54%)، ومولاي عبد الرحمان (50%)، في وقت تشهد المنطقة ضغطاً متزايداً على الموارد المائية بفعل النمو الديمغرافي والتوسع الفلاحي والسياحي.

وتعكس هذه الأرقام، حسب متابعين، الحاجة الملحة إلى إعادة التفكير في منظومة تدبير المياه، عبر تسريع مشاريع تحلية مياه البحر، وتثمين المياه العادمة المعالَجة، وتوسيع شبكة نقل المياه بين الأحواض، بإلإضافة إلى مضاعفة حملات التوعية بترشيد الاستهلاك، وتكييف السياسة الفلاحية مع الواقع المائي المتغير، إذ لم يعد الماء فقط مورد طبيعي، بل أصبح مؤشراً استراتيجياً للأمن القومي، والتنمية المستدامة في المغرب.

تحرير من طرف محمد شلاي
في 06/10/2025 على الساعة 11:58