ويُعد المغرب واحداً من الدول الرائدة في إفريقيا في هذا المجال، إذ اعتمد منذ عقود على سياسة بناء السدود كخيار استراتيجي لمواجهة التقلبات المناخية وتحقيق الأمن المائي والطاقي، ما جعله نموذجاً في التدبير المتكامل للموارد المائية.
سد الساقية الحمراء بالعيون يقترب من الاكتمال بنسبة إنجاز تفوق 83%. Le360
وتشهد عدة أوراش مائية تقدماً ملحوظاً يعكس دينامية العمل الميداني، من بينها سد تامري شمال أكادير الذي بلغت نسبة الأشغال به 76% وسيمكن من تعبئة حقينة مائية تناهز 204 ملايين متر مكعب، وسد الساقية الحمراء بالعيون الذي بلغت نسبة إنجازه 87% بحمولة تقدر بـ112 مليون متر مكعب.
كما تم تسجيل تقدم مهم في تعلية سد محمد الخامس بإقليم تاوريرت، والتي ستمكن من رفع الحقينة إلى نحو مليار متر مكعب، إضافة إلى مشاريع أخرى كبرى مثل سد بولعوان بإقليم شيشاوة بنسبة إنجاز تبلغ 70%، وسد تارگة أومادي بجرسيف بنسبة 81%، وسد سيدي عبو بتاونات بنسبة 97%، وسد بني عزيمان بالدريوش بنسبة 71%، وتعلية سد المختار السوسي بتارودانت بنسبة 73%، فضلاً عن سد واد الخضر بأزيلال بنسبة 62% وسد الرتبة بتاونات بنسبة 43%.
أشغال إنجاز سد بولعوان بإقليم شيشاوة تصل إلى 70%
وتضم المملكة اليوم أزيد من 150 سداً كبيراً موزعة على مختلف الجهات، بطاقة تخزينية تفوق 20 مليار متر مكعب. وتسعى من خلال هذه الدينامية إلى رفع عدد السدود الكبرى إلى أكثر من مئتي سد في أفق عام 2030 بطاقة تخزينية تتجاوز 24 مليار متر مكعب، بالتوازي مع تنفيذ مشاريع لتحلية مياه البحر والربط بين الأحواض المائية في مختلف الجهات، خاصة بين الشمال والجنوب.
وتشكل هذه المنشآت رافداً أساسياً في ضمان الأمن المائي الوطني، إذ تُستخدم لتوفير مياه الشرب للسكان وسقي الأراضي الزراعية وتلبية الحاجيات الصناعية، كما تساهم في حماية المناطق المهددة من الفيضانات خلال فترات التساقطات الغزيرة.
سعيد قدري
وإلى جانب دورها الحيوي في تخزين المياه، تساهم السدود المغربية في إنتاج الطاقة الكهربائية النظيفة عبر محطات كهرمائية متعددة، مما يقلل من اعتماد البلاد على المصادر الأحفورية. وتُعد مشاريع مثل سد محمد الخامس وسد مولاي يوسف مثالاً على نجاح المغرب في دمج البعد البيئي ضمن رؤيته للتنمية الاقتصادية المستدامة.
ورغم الإنجازات الكبرى المحققة، تواجه السدود المغربية تحديات حقيقية بسبب قلة التساقطات المطرية وارتفاع درجات الحرارة التي تزيد من معدلات التبخر، وهو ما يؤثر على حجم المخزون المائي الوطني.
ومع ذلك، يواصل المغرب جهوده لتعزيز استدامة موارده الطبيعية من خلال تطوير استراتيجيات فعالة للحفاظ على المياه وتحسين أساليب تدبيرها.
هذه المقاربة المتكاملة، تجعل من المغرب نموذجاً إفريقياً رائداً في تدبير الموارد المائية، بفضل رؤية استباقية تجمع بين الأمن المائي والتحول الطاقي والتنمية المستدامة، بما يضمن استمرارية استفادة الأجيال القادمة من هذه الثروة الحيوية.
















