قائمة الدول الإفريقية المتفوقة في الطيران المدني وتلك التي ما زالت متأخرة

مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، رمز لاستراتيجية المغرب، الذي يستهدف استقبال 80 مليون مسافر بحلول عام 2030

في 05/10/2025 على الساعة 12:02

ثماني دول إفريقية مُعلقة، وعشرون دولة أخرى تكافح لتسديد 11,35 مليون دولار كندي من المتأخرات… بينما المغرب ينضم إلى مجلس منظمة الطيران المدني الدولي، ترسم الدورة الـ42 لـOACI، التي انعقدت من 23 شتنبر إلى 3 أكتوبر في مونتريال، تقييما متباينا للنقل الجوي الإفريقي.

التوازن بين طموحات الدول الإفريقية في مجال الطيران المدني والواقع المالي هش للغاية. هذا ما يظهر من أعمال الدورة الـ42 لـOACI، الوكالة المتخصصة التابعة للأمم المتحدة المكلفة بوضع المعايير واللوائح لضمان سلامة وأمن وكفاءة وتوحيد النقل الجوي المدني الدولي بين الدول الأعضاء، حيث عرضت إفريقيا تقدمها التقني وكسورها الاقتصادية.

المغرب، المنتخب في المجلس، يجسد هذه الثنائية. حامل لرؤية تكاملية، يجب على المملكة أيضا التعامل مع نقاط الضعف النظامية في قارة تتراكم فيها ديون 20 دولة بقيمة 11,35 مليون دولار كندي. هذه الديون التي تُعلق ثماني دول من المجموعة المسماة «B*» بما فيها ثلاثة أفريقية، وتهدد جدول أعمال 2063 لسماء إفريقية موحدة، تكشف عن تناقض: كيف تبنى مراكز ربط تنافسية بينما تنهار الأسس المالية للتعاون الجوي؟ توتر بين الحيوية والهشاشة يشكّل هيكلية الحوكمة الجوية القارية.

بينما يعزز المغرب، بمكانته الجديدة، رؤية تكاملية عبر hubs ومعايير عالية، تهدد التجزئة المالية تماسك السياسات الإقليمية. دعونا نحلل هذه الثنائية. كيف تعيد التقدمات التقنية والديون المزمنة رسم إفريقيا على سرعتين، حيث تتقابل التميز التشغيلي مع الإقصاء النظامي؟ الآثار على جدول أعمال 2063 فورية. بدون آليات تضامن معززة، سيظل الإقلاع الجماعي بعيد المنال.

تجدر الإشارة إلى أن OACI تُسهل التعاون بين 193 دولة لتوحيد ممارسات الملاحة الجوية، وشهادات الموظفين والمعدات، بالإضافة إلى التحقيقات في الحوادث الجوية. يقع مقرها في مونتريال، كندا.

المغرب، لاعب جديد رئيسي

انتخاب المغرب في مجلس OACI خلال الدورة الـ42 يُثبت صعوده في الحوكمة الجوية العالمية. أسس المغرب ترشيحه على ثلاثة ركائز استراتيجية. موقعه الجغرافي الاستراتيجي، كحلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، يمكّنه من التبوؤ كمنصة ربط بين القارات مع شبكة تضم 25 مطارا (منها 18 دوليا) وهدف طموح استقبال 85 مليون مسافر بحلول 2030.

امتثاله الفني الصارم، المؤكد بنسبة 87% في تدقيقات USOAP لعام 2024، مصحوب بالتزامات رائدة تجاه الوقود المستدام عبر برامج CORSIA وACT-SAF. وأخيرا، يظهر قيادته الإقليمية في استضافة مقر المنظمة العربية للطيران المدني (ACAO) في الرباط ومشاركته الفاعلة في أعمال اللجنة الإفريقية (AFCAC)، مما يعزز دوره كمنسق للمبادرات القارية. كما تؤكد السفيرة المغربية في كندا، سوريا العثماني، أن هذا الانتخاب «يكرس سمعة المغرب ونهجه الطموح في تطوير الطيران»، مما يبرر تأثيره في صياغة السياسات الجوية العالمية.

