تم الكشف، يوم الخميس 6 مارس، عن قائمة المستثمرين الذين تم اختيارهم لإطلاق أول مشاريع الهيدروجين الأخضر في المغرب، وقد استقبلت بأمل ممزوج بالارتياب. وشهدت عملية الاختيار التي جرت تحت إشراف لجنة يرأسها رئيس الحكومة تأخّرا واضحا... ولم ير أي مسؤول أنه من المناسب تبرير ذلك.
وأشار المنتقدون بشكل خاص إلى «البيروقراطية المرهقة» التي قد تقوض جاذبية المغرب في قطاع الهيدروجين الأخضر الواعد. يشار إلى أن المملكة، التي سبقتها في هذا المجال مجموعة من البلدان (عمان، والمملكة العربية السعودية، ومصر، وغيرها)، تواجه صعوبة كبيرة في الحفاظ على ريادتها في مجال الطاقات المتجددة.
وأخيرا، من أصل 40 طلبا، لم تقبل الحكومة سوى 5 طلبات من مستثمرين مغاربة وأجانب، تمثل 6 مشاريع باستثمار إجمالي يفوق 319 مليار درهم.

وتضم قائمة المستثمرين المختارين فاعلا مغربيا واحدا فقط، وهو شركة ناريفا (Nareva)، التي تؤكد من خلال الانخراط في العرض المغربي رغبتها في لعب دور ريادي في القطاع.
وخلافا لكل التوقعات، فإن مجموعة أكوا التي يملكها عزيز أخنوش، ليست ضمن هذه المجموعة الأولى من المشاريع التي أطلقتها الحكومة. وهذا أمر مثير للدهشة خاصة إذا علمنا أن هولندينغ رئيس الحكومة أنشأ مؤخرا قسما مخصصا للتحول الطاقي والبيئة والتنمية المستدامة. وقرأ البعض –وهم قلة- في هذا الغياب، عن حق أو خطأ، أنه علامة على عدم الاهتمام بهذا المجال من الطاقة النظيفة، الذي يعتبر حلا للمستقبل. ويلخص أحدهم تحليله للوضعية على النحو التالي: «أخنوش يتجنب اليوم إنفاق المليارات على الدراسات. ربما يرى أن الهيدروجين الأخضر، في الوقت الحالي على الأقل، رهان محفوف بالمخاطر ويفضل الحذر والانتظار».
وبالمقابل، يرى آخرون –وهم كثر- أن الأمر يتعلق بتكتيك يتمثل في التواري قبل أن يخرجوا إلى العلن ويعتقدون أن «أكوا عاجلا أم آجلا سوف ينتهي بها الأمر إلى الانخراط في هذا المسلسل»، خاصة وأن عملية الاختيار ما زالت مفتوحة.
عملية «تحمل»؟
وفي انتظار الأحداث المقبلة، تواصل الألسنة السيئة الترويج للتكهنات، متوقعة انسحاب مخطط له من قبل الشركة الإسبانية «أكسيونا»، التي تم اختيارها لتطوير مشروع إنتاج الأمونياك في جنوب المغرب، أو حتى عملية «تحمل» (portage) صريحة لصالح «أكوا».
ولا يترددون في تقديم حجتهم: فالشركة الإسبانية العملاقة ترتبط بعلاقات وثيقة مع شركة إفريقيا غاز، وهي شركة تابعة لمجموعة أكوا، والتي شكل معها الكونسورتيوم الذي فاز، في ظل ظروف مثيرة للجدل، بصفقة المحطة المستقبلية لتحلية مياه البحر في الدار البيضاء، وهي الأكبر من نوعها في إفريقيا. ومع ذلك يعترض أحد خبراء الطاقة على هذه الفرضية قائلا: «لا أصدق ولو للحظة واحدة فرضية تحمل من قبل أكسيونا. إنها مجموعة عالمية، ولن تخاطر أبدا بمثل هذه المغامرة».
ومع ذلك، من الصعب أن نصدق أن مجموعة أكوا، التي تدعي أنها تتوجه نحو المستقبل بحزم، يمكن أن تبتعد بسهولة عن قطاع الهيدروجين الأخضر الواعد للغاية. ومن المنطقي أن تستمر سلسلة «الانتصارات» التي حققها مؤخرا هولدينغ أخنوش -من خلال شركاته التابعة له- في مجال الصفقات العمومية مع عرض المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر، خاصة وأن هذا العرض يتناسب تماما مع نشاطها الأساسي.
