المركب المائي للوكوس في شمال المغرب يمثل نموذجا رائدا، حيث يحتضن سد وادي المخازن، وهو أكبر سدود المنطقة بحجم حقينة عادية تبلغ 672 مليون متر مكعب، إلى جانب سد منع اللوكوس.
ويضطلع سد وادي المخازن بدور محوري في توفير مياه السقي للمدار السقوي الأكبر في المغرب «اللوكوس» في سافلة السد، والذي تتجاوز مساحته 45 ألف هكتار، إضافة إلى المدار السقوي «اسجن» في عالية السد.
ويعتمد هذا التدبير على تنسيق صارم ويومي بين كافة المتدخلين، أبرزهم وكالة حوض اللوكوس المائي، والمركز الجهوي للاستثمار الفلاحي، والمكتب الوطني للماء والكهرباء، بهدف ضمان تصريف المياه بطرق تمنع ضياعها في البحر والمحيط الأطلسي.
إطلاق «طلقات مائية» لتثمين الموارد
بهدف تثمين الموارد المائية التي يجمعها سد وادي المخازن، يتم إطلاق «طلقات مائية» عبر أنبوب ضخم بناء على تنسيق متين بين وكالة حوض اللوكوس، ومسؤولي المكتب الوطني للكهرباء والماء، ومسؤولي المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي. وتتم العملية عبر اجتماعات دورية ومراسلات يومية لتقسيم حصص الإنتاج على مدار اليوم.
ويؤكد محمد النامي، رئيس فرقة استغلال سد وادي المخازن، أن المنشأة تقوم بمهام أساسية تشمل تزويد المدن بالماء الصالح للشرب، وتوفير مياه السقي لكل من المدار السقوي للوكوس والمدار السقوي «اسجن».
le360
تقنيات التحكم في مياه السقي وإنتاج الطاقة
بخصوص طريقة التصرف في المياه الموجهة للسقي، يوضح النامي أن المياه المخصصة للمدار السقوي «اللوكوس» يتم توجيهها نحو وادي اللوكوس بعد مرورها عبر المحطة الكهرومائية، مما يحقق ميزة مزدوجة تتمثل في إنتاج الطاقة الكهرومائية النظيفة وتأمين السقي باستعمال المياه نفسها.
ويؤكد عادل الشقروني، رئيس قسم الاستغلال للطاقات المتجددة بالمكتب الوطني للماء والكهرباء، أن المعمل الكهرومائي لوادي المخازن (قدرته 36 ميغاواط)، يستغل المياه المتدفقة بغرض أساسي هو تأمين السقي لسهل اللوكوس.
ولتثمين هذه المياه، يتم تقسيم الإنتاج على مدار اليوم إلى حصتين أو ثلاث حصص، حيث تستغل المياه أولا لإنتاج الطاقة ثم يتم توجيهها للري.
محطات ضخ وشبكات ري حديثة
بمجرد خروج المياه المخصصة للسقي من محرك معمل الكهرباء باتجاه الوادي، يتدخل مهندسو وخبراء المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لتوجيهها عبر خمس محطات ضخ رئيسية تنتشر على امتداد وادي اللوكوس. هذه المحطات تغطي منطقة سهل العوامرة في العرائش وتعمل على ري ما يناهز 30 ألف هكتار.
يتم نقل المياه من الوادي عبر قنوات نقل يبلغ طولها حوالي 40 كيلومترا، وتخضع لعملية تصفية قبل وصولها إلى الحقول الزراعية التي تعتمد طرق ري حديثة، أبرزها الري بالتنقيط.
ويشير ياسين مزال، رئيس مكتب برمجة الري، إلى أن عملية البرمجة تتم بالتنسيق مع جمعية مستعملي مياه السقي ووكالة الحوض المائي، وأن المكتب جهز أكثر من 75 في المائة من الضيعات بأنظمة ري حديثة ومقتصدة، مما يساهم بفاعلية في ترشيد استعمال الموارد المائية.
سد المنع.. صمام أمان ضد الهدر والملوحة
يلعب سد منع اللوكوس دورا حاسما في وقف هدر مياه السدود ومنع المياه المالحة القادمة من المحيط الأطلسي من الاختلاط مع المياه العذبة المخصصة للسقي من سد وادي المخازن.
يؤكد عدنان الغوداني، رئيس سد منع اللوكوس، أن السد يعتبر منشأة مائية تكميلية لسد وادي المخازن، وله دور محوري في تسيير وتدبير الموارد المائية، أبرزها:
- حماية المدار السقوي من ارتداد المياه المالحة.
- تكوين حقينة تنظيمية تسمح بتأمين مستوى مائي كاف لتشغيل محطات الضخ الفلاحية.
- تنظيم وتعديل التدفقات المائية لضمان توزيع محكم للمياه الصالحة للسقي، مما يحد من ضياع المياه في البحر.
ويتم تدبير مياه السقي عبر سد المنع بطريقة منسقة، تشمل برمجة طلقات مائية أسبوعية وفقا لاحتياجات المناطق الزراعية، وتنفيذ طلقات إضافية عند انخفاض مستوى المياه لضمان استمرارية التزويد.
استمرارية النجاح في تدبير مياه الري
تؤكد وكالة الحوض المائي للوكوس وبقية المتدخلين استمرار الإجراءات المشددة لمراقبة مستويات المياه الموجهة للري على مدار الساعة، صيفا وشتاء، لضمان إدارة مرنة ومستدامة للموارد وتفادي الهدر.
ويكشف الخبراء أن المنظومة المائية المغربية، التي تعتمد على حوالي 152 سدا كبيرا لخدمة قطاع الري، تؤشر على نجاح سياسة مائية استباقية مكنت من تقوية الأمن الغذائي والاقتصاد في مياه الري عبر ترشيد الاستعمال والرفع من مردودية جميع الزراعات.



