بالفيديو: أسعار زيت أركان بسوس ترتفع إلى مستويات قياسية

Mhand Oubarka / Le360  

في 09/01/2022 على الساعة 21:00

فيديوشهدت أسعار زيت الأركان أو كما يحلو للبعض تسميته بـ"الذهب السائل" داخل الأسواق المحلية بجهة سوس ماسة، ارتفاعا صاروخيا غير مسبوق، ما جعل مهنيي القطاع، خاصة التعاونيات، يدقون ناقوس الخطر تجاه العوامل التي أدت إلى هذا الارتفاع.

وقالت فاطمة المحني، رئيسة تعاونية "أركانة ن أمسكروض" بضواحي أكادير، إن مجموعة من الإكراهات يعيشها قطاع الأركان بسوس جعلته اليوم على وقع ارتفاع غير مسبوق، ضمنها الجفاف الذي ضرب المنطقة منذ سنوات ويستمر حتى الآن، إضافة إلى غلاء المادة الأولية التي أصبحت محتكرة من قبل شركات ومقاولات بحد ذاتها على حساب المرأة القروية، التي كانت تشتغل بأريحية في هذا المجال ولها باع طويل في توفير هذه المادة داخل الأسواق المحلية والجهوية والوطنية وحتى الدولية.

وأضافت المتحدثة في تصريح لـLe360، أن المادة الأولية في العهد الذي كانت المرأة القروية هي المدبرة في القطاع كانت متوفرة بشكل كافٍ، إلا أن دخول شركات كبرى على الخط حرَمَ النساء من أدوارهن وسحب البساط من تحت أقدامهن لتتحكم المقاولات في الأسعار وتحتكر المادة الأولية بشكل أثَّر سلبا على المجال برمته، مشيرة إلى أن ارتفاع الأثمنة بشكل صاروخي مرده إلى هذا "الاحتكار" الذي وصفته بـ"غير المفهوم".

وأكدت الفاعلة في قطاع التعاونيات أن المتضرر الأول من هذه الأسعار ليس التعاونيات أو الشركات وإنما المستهلك، الذي لن يكون بمقدوره اقتناء زيت الأركان، سواء كان مغربيا أو أجنبيا، لكون السعر الحالي خيالي ولم يسجل في تاريخ القطاع أن وصل إلى هذا الحد.

وشددت على أن ثمن اللتر الواحد كان يتراوح ما بين 230 إلى 250 درهما ليصل اليوم إلى ما يفوق 600 درهم، وهو تحول سريع حتَّم على النساء المشتغلات بالمجال البحث عن مورد عيش آخر بعد أن أصبح الحصول على هذه المادة الحيوية حلما صعب المنال.

وسجلت المحني إقدام عدد من الشركات والمقاولات الصغيرة على تغيير وجهتها والاهتمام بزيوت أخرى عوض الأركان بسبب هذه الأسعار المتقلبة، واصفة الوضع بـ"المقلق الذي يستدعي تدخل مختلف الجهات المعنية لإيجاد حلول واقعية لهذا القطاع"، الذي يشغل يد عاملة هامة في العالم القروي ويعد مصدر قوت عيش الكثير من الأسر السوسية.

من جانبه، أوضح ميلود أزرهون، المنسق الإقليمي لشبكة جمعيات محمية أركان والمحيط الحيوي بإقليم تارودانت، أن الظاهرة التي أصبحت تستأثر بالرأي العام خاصة المتتبعين لإنتاج وتسويق زيت أركان المتعلقة بأسعار كل المواد التي لها علاقة مباشرة بهذه المادة سواء "تيزنين" التي تقارب 200 درهم للكيلوغرام الواحد وأيضا الزيت التي يتم إنتاجها بما يزيد 450 إلى 500 درهما قبل بيعها في الأسواق، التي أصبحت شبه مفقودة، هي نتيجة حتمية للتنظيم الذي يشهده القطاع.

