بالصور والفيديو: ربع قرن من الإهمال.. ما مصير أشغال فندق «لينكولن» التاريخي بالدار البيضاء؟

فندق لينكولن التاريخي بالدار البيضاء

في 19/12/2024 على الساعة 10:53

يُعدّ فندق «لينكولن» التاريخي بمثابة معلمة أثريّة كبيرة بالنسبة لمدينة الدار البيضاء، وذلك لأنّه يُعتبر من المعالم الأثرية القويّة الشاهدة عن زمنٍ كولونيالي، ما يزال ينبض تحت الأنقاض. بيد أنّ هذه المعلمة الحضارية، رغم ما يطبعها من أهمية على مستوى التشييد وجماليات الزخرفة والمعمار وما رافقها طيلة سنوات طويلة من هدم وبناء وترميم، فإنّها ما تزال تعيش ضرباً من التعثّر على مستوى البناء.

حسب معاينات يوميّة قام بها Le360، فإنّ مراحل الترميم، حسب مصدر خاصّ من شركة «رياليتي»، وصلت مراحل متقدّمة. علماً أنّ هذه الشركة كانت قد وضعت سنة 2025 كحد أقصى للانتهاء من عملية الترميم والبناء وضبط أطراف الفندق وحجارته من أجل أنْ يفتح الفندق أبوابه. لكنْ ونحن على بعد أيامٍ قليلةٍ من دخول سنة 2025، وبالنّظر إلى يوميات أشغال الفندق، فإنّ عملية الاشتغال تمشي ببطءٍ شديد.

إذْ رغم أنّ الواجهة بدأت معالمها الجماليّة تتّضح شيئاً فشيئاً، إلاّ أنّ جنبات الفندق والغرفة المتبدّية لأيّ عابر بمحاذاة «الطرامواي» يكتشف أنّ العديد من الغرف ما تزال في طور الترميم. ما يجعل المرء يتساءل عن حقيقة فتح هذا الفندق في سنة 2025. هذه المعلمة، كانت قد انضمّت، عام 2021، إلى مجموعة فنادق «راديسون كوليكشن» العالمية ذات فئة 5 نجوم.

ويعود تاريخ فندق لينكولن إلى عام 1917 على يد المهندس الفرنسي هيبير بريد الذي يُعتبر أحد أبرز المهندسين الذين وضعوا معالم الآرت ديكو بشارع محمد الخامس. ومنذ تلك اللحظة، ارتاد الفندق العديد من السياسيين والدبلوماسيين والعسكريين والفنانين الذين أقاموا فيه برهة من الوقت، بحكم أنّه شكّل محطة بارزة في تاريخ المدينة، ليس على مستوى الأحداث السياسية التي عرفها، وإنّما كعلامة متفرّدة فنية داخل شارع محمد الخامس الذي ما يزال يعتبر إلى حد اليوم مختبراً للحداثة البصريّة التي صنعها الفرنسيون خلال الحقبة الاستعمارية.

ولم يأتِ بناء هذا الفندق سوى لغاية تشجيع الأوروبيين على الاستقرار في المغرب من أجل إنجاح القوة الاستعمارية التي كانت قد اكتسحت المدينة وحاولت عبر مخطّطات متنوّعة أنْ تبني وتُشيّد نموذجاً مصغّراً من الحياة الأوروبية داخل مدينة الدار البيضاء.

شكلّ شارع محمد الخامس مختبراً بصرياً لإقامة فندق تاريخي مثل «لينكولن»، والذي عمل من خلاله المهندس الأوروبي على إبراز بعض الأنماط الفنّية التي تنتمي إلى الجماليّة الغربية. لذلك يعتبر «لينكولن» بمثابة تراث فني غني يُتيح للباحث والزائر أنْ يستقي العديد من المعلومات المتعلّقة عن تلك الحقبة التاريخية الصعبة التي وجد فيها الإنسان المغربي داخل المدينة في وقع الضعف وهو يخرج من أسوار المدينة القديمة ويرقب كيف تنسلّ المدينة من طابعها التقليدي لتدخل غمار التحديث والحداثة.

في سنة 2000 قرّرت وزارة الثقافة، حين كان يرأسها محمد الأشعري، بناء على القانون 22.80 المتعلّق بالمحافظة على المباني التاريخية والمباني والكتابة المنقوشة والتحف الفنية والعاديات، وعلى إثر الطلب الذي تقدّمت به الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين بتاريخ 4 فبراير 2000، (قررت) أنْ تصبح واجهات بناية بيسونو المعروفة بفندق لينكولن بالدار البيضاء من المباني التاريخية التابعة لولاية جهة الدار البيضاء.

وعلى مدار تلك السنوات الطويلة، ظلّت المعلمة «المنحوسة» تُشكّل خطراً كبيراً على الناس، بعدما بدأت حجارتها تتساقط وواجهتها تنهدّ وتتساقط على المارّة بالسوق المركزي. ولم تتدخّل الجهات المعنية بهذا التراث إلا في اللحظة التي مات فيها أشخاص بدون مأوى تحت أنقاض الفندق، بعدما كانوا يعبرون السياج ليلاً ويدخلون إلى الفندق حتّى يحتموا من شدّة البرد والمطر الكثيف الذي يعرفه فصل الشتاء.

ورغم حرص السلطات المحلية في ذلك الوقت وبشكل يوميّ على طرد هؤلاء المشردين، إلاّ الواجهة ظلّت تتساقط وتُثير معها حزناً كبيراً في قلوب البيضاويين، بعدما أصبح منظر الفندق مُخيفاً ويُثير الحزن والخيبة في نفوس الناس حول الكيفية التي أصبحت عليها هذه المعلمة شامخة التشييد.

تحرير من طرف أشرف الحساني و خليل السالك
في 19/12/2024 على الساعة 10:53