الزائر لهذا الفضاء الطبيعي، الذي طالما شكّل نقطة جذب أساسية، مفضلة لعشاق الطبيعة والراحة والاستجمام، يصطدم اليوم بمشهد مغاير تماما، فمياه العين التي كانت تنساب بين الصخور، وتُنعش أجواء المنتزه، جفّت بالكامل، تاركة وراءها حوضا يابسا ومنظرا باهتا يُخالف الصورة النمطية العالقة في ذاكرة زوار المدينة.
بجوار المنتزه، تواصل محجوبة، وهي سيدة من أبناء المنطقة، إعداد أطباق الطاجين رفقة أفراد من أسرتها، أملاً في جذب الزوار كما كان الحال في سنوات الرواج، غير أن الواقع تغيّر كثيراً منذ أن نضبت العين، فتراجع الإقبال بشكل لافت، وأصبحت القوارب الصغيرة التي كانت تزين سطح المياه مرمية على جنبات البحيرة وقد طالها الإهمال. ترى محجوبة أن جفاف العين لم يُفقد المكان مظهره الجمالي فقط، بل أفقده روحه أيضاً، مضيفة أن الزوار ما إن يصلوا إلى الموقع حتى يغادروه سريعاً، في ظل غياب الماء وأجواء الحياة التي كانت تميز عين السلطان قديماً.
من جهته، عبّر إدريس حنفي، وهو زائر قَدِم من إقليم تاونات، في تصريح لـLe360، عن خيبة أمله، قائلاً: «دأبت على زيارة هذا المكان لما يتمتع به من جمالية وسمعة طيبة على مستوى الجهة، لكن كل شيء تغيّر، اليوم، بفعل الجفاف. المنظر فقد سحره، والمرافق الترفيهية باتت منعدمة، حتى الكراسي مكسّرة ومهملة. لولا كرم السكان المحليين وبساطتهم في استقبال الزوار، لما شعرنا بأي دفء في هذا الفضاء الذي كان نابضاً بالحياة. اليوم أرافق صديقاً من خارج الوطن، وبكل صراحة لا شيء هنا يساعد على الاستمتاع أو يدفعك للبقاء طويلاً».
ومن بين الزوار الذين اختاروا اكتشاف منطقة عين السلطان هذا الصيف، سائح قادم من دولة الإمارات العربية المتحدة، حرص على زيارة عدد من العيون الطبيعية بالإقليم دعماً للسياحة الجبلية وإعجاباً بالمناظر الخلابة التي طالما سمع عنها. غير أن زيارته قوبلت بخيبة أمل، بعدما تفاجأ بجفاف العيون الثلاث: ضاية عوا، عين الشفاء، وعين السلطان.
وعبّر، في حواره مع Le360، عن استغرابه من غياب الماء والمرافق الأساسية بالمنطقة، مشيراً إلى أن المكان بدا له شبه مهجور ولا يوفر الحد الأدنى من ظروف الراحة التي تشجع الزوار على البقاء، متمنياً أن تُبادر الجهات المعنية إلى إنعاش هذا الفضاء الطبيعي وتوفير بنية تحتية ترفيهية تليق بمؤهلاته السياحية.
كما لم يخف عادل، أحد زوار المنتزه القادمين من مدينة مكناس استغرابه من التغير الكبير الذي طرأ على المكان، مشيراً إلى أنه زاره بعد غياب طويل ليجده وقد فقد جزءً كبيراً من رونقه السابق. واعتبر المتحدث أن «عين السلطان» أصبحت تبدو كأطلال مهجورة، قائلاً: «إن جفاف العين قد يكون طبيعياً في ظل شحّ التساقطات، لكن غياب الصيانة وتأهيل المرافق مسؤولية تقع على عاتق الجهات المعنية».
وأضاف أن المرافق الصحية متدهورة، والفضاءات الترفيهية منعدمة، داعياً إلى مبادرات بسيطة كتوفير أرجوحات للأطفال والعناية بالنظافة وتأهيل الفضاء، لأن هذه الخطوات – على حد تعبيره – لا تتطلب بالضرورة وجود الماء، بل إرادة حقيقية للحفاظ على جاذبية المنتزه كوجهة طبيعية وسياحية مهمة بإيموزار كندر.
ويرى مهتمون بالشأن البيئي أن هذا التحول ناتج عن عوامل متعددة، من ضمنها التغيرات المناخية، وقلة التساقطات المطرية، فضلاً حفر عدد من كبار فلاحي المنطقة لآبار عميقة مجهزة بمضخات قوية، ما أدى لاستنزاف الموارد المائية والغابوية، وهو ما يستدعي التدخل العاجل لإنقاذ ما تبقى من مقومات الجذب الطبيعي بالمنطقة.
ويحذر فاعلون محليون من أن استمرار هذا الوضع قد يُفاقم تراجع النشاط السياحي الموسمي الذي تعتمد عليه مجموعة من الأسر والمهن بالمنطقة، داعين إلى وضع خطة بيئية استعجالية لإعادة تأهيل المنتزه وتثمين موارده الطبيعية.