وأورد المنسق الجهوي للائتلاف المغربي للمناخ والتنمية المستدامة بجهة سوس ماسة في تصريح لـLe360، أن أسباب هذه التقلبات في الأسعار ليست محصورة فقط في الظروف المناخية لوحدها أو الجفاف بحكم أن شجرة الأركان تتواجد دائما بالمنطقة التي تعيش في مناخ شبه جاف، بالتالي يقول المتحدث، لم يسبق لسعر الأركان أن وصل إلى هذا السقف، معزيا السبب إلى الزج بسرعة مهولة بسلسلة إنتاج الأركان في المنظومة الاقتصادية المرتبطة بالعولمة، التي سمحت لشركات كبرى باقتحام مجال الإنتاج والتسويق مع احتكارها للمادة الأولية.

"ومن المعلوم أن التعاونيات من قبل أو في الوقت الراهن لم تكن لديها القدرة لتخزين المادة الأولية بالشكل الذي تقوم به المقاولات الكبرى، ونفس الشيء بالنسبة للشركات الصغرى الأسرية، التي لم تستطع هي أيضا مجاراة نسق وهجوم المستثمرين والرساميل الكبرى"، يقول أزرهون، مضيفا أن التعاونيات أحدثت من طرف المؤسسات المعنية من أجل حماية منظومة الاقتصاد الاجتماعي التضامني وحماية موارد دخل المرأة القروية في مجال الأركان والتي لا تتوفر على بدائل سواء من قبل أو في الوقت الحالي الذي تفاقمت الأزمة مع توالي سنوات الجفاف وغياب فرص التشغيل.

الوضعية الحالية للقطاع، يؤكد المتحدث، "تطرح علامات استفهام كبيرة أهمها إلى أين يتجه قطاع الأركان؟ وهل نريده أن يكون رافعة لتحسين وضعية الساكنة القروية في مجال أركان التي تعاني من الهشاشة وغياب فرص الدخل أو جعله كرافعة للاقتصاد المضارب الرأسمالي في إطار السياسة الفلاحية الكبرى بالمغرب؟"، مؤكدا أن الجمع بين الاثنين أمر مستحيل أمام مادة محدودة ومطلوبة وطنيا ودوليا في مجال الأكل والتجميل والصيدلة وصناعة الأدوية وغيرها من الاستعمالات المتعددة، مشددا على أهمية توفير الشروط الكافية للمنظومات الاقتصادية التضامنية المحلية لتزود المؤسسات التي تتهافت على هذه المادة أو إحداث وحدات تحويلية في المناطق الصناعية التي أصبحت تشيد بمدينة أكادير وضواحيها ليصبح الاحتكار مقتصرا على التعاونيات المحلية والنساء القرويات المشتغلات بالمجال من أجل ضمان التوازن الاجتماعي والاقتصادي لساكنة الأرياف بالمغرب.

ونبه المتحدث إلى الخسائر التي تتكبدها النساء سواء في وقت سابق أو الآن، حيث كان هامش الربح لا يتعدى لديهن 30 إلى 40 درهما ورغم الارتفاع الملحوظ في الأسعار بقي هامش الربح دون المستوى ولا يتجاوز 30 درهما أمام مجهودات جبارة تبذلها المشتغلات بالقطاع وظروف قاسية تتخبطن فيه، داعيا إلى النظر للموضوع بشكل جدي ومسؤول وعدم الاكتفاء فقط بالبحث عن إغناء سلسلة الاقتصاد التنافسي الموجه نحو التصدير، مضيفا قائلا: "آن الأوان للالتفات في إطار منظومة النموذج التنموي الجديد، لا يمكن أن يكون هنالك مجتمع قوي إلا بتقوية أريافه وبساكنتها وتمكينها اقتصاديا واجتماعيا بشكل متوازن بما يضمن تنمية محلية مستدامة".

تحرير من طرف امحند أوبركة
في 09/01/2022 على الساعة 21:00