الشركات الإفريقية الناشئة: «الأربعة الكبار» يُعزِّزون هيمنتهم

شركة ناشئة (صورة تعبيرية)

في 13/01/2025 على الساعة 12:00

لا تزال دمقرطة تمويل الشركات الناشئة الإفريقية بعيدة المنال. ففي عام 2024، ذهبت 84% من الأموال التي جمعتها الشركات الناشئة الأفريقية إلى كينيا ونيجيريا ومصر وجنوب إفريقيا، مما يؤكد تفوق «الأربعة الكبار».

إن حصيلة تمويل الشركات الناشئة الإفريقية في عام 2024 أصبحت معروفة الآن وتكشف عن انتعاش حقيقي، ولكن غير موزع بشكل متساو. ففي عام 2024، جمعت الشركات الناشئة الأفريقية ما مجموعه 2.2 مليار دولار من المستثمرين، وفقا لمعطيات منصة «أفريكا: ذا بيغ ديل» (Africa : The Big Deal). وعلى الرغم من أهميته من حيث القيمة المطلقة، فإن هذا المبلغ يمثل انخفاضا بنسبة 25% مقارنة بمبلغ 2.9 مليار دولار تم جمعه في عام 2023، مما يعكس استمرار آثار التباطؤ الذي بدأ في منتصف عام 2022.

وكما يوضح ماكس كوفيليي جياكوميلي، أحد مؤسسي «أفريكا: ذا بيغ ديل»، فإن «سنة 2024، التي عرفت في البداية بطءً مع جمع 800 مليون دولار فقط في النصف الأول، شهدت انتعاشا كبيرا في النصف الثاني حيث تم جمع 1.4 مليار دولار، أي أزيد من 25% على أساس سنوي وبزيادة 80% مقارنة بالنصف الأول، مما يجعل النصف الثاني من عام 2024 ثاني أفضل نصف منذ بداية التباطؤ».

«الأربعة الكبار» يعززون هيمنتهم

لا يزال تمويل الشركات الناشئة في إفريقيا يتركز بشكل كبير حول مجموعة صغيرة من البلدان الرائدة في عام 2024. فقد استحوذت كينيا ونيجيريا ومصر وجنوب أفريقيا، الرباعي الملقب بـ«الأربعة الكبار»، على 84% فقط من الأموال التي جمعتها الشركات الناشئة الأفريقية العام الماضي. وذلك بحسب معطيات المصدر ذاته. ومع جمع 638 مليون دولار و410 ملايين و400 مليون و394 مليون دولار على التوالي، عززت هذه البلدان موقعها كقاطرات مهمة لتمويل ريادة الأعمال في القارة.

وتفسر هيمنة «الأربعة الكبار» بحجم أسواقها المحلية، والبيئات الأكثر نضجا وملاءمة لريادة الأعمال بشكل عام، فضلا عن الولوج المتميز إلى المستثمرين المحليين والدوليين. إن ثقلها مجتمعة أكبر بكثير من أهميتها الاقتصادية والديموغرافية النسبية في أفريقيا، وهو ما يدل على الجاذبية التي تمارسها هذه النظم البيئية.

المغرب، على الرغم من كونه خامس دولة من حيث التمويل بمبلغ 70 مليون دولار، لا يزال يتخلف بشكل كبير عن هذه المجموعة الرائدة. لم تتمكن الشركات الناشئة المغربية إلا من جمع مبالغ أقل بكثير من تلك التي جمعها «الأربعة الكبار» في عام 2024. وبمبلغ 70 مليون دولار، جمعت الشركات المغربية 5.6 مرة أقل من نظيراتها في جنوب إفريقيا، و5.7 مرة أقل من نظيراتها المصرية، و5.8 مرة أقل نظيراتها النيجيرية و9.1 مرة أقل من الشركات الكينية. وعلى الرغم من التقدم الملحوظ الذي تم إحرازه في السنوات الأخيرة، لا يزال النظام البيئي لريادة الأعمال في المغرب يعاني من أجل ترسيخ مكانته على المستوى القاري.

ويمكن تفسير هذه الفجوة من خلال السوق المحلية المحدود، والإطار التنظيمي الأقل ملاءمة لريادة الأعمال، ومحدودية الولوج إلى رأس المال بالنسبة للشركات الناشئة المغربية. ويعكس تركيز التمويل حول عدد صغير من البلدان الرائدة التحديات المستمرة التي تواجه العديد من النظم البيئية الناشئة. إن محدودية الولوج إلى رأس المال، وضعف البنية التحتية والتنظيمية، فضلا عن الافتقار إلى اليد العاملة المؤهلة، كلها عوامل تعيق تطوير بعض النظم البيئية الواعدة.

وبشكل عام، يظل التركيز الجغرافي للتمويل ملحوظا للغاية. وعلى الرغم من أن مثل هذا الاستقطاب يجعل من الممكن ترسيخ مراكز قوية لريادة الأعمال، إلا أنه يثير أيضا تساؤلات حول عدالة توزيع هذه الأموال على المستوى القاري وقدرة النظم البيئية الأخرى على فرض نفسها.

تعزيز النظم البيئية

على الرغم من أن تمويل الشركات الناشئة الإفريقية لا يزال متمحورا حول «الأربعة الكبار»، إلا أن عددا قليلاً من البلدان الأخرى تمكنت من تحقيق أداء جيد في عام 2024.

