خبراء يجدون صعوبة في قراءة قانون المالية

DR

في 23/10/2013 على الساعة 15:13

كيف يمكن للمواطن العادي أو غير المتخصص أن يقرأ القانون المالي ويستوعب بشكل جيد وواضح المعطيات الواردة فيه؟ وأين يتجلى مكمن الصعوبة؟ خاصة أن بعض الخبراء الاقتصاديين هم أنفسهم، يلاقون بعضا من هذه الصعوبات التي يواحهها غير المختصين.

عمر الكتاني الخبير الاقتصادي المغربي يقول في تصريح لـ Le360، "أنا نفسي أجد صعوبة في قراءة قانون المالية، لأنه لا يخضع تبعا له لتصور مستقبلي يحدد الأهداف بناء على مخططات تبين الطريقة التي ستترجم بها، مضيفا أن القانون المالي لا يضع في فهرسته نوعية التدابير المطروحة لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية، وكذا أولوياته والإشكالات الظرفية والمتوسطة والبعيدة المدى".

وأشار الخبير إلى أن القارئ العادي يتعاطى مع التقديم العام، غير أنه سيجد مجرد رؤوس أقلام أو نقطا عامة، تفتقر لأرقام مضبوطة تحدد مثلا كيفية تقليص الفقر إلى خمسة بالمائة أو الأمية والبطالة وإصلاح القضاء والتعليم.

وللتوضيح أورد الخبير مسالة البطالة في المغرب، مستعرضا في هذا الباب التقرير الأخير لصندوق البنك الدولي الذي يتحدث عن خمسة ملايين شاب مغربي من أصل عشرة ملايين، أي 49 بالمائة لا يقرؤون ولا يعملون، وأن أعمارهم تتراوح ما بين 15 و 29 سنة، فهل قانون المالية يستند على هذه المعطيات حتى يقدم للقارئ وبلغة الأرقام كيفية إدماج هؤلاء الشباب في النسيج الاجتماعي والاقتصادي، مع تبيان سبل ذلك.

وأضاف المتحدث نفسه أن المغرب يتوفر على ثلاثة ملايين عاطل، حسب البنك الدولي وليس مليونين كما تشير إلى ذلك الأرقام الرسمية، مؤكدا ودائما في استناده على البنك الدولي أن المغرب يعرف نموا اقتصاديا لكن بدون تشغيل، ليس فقط لكون نسبة كبيرة من عدد العاطلين لا يتوفرون على مستوى تعليمي كاف،بل لأن النمو الاقتصادي لا يمس التشغيل، لكونه بكل بساطة في نظر الباحث اقتصاد ريعي لا يمس الفئات الاجتماعية الواسعة.

ويتساءل في هذا السياق بأنه كخبير حين يقرأ قانون المالية على ضوء هذه التقارير الدولية، لا يعرف الأهداف والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، فإذا كانت كل التوقعات حسبه، تقول بأن نسبة النمو ستتراوح ما بين 4.5 و 4 في المائة، فهل ستعالج تبعا له بشكل تدريجي البطالة في المغرب؟ وكيف ستعمل على تأهيل غير المؤهلين للعمل المتوفرين على ديبلومات نظرية أو مستوى تعليمي ابتدائي وثانوي؟ وما هي كلفة ذلك؟

وفي نظر عمر الكتاني، فقانون المالية لا ينطلق من نظرة شمولية ومستقبلية تحفز على القراءة، وفي أن توفر قراءة سليمة في معطياتها، بقدر ما يمكن قراءته قراءة جزئية، والمطوقة بمتطلبات ظرفية ومستعجلة أيضا، ومعالجة تتم وفق المنظور الظرفي نفسه وليس بطريقة بنيوية، وأنه محكوم بهاجس بحث الدولة عن موارد تغطي بها نفقاتها وهمها في ذلك هو تحقيق التوازن المالي، وليس رهان المستقبل.

وقدم الكتاني نموذجا للدول النامية بآسيا والتي تضع قوانين مالية على مدى عشر أو خمس سنوات، وترتكز على تصورات ومخططات واضحة الأهداف، تسهل على المواطن معرفة مصير أبنائه ومستقبل بلده، ويتحمل الضغط الجبائي لكن بمقابل حلم يعرف أنه لن يتحقق إلا اعتمادا على تضحياته في حدود مدى معين.

محمد الصبيبحي، رئيس الجمعية المغربية للمالية والجبايات، يرى من جهته وفي تصريح لـ Le360، أن قانون المالية يطرح مشكلا على مستوى القراءة للمواطن العادي وحتى المتوفرين على ثقافة عامة من النخب الغير المختصة.

ويرتبط ذلك في نظر الصبيحي بهيكلة الميزانية، وهي هيكلة يقول إن لها ثلاث تصنيفات: إداري، اقتصادي، وظيفي. وهذه التصنيفات لا تسمح للمواطن العادي أن يستوعب شكل جيد وواضح هذه المعطيات، خاصة حينما يريد أن يتبين حجم الاعتمادات وتوزيعها بين مختلف الإدارات.

واشار إلى أن المشروع يتضمن في داخله تجزيء لعناصره التي ترتبط بالجانب الجبائي و بتوزيع الاعتمادات المتعلقة بالميزانية العامة والمرافق الإدارية بشكل مستقل، ثم الحسابات الخصوصية للخزينة وجداول صغيرة تلخص هذه الاجزاء، ثم الملحقات التي تتضمن التفاصيل، وهذا ما يعقد من صعوبة القراءة في نظره.

وللخروج من هذا المشكل وذلك بإيجاد صيغة من صيغ الميزانية تسمح بسهولة قرائتها، لا بد في نظره من التوجه نحو مقاربة ترتكز أساساعلى البرامج والأهداف، لكن هذا يعقد الأمور تبعا له، فهي بقدر ما تساعد على فهم هذه البرامج بقدر ما تطرح صعوبة النتائج التي آلت إليها، حيث يصبح هذا الأمر أمر المتخصصين التيكنوقراط.

ولتجاوز هذا الوضع يقول إن وزارة المالية بذلت مجهودا من أجل تقديم ميزانية مواطنة، تسمح لأي مواطن أن يلج إليها تسهل عليه بشكل اوضح معرفة ميزانية التجهيز، التسيير، الخ، لكن الجانب التقني يبقى حسبه واردا، لان الترجمة التقنية يقوم بها المختصون.

في 23/10/2013 على الساعة 15:13