وذكرت رسالة من الجمعية المهنية الجزائرية للبنوك والمؤسسات المالية ABEF)) صادرة بتاريخ 10 يناير 2024: « نتشرف بإبلاغكم أنه في سياق عمليات التجارة الخارجية، تقرر رفض أي عملية توطين لعقود النقل التي تنص على إعادة الشحن / العبور عبر الموانئ المغربية ».
ومن الآن فصاعدا، وقبل أي قرار تجاري، سيطلب من البنوك الجزائرية التحقق من مصدر البضائع والتأكد مع المتعاملين الاقتصاديين من أن إعادة الشحن أو العبور لا تتم عبر الموانئ المغربية.
يشار في البداية إلى أن هذا القرار اتخذ في اليوم نفسه لاجتماع المجلس الأعلى للأمن الجزائري، بحضور الرئيس عبد المجيد تبون ورئيس أركان الجيش، الجنرال سعيد شنقريحة.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتخذ فيها النظام العسكري الجزائري قرارا عدائيا تجاه المصالح الاقتصادية للمملكة. ففي يوليوز 2022، سارعت الجزائر إلى تسخير الجمعية نفسها وهي ABEF، لوقف التجارة مع إسبانيا وذلك ردا على تعبير هذه الأخيرة على دعمها لمخطط الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية.
يشار كذلك إلى توجيه سابق لتبون في ماي 2021، الذي يحظر فيه على الإدارات والشركات الجزائرية توقيع عقود مع شركات ما سماه « كيانات معادية للجزائر »، حيث ذكر المغرب بالإسم. وبعد أربعة أشهر، قرر المجلس الأعلى للأمن إغلاق المجال الجوي الجزائري أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية. ثم، في نهاية أكتوبر من نفس العام، أراد تبون إغراق المدن المغربية في الظلام من خلال الأمر بإنهاء عقد خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي من جانب واحد.
تكلفة إضافية للمستوردين الجزائريين
واليوم، من خلال مطالبة البنوك بالتوقف عن توطين عقود الواردات العابرة عبر الموانئ المغربية، تقدم الجزائر دليلا إضافيا على كراهيتها المرضية للمغرب وموقعه التاريخي. لست بحاجة إلى أن تكون خبيرا في سلسلة التوريد والشحن لفهم أن طنجة المتوسط، الميناء الرائد لإعادة شحن الحاويات في البحر الأبيض المتوسط، مستهدف بتوجيه ABEF الجديد. إن النجاح العالمي لهذه الجوهرة والبنية التحتية المدروسة والتي تم بناؤها وتطويرها في عهد الملك محمد السادس، المصنف هذا العام ضمن أفضل 5 موانئ من أكفأ موانئ العالم، يثير غيرة الجزائر وكراهيتها.
يتفق جميع المسؤولين والخبراء الذين سألتهم Le360 حول هذا الموضوع على أن تأثير هذا الإجراء سيكون محدودا للغاية، إن لم يكن ضئيلا، نظرا للحجم الضئيل للتدفقات العابرة عبر طنجة المتوسط قبل الوصول إلى وجهتها النهائية في الجزائر.
وقد أشار البعض إلى غموض توجيه ABEF باستخدام تعبير « إعادة الشحن / العبور »، الذي يخفي في الواقع الأهداف الغير بريئة للنظام الجزائري. في الواقع، عندما يتعلق الأمر ب « إعادة الشحن »، يتعلق الأمر بالحاويات التي تغير السفن (تفريغها ثم إعادة شحنها) في ميناء مغربي قبل الوصول إلى الجزائر. وفي هذه الحالة، فإن ميناء طنجة المتوسط هو الوحيد الذي ستستهدفه الرقابة الجزائرية.
من ناحية أخرى، عندما يتعلق الأمر ب « العبور »، يكفي أن تتوقف السفينة التي تحمل البضائع في ميناء مغربي حتى تقع تحت الحظر الجزائري (دون الحاجة إلى تغيير السفن). على سبيل المثال، فإن السفينة القادمة من البرازيل، والتي تلامس موانئ الدار البيضاء والجزائر العاصمة على التوالي، ستكون معنية بشكل مباشر.
وهناك أيضا تساؤلات حول ما إذا كان الحظر سيؤثر على الصادرات المغربية التي، في غياب الروابط البحرية المباشرة بين البلدين، ستصل إلى الجزائر عن طريق المرور عبر موانئ أخرى، أوروبية بشكل رئيسي، بما في ذلك مرسيليا. مرة أخرى، سيكون التأثير ضئيلا للغاية نظرا لحجم التجارة الضئيل بين البلدين، والذي انخفض في السنوات الأخيرة. وفقا لمعلوماتنا، في عام 2023، سجل ميناء الدار البيضاء حوالي عشرين زيارة لسفينة قادمة من الجزائر.
هناك شيء واحد مؤكد، وهو أن الإجراء الجديد لـ ABEF سيعقد حياة المستوردين الجزائريين، الذين سيتعين عليهم أن يطلبوا من مورديهم تجنب عبور السفن عبر الموانئ المغربية. وهنا يُطرح التساؤل عما إذا كانت شركات الشحن ستقبل فرض ميناء لإعادة الشحن غير طنجة المتوسط، وهو ما يتعارض مع المنطق الاقتصادي.
وتتوقع وسائل الإعلام المتخصصة « ماريتايم نيوز » أن « هذا القرار الجزائري الجديد سيزيد بشكل كبير من تكلفة الشحن البحري إلى الجزائر، التي تعد بالفعل من بين أعلى المعدلات في البحر الأبيض المتوسط »، مضيفة أن « العصا التي ترغب الجزائر في ضرب المغرب بها ستنقلب ضدها في نهاية المطاف ».