وتأتي غانا في المركز السادس بمبلغ 68 مليون دولار جمعته شركاتها الناشئة. إنها نتيجة مشجعة لهذا النظام البيئي الريادي المزدهر، مدفوعا باقتصاد دينامي وجالية غانية مؤثرة على المستوى الدولي.

وتكمل تنزانيا (53 مليونا) وبنين (50 مليونا) مجموعة من بلدان جنوب الصحراء التي لديها بيئات يعتبرها المستثمرون واعدة، على الرغم من تواضع الأسواق المحلية.

دولتان ناطقتان بالفرنسية في غرب إفريقيا، وهما كوت ديفوار (33 مليونا) والسنغال (22 مليونا)، تكملان قائمة البلدان العشرة الأولى من أفضل البلدان تمويلا في عام 2024. وإذا ظلتا بعيدتين جدا عن الأحجام التي حققتها بلدان «الأربعة الكبار»، فهما تؤكدان ظهور جيل جديد من النظم البيئية لريادة الأعمال في القارة.

وبغض النظر عن رؤوس أموال التمويل التقليدية، تظهر هذه البلدان تعدد الفرص المتاحة للشركات الناشئة الأفريقية، في بيئات اقتصادية وسياسية وثقافية متنوعة. ويعكس وجودها أيضا قدرة الأسواق الصغيرة على إنتاج ابتكارات مهمة مع إمكانية الانتشار الإقليمي.

وإذا ظلت فجوات التمويل ضخمة مع المجموعة الرائدة، فإن هذه البلدان ستستفيد من عوامل أخرى مثل اليد العاملة المؤهلة بتكلفة أقل، والتركيبة السكانية المهمة، والجالية المرتبطة بالمراكز المالية العالمية الكبرى. عوامل قادرة على جعلها ستستفيد بشكل مستدام من تمويل الشركات الناشئة الأفريقية.

توزيع مصادر التمويل

وفي عام 2024، يأتي 30% من التمويل من الديون، و68% من حقوق الملكية، و2% من المنح. وهو ما يمثل تحولا مقارنة بعام 2023، «عام الديون»، بنسبة 38% من التمويل بالديون. وبعد انخفاض حاد في عام 2023 (ناقص 57%)، صمدت بشكل أفضل في عام 2024 مع جمع 1.5 مليار دولار، بانخفاض 11% فقط.

وكما يشير ماكسيم باين، أحد مؤسسي «أفريكا: ذا بيغ ديل»، فإنه «مع انخفاض التقييمات مع تصحيح التمويل في الفترة 2023-2024، فإن هذا يمكن أن يمثل نافذة مهمة لفرص الاستثمار».

وعلى المستوى الإقليمي، اجتذبت شرق إفريقيا، بقيادة كينيا، 725 مليون (33%)، متقدمة على غرب أفريقيا بـ587 مليون (27%)، وشمال أفريقيا بـ478 مليون (22%)، والجنوب الأفريقي بـ397 مليون (18%). وتمكنت 188 شركة ناشئة أفريقية فقط من جمع مليون دولار أو أكثر في عام 2024، وهو رقم انخفض بنسبة 10% على أساس سنوي.

وتركز التمويل أيضا على عدد قليل من الفاعلين: أكبر 10 شركات جمعت أموالا هي: «Tyme» و«MNT-Halan» و«Moniepoint» و«BasiGo» و«Spiro» و«D.Light» و«Moove» و«Sun King» و«M-Kopa» و«Nuitée». واستحوذت لوحدها على 51% من الأموال المجمعة في القارة. تركيز عرف ارتفاعا طفيفا بعدما بلغ ثقل هذه الشركات العشر 49% فقط في عام 2023، و35% في عام 2022، و43% في عام 2021.

يونيكورن جديدة وخروجات شركات ناشئة

على الرغم من التباطؤ، شهد عام 2024 ظهور شركتين أفريقيتين جديدتين أحاديتي القرن (بقيمة مليار دولار أو أكثر) مع «Tyme» و«Moniepoint»، وهي الأولى منذ بداية عام 2023.

كما تم الإعلان عن 22 عملية خروج (عمليات بيع ودخول البورصة) للشركات الناشئة الإفريقية في عام 2024، وهو رقم أعلى قليلا من العشرين المسجلة في عام 2023.

وإجمالا، إذا أكد عام 2024 اتجاه التباطؤ الذي بدأ في عام 2023، فقد ظهرت بعض الإشارات المشجعة في نهاية العام مع انتعاش النشاط، وظهور شركتين أحاديتي القرن، واستقرار مستويات تمويل الأسهم.

ومع ذلك، فإن الفوارق بين البلدان، والتركيز الملحوظ للأموال على عدد قليل من القطاعات ذات الثقل، وانخفاض رأس المال المخاطر، تثير تساؤلات حول مدى صلابة التعافي في عام 2025.

الدولالمبالغ المجمعة (بملايين الدولارات)التصنيف
كينيا638الـ1
نيجيريا410الـ2
مصر400الـ3
جنوب إفريقيا394الـ4
المغرب70الـ5
غانا68الـ6
تنزانيا53الـ7
بنين50الـ8
كوت ديفوار33الـ9
السنغال22الـ10


تحرير من طرف موديست كوامي
في 13/01/2025 على الساعة 12:00