وحسب الأرقام المعلن عنها من طرف منصة « الماء ديالنا » التابعة لوزارة التجهيز والماء واللوجستيك، فقد بلغت نسبة الملء الإجمالية للسدود على الصعيد الوطني 33.6 في المائة، بمخزون مائي يُقدَّر بحوالي 5637 مليون متر مكعب، وهي نسبة تعكس هشاشة التوازن المائي في ظل توالي سنوات الجفاف والتقلبات المناخية.
وتشير المعطيات الصادرة عن المنصة نفسها، إلى أن هذه الزيادة المسجلة في المخزون المائي جاءت أساسا نتيجة التساقطات الأخيرة، التي ساهمت في تحسين الواردات المائية بعد فترة من التراجع، غير أن هذا التحسن يظل غير كاف لتعويض العجز التراكمي الذي راكمته الأحواض المائية خلال السنوات الماضية.
ويبرز حوض أم الربيع كأحد أكثر الأحواض تضررا، حيث لم تتجاوز نسبة الملء به 10.3 في المائة، بمخزون مائي في حدود 511.2 مليون متر مكعب، حيث ورغم تسجيل بعض السدود في هذا الحوض نسب امتلاء كاملة، على غرار سدي سيدي إدريس وسيدي سعيد معاشو (100 في المائة)، فإن الصورة العامة تظل قاتمة بسبب المستويات المتدنية التي سجلتها سدود استراتيجية، كسد أحمد الحنصلي (15 في المائة)، وبين الويدان (14 في المائة)، وحسن الأول (14 في المائة)، ما يثير مخاوف حقيقية بشأن تزويد المناطق الفلاحية والحضرية بالمياه.
في المقابل، يُسجل حوض اللوكوس وضعية أفضل نسبيا، بنسبة ملء بلغت 49.4 في المائة، وبمخزون مائي يناهز 943.9 مليون متر مكعب، حيث استفاد هذا الحوض بشكل ملحوظ من التساقطات الأخيرة، إذ بلغت نسبة الامتلاء 100 في المائة بكل من سدي شفشاون والنخلة، إضافة إلى سد الشريف الإدريسي (94 في المائة)، وسد وادي المخازن (76 في المائة)، ما يعزز مكانته كأحد الأحواض الأكثر استقرارا مائيا في المرحلة الراهنة.
أما حوض سبو، فيواصل تصدره من حيث حجم المخزون المائي، بحصة بلغت 2314.5 مليون متر مكعب، أي بنسبة ملء إجمالية في حدود 41.6 في المائة، حيث تُسجل داخل هذا الحوض مستويات مرتفعة بعدد من السدود، من بينها علال الفاسي (97 في المائة)، ومنع سبو (96 في المائة)، وبوهودة (87 في المائة)، وهو ما يعكس الأثر الإيجابي للتساقطات المطرية والثلجية الأخيرة على هذه المنطقة.
وسجل حوض ملوية نسبة ملء بلغت 27.9 في المائة، بمخزون مائي قدره 200.3 مليون متر مكعب، حيث بلغ سد «على واد زا» نسبة امتلاء كاملة، غير أن هذه الأرقام تظل دون المستوى المطلوب لتأمين الحاجيات المتزايدة، خاصة في جهة تعرف ضغطا متناميا على الموارد المائية.
سد محمد الخامس بعد التساقطات المطرية القوية
وتُظهر المعطيات أيضا تفاوتا واضحا بين باقي الأحواض، إذ بلغت نسبة الملء في حوض أبي رقراق 75.4 في المائة، بمخزون مهم يناهز 816.6 مليون متر مكعب، ما يجعله من بين الأحواض الأكثر أريحية، يليه حوض تانسيفت بنسبة 48 في المائة، غير أن مخزونه المائي لا يتجاوز 109.1 مليون متر مكعب، ما يعكس محدودية السعة التخزينية مقارنة بأحواض أخرى.
في المقابل، تظل وضعية أحواض سوس ماسة ودرعة واد نون مثار قلق كبير، حيث لم تتجاوز نسبة الملء في سوس ماسة 19.9 في المائة، بمخزون مائي في حدود 145.7 مليون متر مكعب، بينما بلغ مخزون حوض درعة واد نون حوالي 298.7 مليون متر مكعب، بنسبة ملء تناهز 28.5 في المائة، وهي أرقام تعكس استمرار الإجهاد المائي بهذه المناطق.
وتؤكد هذه المؤشرات، حسب متابعين، أنه ورغم التحسن النسبي المسجل بعد التساقطات الأخيرة، فإن الوضعية المائية بالمملكة ما تزال تتطلب يقظة دائمة، وتسريع تنزيل سياسات ترشيد استهلاك المياه، وتطوير مشاريع تحلية مياه البحر، وتعزيز الربط بين الأحواض، إلى جانب الاستثمار في البنيات التحتية الخاصة بتخزين المياه، بما يضمن تدبيرا مستداما لهذه الثروة الحيوية في مواجهة التحديات المناخية المتزايدة.




