وتمحور برنامج هذه الزيارة، التي حضرها بالخصوص، النائب البرلماني عن دائرة جرادة مصطفى توتو، والمنتخبون، ورؤساء المصالح الخارجية الجهوية والإقليمية المعنية، ورؤساء المصالح الأمنية، حول عدة مشاريع تهدف إلى الاستغلال المستدام للموارد الطبيعية، وتعزيز القطاعات الاقتصادية المحلية، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وكذا تدبير النظم البيئية الغابوية بطريقة مستدامة.
وفي هذا السياق، تم الوقوف على مشروع إعادة تأهيل المنتزه الطبيعي « الشخار »، الذي سينطلق سنة 2025، بميزانية تقدر بـ 80 مليون درهم، ويروم إعادة تأهيل الأصناف المحمية، وإحداث بنية تحتية تخدم السياحة البيئية، مما يعزز الاقتصاد المحلي من جهة، ويحافظ على التنوع البيولوجي من جهة أخرى، حيث تم بالمناسبة، إعادة استيطان عدد من الأصناف المهددة بالانقراض، كالغزال الجبلي (gazelle de cuvier)، والأروي (mouflon à manchettes)، والضربان (porc-épic)، للحفاظ على الموائل الطبيعية، وإعادة تأهيلها لدعم التنوع البيولوجي.
وفي إطار تشجيع السياحة التضامنية القروية ذات البعد الايكولوجي البيئي، تم إعطاء الانطلاقة لمشروع إحداث مأوى سياحي في إطار الاحتلال المؤقت لمبنى ملك غابوي، بهدف خلق فرص العمل وتوفير فضاءات الاستقبال.
وبمنطقة « المحصر » التابعة للمجال الترابي لجماعة « قنفودة »، تم الوقوف على وضعية تقدم مشروع زراعة 330 هكتار من أشجار الخروب، بغلاف مالي ناهز 7,3 مليون درهم، الذي يتبنى نموذجا جديدا يشرك التعاونيات المحلية، اعتمادا على مقاربة تشاركية، وقد تم بهذه المناسبة تسليم شيك بقيمة 204.000 درهم لتعاونية « خيرات » بدوار « امساعدة »، كتعويض عن حق الرعي (المقاصة) في منطقة التشجير المحمية المحصر.
إثر ذلك، وبنفس الجماعة، تم إعطاء الانطلاقة لمشروع تربية الأحياء المائية في البيئة الصحراوية، من خلال مشروع يهدف إلى تعزيز تربية الأحياء المائية المتكاملة، ويهدف هذا المشروع إلى تطوير إنتاج الأحياء المائية من خلال إدماج تربية الأسماك في أحواض الري بالإقليم، وتعزيز زراعة الطحالب مثل « السبيرولينا spiruline » أو غيرها لفائدة الشباب والنساء، حيث يعتمد المشروع الذي تبلغ ميزانيته 25 مليون درهم على مدى ثلاث سنوات، على أربع لبنات رئيسية تتجلى في إنشاء مركز تميز لإنتاج الأحياء المائية، وتدريب العاملين في هذا المجال، ودعم الأنظمة الإنتاجية السوسيو-اقتصادية الملائمة للبيئة الصحراوية، وأيضا إنعاش مقاولات تربية الأحياء المائية في المياه البرية، وتشجيع السياحة البيئية المتعلقة بالصيد.
وبهذه المناسبة، تم بجماعة « لعوينات » إطلاق مشروع بقيمة 121,61 مليون درهم، يهدف إلى حماية وتأهيل وتثمين مساحات إكليل الجبل ونبتة الحلفاء، إذ سيمكن هذا المشروع من إشراك التعاونيات الغابوية المحلية في التدبير المستدام لهذه الموارد الطبيعية، مما يوفر فرصا للتنمية السوسيو-اقتصادية، كما تم إعطاء الانطلاقة لمشروع تأهيل الفضاء الطبيعي للغابة الحضرية، وذلك عن طريق صيانة التجهيزات والباحات الترفيهية المنجزة على مساحة 6 هكتارات، في إطار الشطر الأول لبرنامج التنمية (2012-2014)، إضافة إلى إحداث باحات وتجهيزات ترفيهية جديدة على مساحة إضافية، تقدر ب 54 هكتارا، حيث رصِد للمشروع غلاف مالي قدر ب 11 مليون درهم.
كما تم بهذه المناسبة تقديم عرض عن مشروع إعادة تأهيل الحزام الأخضر لمدينة جرادة، بكلفة مالية تقدر بـ93 مليون درهم برسم سنة 2025-2030، خُصصت للمشروع مساحة 3.600 هكتار، يروم تجديد وإعادة تأهيل الحزام الأخضر، وخلق متنفس طبيعي للساكنة، للتخفيف من آثار التغيرات المناخية وتحسين المناخ المحلي، وكذا محاربة انجراف التربة ومكافحة ظاهرة التصحر.
وخلال هذه الزيارة، تم الكشف عن برنامج مخصص لتأهيل الغابات المتدهورة ومكافحة التصحر، ويهدف البرنامج إلى غرس 6800 هكتار على مدى ثلاث سنوات، بميزانية قدرها 115 ملايين درهم، تم إطلاق الشطر الأول منها من خلال غرس 1580 هكتار سنة 2024، لاستعادة النظم البيئية الغابوية، ومكافحة انجراف التربة، والتعويض عن حق الرعي لفائدة الساكنة المحلية.
وقد توجت هذه الزيارة الميدانية كذلك بتوقيع اتفاقيتين للشراكة تتعلق الأولى بتمويل مشاريع تنموية لفائدة أعضاء الجماعات السلالية بإقليم جرادة، والمعنية بالاتفاقية الإطار بين وزارة الداخلية الوصية على الجماعات السلالية، ووزارة الفلاحة والتنمية القروية والمياه والغابات، والاتفاقية الثانية تتعلق بتمويل أشغال ردم الآبار المهجورة بالمحيط الغابوي لجماعة « لعوينات » وضواحي مدينة جرادة، بالإضافة إلى ثلاثة مذكرات تفاهم تهدف في مجملها دعم التنمية المستدامة للساكنة المحلية، وتعكس التزام الأطراف المشاركة بتحسين ظروف عيش الساكنة المحلية، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية.
واختتمت الزيارة بتسليم طائرة « درون » متعددة الاستخدامات وعالية الأداء إلى المديرية الجهوية للوكالة الوطنية للمياه والغابات لجهة الشرق، مما يمثل خطوة هامة نحو تحديث مهام الوكالة، حيث سيساهم هذا الجهاز الجديد في تعزيز قدرة الوكالة على مراقبة وتدبير الموارد البيئية الغابوية بشكل أكثر كفاءة ودقة.
وفي تصريح للصحافة بالمناسبة، أبرز عبد الرحيم هومي، المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات، أهمية هذه المشاريع التي تعكس تبني نهج شمولي متكامل الأبعاد، مبني على مقاربة تشاركية، ويدمج بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة، مع تعزيز القدرة على التكيف مع التحديات المناخية، مضيفا أن جميع هذه المبادرات والمشاريع، التي تم إطلاقها في إطار استراتيجية « غابات المغرب 2020-2030″ بإقليم جرادة، تعكس أيضا، التزام الوكالة الوطنية للمياه والغابات المستمر بتلبية احتياجات الساكنة المحلية، مع ضمان حماية النظم البيئية الطبيعية، وتعزيز التنمية المستدامة لصالح الجميع.