متأخرات المساهمات: شوكة مالية لعشرين دولة إفريقية

كشفت مذكرة عمل لـOACI عن أزمة مالية حادة تطال عشرين دولة إفريقية، تراكمت عليها متأخرات مالية تبلغ 11,35 مليون دولار كندي. هذه الديون، 70% منها مركّزة في المجموعتين B* وC*، تترتب عليها آثار تشغيلية جسيمة. ثماني دول من المجموعة B (منها مالاوي، ساو تومي وبرينسيبي، وغامبيا) تم تعليق حقوق تصويتها بموجب المادة 62 من اتفاقية شيكاغو، حيث تتجاوز ديونها مجموع ثلاثة أعوام مالية.

على نحو مفارقي، تواجه أربع دول إفريقية (جيبوتي، غينيا، سيراليون، ليبيريا)، رغم إبرامها اتفاقيات سداد مؤجلة بين 10 و20 عاما، صعوبة في الوفاء بالتزاماتها، كما يظهر من 1,46 مليون دولار كندي المستحقة حتى 18 شتنبر 2025. هذه الصعوبات مستمرة رغم آليات الدعم من الـOACI، ما يعكس تحديات هيكلية أوسع تتعلق بالقدرات المالية والأولويات الوطنية.

تندرج هذه التأخيرات ضمن مشهد إفريقي حيث تحقق 15% فقط من الدول نسبة امتثال تفوق 60% لمعايير OACI (USOAP)، كما يبرز التقدير الأخير لتوغو (>90%).

في مثل هذا السياق، يحذر مجلس الـOACI من التأثير النظامي لهذه الحالة. «تأخر الدفعات يهدد تنفيذ برنامج العمل واستقرار المنظمة ماليا»، مما يضعف خصوصا برامج الدعم الفني المخصصة للدول الضعيفة. هشاشة مالية تُقوّض قدرة الدول المعنية على التأثير في القرارات الاستراتيجية أو الاستفادة من آليات التعاون الفني.

اتفاقيات تقنية متواصلة

على هامش أعمال الجمعية، عزز المغرب موقعه الإفريقي عبر سلسلة من الاتفاقيات الاستراتيجية. مع بنين، غامبيا، ورواندا، حدّث المغرب الأطر القانونية المنظمة للخدمات الجوية، مترجما مبادئ إعلان ياموسوكرو لتحرير الأسواق الإفريقية للنقل الجوي. مذكّرة منفصلة مع النيجر تحدد إطارا لتدريب الكوادر التقنية وتعزيز معايير السلامة الجوية، بما يشمل استقبال طياري النيجر مستقبلا في مراكز التدريب المغربية.

تم توقيع عدة شراكات، من بينها بين الكاميرون والإمارات لتطبيق منصة Equip4Safety، التي تجعل المعدات الجوية الأرضية أكثر وصولا للدول النامية. كما أبرمت السعودية عدة اتفاقيات مع دول إفريقية، منها السيشل.

إضافة إلى ذلك، الإعلان عن خط جوي جديد الدار البيضاء–مدينة الكويت بواسطة الخطوط الملكية المغربية، اعتُبر «رافعة للتدفقات الاقتصادية والسياحية»، يوسع النفوذ المغربي خارج القارة. كما يشير الوزير عبد الصمد قيوح، فإن هذه المبادرات تتماشى مع رؤية متكاملة. تؤكد هذه الشراكات دور المغرب كـhub إقليمي وفاعل في التكامل الجوي الإفريقي، معززة موقعه كنقطة وصل بين إفريقيا والأسواق العالمية.

البنية التحتية والامتثال في تقدم

أبرزت الجمعية تقدما متفاوتا في البنية التحتية والامتثال الفني بين الدول الإفريقية. انضمت توغو إلى دائرة الدول التي تتجاوز 90% امتثالا لمعايير OACI، وهو وضع يعكس إصلاحاتها في السلامة الجوية ويعزز من مكانة لومي كـhub موثوق في غرب إفريقيا. وتم تكريم السنغال مرتين.

