ما من شك أن المبادلات التجارية بين الرباط وواشنطن عرفت نموا ملحوظا خلال العشر سنوات الماضية، إذ قفزت من 1.33 مليار درهم سنة 2006 إلى حوالي 5 مليار السنة الماضية، لتصير بذلك الولايات المتحدة الأمركية ثالث ممون للمغرب بعد فرنسا وإسبانيا، غير أن هذا التطور جاء موازيا لإغراق للسوق المغربية بالسلع الامريكية، ما جعل الميزان التجاري يصب لصالح أمريكا.
يرى محمد الجبروني، أستاذ الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني، أن "اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وأمريكا طبعت لخطإ استراتيجي هو تركيزها على جانب المبادلات التجارية، عوض الاستثمار ( يمكنكم تصفح بنود الاتفاقية كاملة من خلال هذا الرابط)، وما زاد من تفاقم الوضع، هو الصرامة التي تفرضها السوق الأمريكي في حالة الرغبة في تسويق منتج أجنبي، وهو ما جعل العديد من المنتجات المغربية، لا تعرف طريقا للتسويق بواشنطن، كحال بعض المنتوجات الفلاحية".
ويضيف المتحدث في تقييمه للاتفاقية "إذا كانت اتفاقيات منظمة التجارة العالمية معتمدة على مبدأ اللائحة الإيجابية، وبالتالي تسمح لكل بلد أن يأخذ الإلتزامات المرغوب فيها وأن يطبق القواعد المتماشية مع اقتصاده وخصوصياته وينفتح بالقدر الذي يخدم تنميته ويؤجل أو يرفض ما ليس في صالحه، فإن الإتفاقية مع أمريكا تعتمد على المقاربة الشمولية. وبالتالي تحتم الإلتزام بجميع القواعد رغم ما يمكن أن يطرأ من مستجدات أو إكراهات غير متوقعة".
ولعل ما حد من مردودية الاتفاقية، هو العامل الجغرافي، حيث تعتبر المسافة بين البلدين، أبعد من أن تمكن من تبادل تجاري سلس، يضاف إلى ذلك ضعف خطوط النقل البحري بين البلدين، ناهيك عن المنافسة الشرسة من أجل اقتحام السوق الأمريكية.
وفيما يخص ما جنى المغرب من الاتفاقية "يمكن القول إن الشق الفلاحي في الاتفاقية كان أقل بكثير مما طرحته واقترحته أمريكا على استراليا ورغم ذلك رفضت هذه الاخيرة علما أن فلاحتها أكثر تأهيلا من الفلاحة المغربية. وهذا مجرد إشارة ليس إلا، فمقتضيات الاتفاقية تهم جميع الفئات والشرائح المجتمعية من منتخبين ومستهلكين ومستثمرين ومثقفين وطبقة عاملة وفلاحين وليست مقصورة على الحكومة مهما كان تفوقها التقنوقراطي" حسب الجبروني.
وتبقى النقطة الإيجابية التي جناها المغرب من هذه الاتفاقية هي الرفع من الاستثمارات الأمريكية في المغرب، ذلك أن العديد من الشركات الأمريكية تعرفت على المغرب عن طريق هذه الاتفاقية ونقلت استثماراتها الأجنبية إلى المغرب خصوصا في مجالي الطيران وتكنولوجيا الاتصالات.
بالعودة إلى بنود الاتفاقية فهي تنص على أنها تندرج ضمن مقتضيات المنظمة العالمية للتجارة حيث تحث على إلغاء جميع الحواجز أمام الرساميل، حيث نجد بندا يقول "على كل دولة منحت امتيازا لدولة عضو في المنظمة أن تمنحه لباقي الدول الأعضاء دون قيد أو شرط". وقد ارتكزت الولايات المتحدة الأمريكية على هذا البند للحصول على نفس الامتيازات الممنوحة للإتحاد الأوروبي.
يضاف إلى ذلك بند المعاملة الوطنية الذي ينادي بمعاملة كل مستثمر او منتوج بدخل السوق المحلية على قدم المساواة مع نظيريهما المحليين في ما يخص التعامل الضريبي أو أي امتياز آخر.
أما من الجانب الأمريكي، كان دانييل مولاني مساعد ممثل الولايات المتحدة للتجارة المكلف بأوروبا والشرق الأوسط قد اعتبر في وقت سابق أن "حصيلة اتفاقية التبادل الحر إيجابية جدا معتبرا أن المغرب يتيح فرصا كبيرة باعتباره نافذة نحو منطقة المغرب العربي وإفريقيا وأوروبا".