ففي الوقت الذي تتجه فيه أنماط الاستثمار الفلاحي بالإقليم نحو توسيع رقعة الأشجار المثمرة، التي بلغت مساحتها حالياً نحو 6400 هكتار، وتنويع سلاسل الإنتاج، لتشمل اللوز والخروب والبرقوق والتفاح والتين والمشمش والرمان، إلى جانب الحفاظ على تميز إنتاج اللحوم الحمراء من سلالة « بني كيل » و « السلالة البيضاء »، يبرز التساؤل حول مدى قدرة آليات ما بعد الحصاد على مواكبة هذا التطور.
وفي هذا السياق، أكد عبد الرحمن أنفلوس، المدير الإقليمي للفلاحة بجرادة، على أن هذا التحول يعكس استغلالاً أمثل لخصوبة التربة وتوفر الموارد المائية النسبية، مدعوماً بالتحفيزات العمومية للمستثمرين، مضيفا في تصريح ل le360، أن الموسم الفلاحي الحالي يبشر بالخير، حيث بلغت التساقطات المطرية 123 ملم، بزيادة فاقت 100% مقارنة بالعام الماضي، مما أنعش الآمال بموسم فلاحي جيد.
ولتعزيز القيمة المضافة لهذا الإنتاج المتنامي، تعمل المديرية الإقليمية للفلاحة، حسب أنفلوس، على خطط طموحة، تشمل « إحداث وحدات للتحويل والتجفيف والتلفيف، ودعم التعاونيات الفلاحية الحديثة، وتسهيل ولوج المنتجات إلى الأسواق عبر شهادات الاعتماد والجودة »، موضحا أن هدف هذه الإجراءات يكمن في تحسين دخل الفلاحين وخلق فرص شغل مستدامة، لترسيخ دور الفلاحة كرافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالإقليم.
وتتجسد هذه الدينامية في ضيعات نموذجية، كضيعتين زارتهما كاميرا الموقع، تتواجد الأولى بجماعة « واد الحيمر »، والثانية بمنطقة « عين بني مطهر، إذ تمتد هذه الأخيرة، على مساحة تناهز 105 هكتارات، وتضم بنية تحتية مائية مهمة بخزان سعته 32 ألف متر مكعب، وبئرين بقدرة إنتاجية عالية، وتتركز زراعاتها الأساسية على البرقوق والتفاح (بنسبة 25% لكل منهما).
ويشير العيد السايح مسير هذه الضيعة، في تصريح مماثل للموقع، إلى أن الضيعة، التي تأسست عام 2021، وتدخل الآن عامها الرابع، أي « سنة الإنتاج الفعلي »، استفادت بشكل كبير من التساقطات المطرية الأخيرة التي عززت الإزهار بعد سنوات من الجفاف، مسلطا الضوء في المقابل على التحدي الأبرز الذي يواجه فلاحي المنطقة، ألا وهو « التثمين ».
ويوضح السايح في تصريحه: « رغم استفادتنا من دعم الدولة لاقتناء المعدات، نواجه مشكلة حقيقية في التسويق، فالأسعار متذبذبة وغير منصفة، حيث نبيع منتجاتنا أحياناً بـ 5 دراهم للكيلوغرام، بينما تصل للمستهلك بسعر 20 درهماً».
ويعزو هذه الفجوة إلى غياب آليات توزيع منظمة، والأهم من ذلك، « غياب وحدات التبريد والتخزين التي تمكن من الحفاظ على جودة المنتوج وتجنب بيعه بأسعار بخسة مباشرة بعد الجني ».