باعتبارها لاعبا رئيسيا في توزيع وقود الطيران في المغرب، لا يمكن لشركة «Afriquia SMDC» أن تتجاهل أهمية الهيدروجين، الذي يتم تقديمه على أنه الوقود «النظيف» الأفضل لطيران الغد. وأوضح جامعي عضو الجمعية المغربية «Cluster Green H2» قائلا: «في مجال الطيران، يمكن استخدام الهيدروجين بطريقتين: إما في صورة سائلة لتشغيل محركات مناسبة مباشرة (كما تخطط إيرباص في عام 2035)، أو بتحويله إلى كيروسين التركيبي. ويبقى التحدي قائما في تخزينه وحجمه، اللذين يعدان أكثر تقييدا بكثير من الكيروسين».
وهكذا، ينظر إلى الأمونياك، وهو مشتق نيتروجيني من الهيدروجين، الآن باعتباره حلا استراتيجيا وفعالا لتلبية الحاجة الملحة لإزالة الكربون من قطاعي النقل الجوي والنقل البحري، واستبدال الكيروسين والفيول الثقيل على التوالي. وبالمقارنة مع وقود الطائرات التقليدي، فإن هذه الوقود المستدام للطائرات يمكن من تقليل البصمة الكربونية بنسبة تزيد عن 90%.
وقود المستقبل
وفي البلدان التي التزمت بتقليص البصمة المناخية لصناعة الطيران، تركز الجهود على زيادة استخدام الوقود المستدام. وفي أوروبا، في حين تدعو المنظمات البيئية إلى فرض ضريبة على الكيروسين (كما هو الحال في الولايات المتحدة) للحد من تلوث النقل الجوي، تفضل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تطبيق أساليب أخرى للضرائب (خاصة على التذاكر وحركة المطارات). وهذا هو الحال بشكل خاص في فرنسا، التي أدخلت، في ميزانيتها لعام 2025، زيادة كبيرة في الضريبة التضامنية على تذاكر الطيران، والتي قدمتها حكومة بايرو باعتبارها «إجراء للعدالة المالية والبيئية».
لا يمكن لمجموعة أكوا أن تكون غير معنية بالتغيرات التي تحدث في قطاع وقود الطائرات، الذي تعمل فيه كصانع للسوق. تشتري الخطوط الملكية المغربية وحدها ما قيمته حوالي 2 مليار درهم من الكيروسين سنويا من مجموعة عزيز أخنوش. ومن الصعب بالتالي أن نرى كيف يمكن لهذه المجموعة أن تتجاهل الوقود المنتج من الهيدروجين الأخضر عندما تصبح الضرائب التي تعاقب مصنعي شركات الطيران الملوثة عائقا كبيرا.
وباعتبارها المزود الرئيسي بالفيول لمحطات توليد الطاقة التابعة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، يتعين على شركة «Afriquia SMDC» (التي فازت في دجنبر الماضي بصفقة مربحة بقيمة 2.44 مليار درهم) أن تكون واعية بالتحديات التي يواجهها مزيج الطاقة والدور الذي يتعين على الهيدروجين الأخضر أن يلعبه في إزالة الكربون من نظام الكهرباء الوطني.
تجنب الشكوك حول تضارب المصالح مؤقتا
وأكد خبير في مجال الطاقة قائلا: «يمتلك الهيدروجين القدرة على استبدال الفيول في تطبيقات معينة، ولكن مع تحديات تقنية واقتصادية كبيرة. بالنسبة لمحطات الطاقة، يمكن أن يحل محل الفيول في بعض التكوينات، إلا أن تكلفته والمتطلبات اللوجستية المرتبطة به تجعل هذا الانتقال معقدا على نطاق واسع. ومع ذلك، يمكن لمحطات إنتاج الكهرباء أن تتطور نحو استخدام مزيج الغاز الطبيعي والهيدروجين أو تحويلها إلى مصادر متجددة أخرى أكثر ملاءمة».
ومن خلال تجاهلها لعرض المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر خلافا للمنطق الاقتصادي، ربما تسعى مجموعة أكوا إلى تجنب الجدل مؤقتا من نفس طبيعة الجدل الذي رافق قضية محطة تحلية المياه في الدار البيضاء، حيث وصلت شكوك تضارب المصالح إلى البرلمان. وتكمن هذه الشكوك في صفة عزيز أخنوش، باعتباره صاحب المشروع في الصفقات العمومية، كرئيس للسلطة التنفيذية، وهو في الآن نفسه مقدم للخدمة.
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا