وقال رشيد رامي، مدير قطب التحفيز الاقتصادي والعرض الترابي بالمركز الجهوي للاستثمار لجهة الشرق، إن الجهة تعرف اليوم تطورا ملموسا من ناحية جذب الاستثمارات، سواء كمّاً أو كيْفا.
وأضاف، في تصريح لـLe360، أنه من ناحية الكم فقد عرف عدد المشاريع وعدد المستثمرين المهتمين بتوطين مشاريعهم، ارتفاعا ملموسا، ومن ناحية الكيف، فقد نمت نوعية المشاريع والقطاعات التي يرغب المستثمرون بإقامتها بالجهة. واعتبر المسؤول الاقتصادي أن هذا التطور «هو نتيجة لعدد كبير من العوامل، من أبرزها التطور الكبير الذي عرفته الجهة من ناحية البنية التحتية، منذ إطلاق المبادرة الملكية السامية سنة 2003، وهو ما يعني عشرين سنة من الاستثمارات العمومية، والتي مكنت الجهة من أن تتوفر على بنية تحتية من مستوى عالمي، إضافة إلى مناطق صناعية، وإعادة تأهيل وتجهيز المدن، بكل ما ينبغي من ظروف العيش والاستثمار، كالمطارات وبنية تحتية فندقية وسياحية».
وأضاف رامي أن نتيجة هذا التطور راجع أيضا إلى المشروع الكبير المتمثل في ميناء الناظور غرب المتوسط، والذي شارفت الأشغال به على الانتهاء، مؤكدا أن هذا المشروع الضخم تم جلب عدد كبير من المشاريع، أولها مشروع مصنع لقطع السيارات بمدينة وجدة، والذي سيوفر أكثر من 3500 منصب شغل، ومشروع صناعة شفرات الطاقة الريحية بالناظور، على مساحة خمسين هكتار، والذي يعتبر أحد أكبر المشاريع على محيط البحر الأبيض المتوسط، حيث سيخلق أزيد من 3300 فرصة عمل، وآخر المشاريع التي تم توطينها بمدينة وجدة في قطاع التكنولوجيات الحديثة، وهو مشروع الذي سيمكن من تكوين أزيد من 2000 كفاءة، في ميدان البرمجة، لتمكينهم من الاشتغال في قطاع المعلوميات على المستوى العالمي.
وشدد المتحدث ذاته على أن المركز الجهوي للاستثمار يشتغل يوميا في هذا السياق، سواء من ناحية تسهيل المساطر الإدارية، واستقبال المستثمرين، وإعطائهم المعلومات الكافية من أجل إنجاز مشاريعهم، إضافة إلى عمليات التخطيط والترويج الترابي للجهة، مذكرا بحدث « شرقيات »، الذي أقامه المركز في 18 مارس 2023، احتفالا بالذكرى العشرين لإطلاق المبادرة الملكية لتنمية جهة الشرق، حيث كان مناسبة لاستعراض حصيلة الاستثمارات العمومية، وما مكنت من جلب استثمارات خاصة وخلق مناصب للشغل.
بدوره، أبرز أمين فاطمي، خبير محاسباتي ونائب الرئيس العام لاتحاد مقاولات المغرب بجهة الشرق، أن جهة الشرق عرفت عدة مبادرات، من طرف السلطات العمومية بصفة عامة، والمسؤولة على الاستثمار بصفة خاصة، ولاسيما بعض المبادرات اللي قام بها الملك محمد السادس خلال زياراته المتعددة منذ سنة 2003، وذلك من أجل تخفيف العبء الناتج عن التهريب المعيشي.
وأضاف فاطمي، في تصريح لـLe360، أن هذه المبادرات، التي همت كل أقاليم الجهة الثمانية، مكنت من امتصاص البطالة، خاصة التي كانت تشتغل في التهريب، معتبرا أن هذا لا يعني أن المشكل تم حله 100 في المئة، ومبينا أنهم في الاتحاد العام لمقاولات المغرب بجهة الشرق خاصة، والمغرب عموما، انخرطوا في هذه الدينامية الاقتصادية النابعة من الرؤية الملكية السديدة، داعيا عموم رجال الأعمال للقدوم للجهة، وإنجاز مشاريعهم بها، لما توفره من فرص اقتصادية واعدة ومهمة.
إنهاء التهريب من الجزائر: نهاية عصر وبداية عهد
إحدى الظواهر التي كانت بجهة الشرق بالمغرب هي التهريب عبر الحدود مع الجزائر، الذي كان يشكل مصدر دخل لآلاف الأسر والمهنيين في المنطقة، حيث كان يتضمن بضائع مختلفة، مثل الوقود والسجائر والملابس والأجهزة الإلكترونية والمواد الغذائية، وكان يُستفاد من الفارق في الأسعار والعملات والرسوم الجمركية بين البلدين، عبر طرق متعددة، مثل الحمل على الظهر أو الدراجات النارية أو السيارات أو الحمير، أو عبر الأنفاق أو الثغرات في السياج الحدودي.
وفي سنة 2014، تم إنهاء التهريب بشكل تام، مما دفع بالسلطات المغربية لتقديم بدائل اقتصادية واجتماعية للمهربين والمتضررين من إنهاء التهريب، مثل توفير فرص عمل وتكوين، وتمويل ودعم وتأهيل وإدماجهم، حيث أدت هذه الإجراءات إلى نتائج إيجابية على مستوى الجهة، منها تحرير الاقتصاد المحلي من الاعتماد على التهريب، وتنويعه وتطويره وتحديثه وتنميته، وزيادة الإيرادات الجمركية والضريبية للدولة، وتحسين الميزان التجاري والميزانية العمومية.
تنفيذ مشاريع تنموية ضخمة: تغيير وجه المنطقة ورفع مستوى المعيشة
إلى جانب إنهاء التهريب من الجزائر، شهدت جهة الشرق بالمغرب في السنوات العشر الماضية تنفيذ مشاريع تنموية ضخمة، تهدف إلى تغيير وجه المنطقة، ورفع مستوى المعيشة لسكانها، حيث تندرج ضمن إطار استراتيجية تنمية جهة الشرق 2015-2025، التي أطلقها الملك محمد السادس في عام 2015، وتشمل مجالات مختلفة، مثل البنية التحتية والنقل والطاقة والماء والبيئة والصحة والتعليم والثقافة والرياضة والسياحة والفلاحة والصناعة والتجارة والخدمات.
ومن بين هذه المشاريع، بناء وتوسيع وتحديث الطرق السيارة والوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية، وربط المدن والقرى والمناطق النائية ببعضها وبباقي أنحاء المملكة والعالم، وبناء وتطوير وتحديث الموانئ والمطارات والمحطات الحديدية والحافلات، والنقل الحضري والقروي والجماعي والفردي، وتشييد وتشغيل وتحديث محطات الطاقة الكهربائية والمتجددة والنووية والحرارية والشمسية والريحية والهيدروكربونية والهيدروليكية والحيوية، وكذا العمل على إنجاز محطات تحلية المياه وتنقيتها وتوزيعها وتخزينها.