أما تشاد، فقد أقرّ خطة رئيسية للطيران المدني (CAMP) حتى عام 2050، تشمل السلامة الجوية، تحديث البنية التحتية، ورأس المال البشري وفق رؤية تتماشى مع خطة التنمية الوطنية. المغرب يواصل طموحه التوسعي عبر استراتيجية «المطارات 2030» لرفع القدرة الاستيعابية إلى 80 مليون مسافر، فيما تُحضّر الخطوط الملكية المغربية لتوسيع أسطولها إلى 200 طائرة بحلول 2037. هذه التطورات، التي تلزم بعض الدول بالحفاظ على التميز، تتناقض مع التأخيرات الهيكلية المستمرة في دول أخرى، ما يبرز الحاجة لآليات تضامن فني أقوى لتحقيق تحديث موحد للقارة.

بين الحيوية والهشاشة الهيكلية

تكشف الدورة الـ42 عن آثار اقتصادية متفاوتة للقارة. من جهة، تعزز اتفاقيات التحرير مثل «Open Sky» مع الاتحاد الأوروبي/الولايات المتحدة السياحة المغربية (17,4 مليون زائر في 2024)، فيما تحفز خطوط جديدة مثل مراكش–نيويورك عبر يونايتد إيرلاينز (+43% القدرة الشتوية 2025) التبادلات بين القارات.

هذه التطورات جزء من استراتيجية hub حيث تخدم الخطوط الملكية المغربية 27 دولة إفريقية عبر 600 رحلة أسبوعية. إلا أن هذه الفرص تخفي تحديات مستمرة: ديون مزمنة في بوروندي (115.581 دولار كندي) وجمهورية الكونغو الديمقراطية (134.707 دولار كندي) المصنفة ضمن المجموعة C*، تمنعها من المشاركة في أجهزة صنع القرار بـOACI وتقلص وصولها لبرامج الدعم الفني.

في الوقت نفسه، عدم كفاية البنية التحتية في جزر القمر أو ليسوتو (المجموعة D*)، حيث تتجاوز المتأخرات نادرا 72.000 دولار كندي لكنها تعكس قدرات تشغيلية محدودة، تعيق اندماجها في السوق الإفريقي الموحد للنقل الجوي (SAATM)، ما يزيد الفجوة مع المراكز الناشئة.

في النهاية، ترسم الدورة الـ42 صورة لإفريقيا الجوية المقسمة. من جهة، أقلية ديناميكية تستفيد من الحوكمة التقنية لتعزيز اقتصادها، محوّلة معايير OACI إلى أدوات جذب سياحي وتكامل إقليمي. ومن جهة أخرى، أغلبية الدول (من بينها 20 دولة تراكمت عليها 11,35 مليون دولار كندي من الديون) ترى تأثيرها السياسي وسلامتها الفنية مهدّدا بالمتأخرات، كما يظهر تعليق حقوق التصويت لثماني دول من المجموعة B.

بدون حل مستدام للديون وآليات أكبر لنقل التكنولوجيا، سيظل جدول أعمال 2063 لسماء إفريقية موحدة مجرد حلم. المغرب، الآن عضو في المجلس، يجسد هذا التناقض — نموذج للنجاح وجسر ضروري بين متطلبات OACI وواقع الميدان.

بعد كل ما سبق، يمكن القول إن الطيران المدني الإفريقي يحتاج إلى التوفيق بين التميز التشغيلي والاستدامة المالية. بدون ذلك، ستتفاقم الفجوة بين hubs الناشئة والدول الضعيفة، مما يحفز على إعادة التفكير في التعاون بحيث تصبح نجاحات البعض منصة انطلاق للآخرين.

ملاحظة:

  • المجموعة A تتألف من: أنتيغوا وباربودا، جيبوتي، غرينادا، غينيا، هايتي، ليبيريا، سيراليون.
  • المجموعة B تتألف من: أفغانستان، دومينيكا، غامبيا، لبنان، مالاوي، بالاو، الجمهورية العربية السورية، ساو تومي وبرينسيبي.
  • المجموعة C تتألف من: بوروندي، الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كيريباسي، الولايات الفدرالية لميكرونيزيا، بابوا غينيا الجديدة، جمهورية الكونغو الديمقراطية، اليمن.
  • المجموعة D تتألف من: إريتريا، ليسوتو، موزمبيق، ناورو، طاجيكستان، توفالو، فنزويلا، زامبيا.
تحرير من طرف مودست كوامي
في 05/10/2025 على الساعة 12:02