شجرة الأركان.. تراث غابوي هام بإقليم الصويرة

DR

في 12/05/2021 على الساعة 20:00

تعد شجرة الأركان تراثا غابويا هاما على مستوى إقليم الصويرة، نظرا لخصائصها المتعددة التي تجعل منها شجرة تتكيف مع كافة الظروف المناخية، حتى القاسية، ومكانتها كشجرة مستوطنة بالمملكة.

وإلى جانب أدوارها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمهارة المتجذرة التي تحيط بها وتضمن عيش عدد من الأسر، فإن لشجرة الأركان أو "أركانيا سبينوزا" (الاسم العلمي) تاريخا أصيلا على ارتباط وثيق بإقليم الصويرة، إحدى المناطق التي تضم غطاء غابويا كثيفا، بأزيد من 275 ألف هكتار (43 في المئة)، ومتنوعا مع سيادة صنف شجرة الأركان.

وعلى صعيد جهة مراكش آسفي، تقدر مساحة شجر الأركان بـ484 ألف و917 هكتار ويصنف ضمن نطاق غابوي بمناطق شبه قاحلة إلى قاحلة. وبالنسبة لإقليم الصويرة، يمتد شجر الأركان على مساحة إجمالية تصل إلى 136 ألف و750 هكتار، أي 20 في المئة من المساحة الإجمالية لهذه الشجرة وطنيا والتي تصل إلى 832 ألف هكتار (7 في المئة من المساحة الغابوية الوطنية).

ويتواجد هذا الصنف النباتي المستوطن بالجنوب الأطلسي للمغرب ضمن مساحة جغرافية تمتد بين مصبات واد تانسيفت (شمال) وواد أساكا بإقليم سيدي إفني (جنوب)، تجعل منه شجرة متعددة الاستعمالات، تدر مصدر غذاء ومورد رزق لمستغل الأركان.

وتتعدد مزايا واستعمالات شجرة الأركان، إذ يستخدم خشب الشجرة في صناعة الفحم الممتاز والبناء وتصميم بعض الأدوات والمعدات، فيما تشكل أغصانه علفا بالنسبة للماشية (الماعز خصوصا)، ثم دور الأركان كشجرة مثمرة (450 كلغ سنويا من الثمار الطرية في الهكتار الواحد بالصويرة).

وحسب معطيات للمديرية الإقليمية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالصويرة، فإن شجر الأركان بالصويرة ينتج 1138 طنا من الزيت ويساهم في تلبية 36 في المئة من حاجيات مجموع ساكنة الإقليم. وإلى جانب وظائفها الاقتصادية، تضطلع غابة الأركان بدور هام في حماية الأراضي وتحسين الظروف البيئية، وكذا دور اجتماعي يتمثل في ضمان استقرار الساكنة المحلية، على اعتبار أن انقراض هذه الشجرة قد يؤدي حتما إلى التصحر.

وبالمناسبة، أوضح المدير الإقليمي للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالصويرة، السيد عبد العالي أوموهاب، أن شجر الأركان يتواجد بكثرة في منطقة "حاحا" بين الصويرة وأكادير، فيما يتواجد بكثافة أقل في منطقة "الشياظمة" شمال الصويرة، بمساحات أقل.

وأشار السيد أوموهاب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن أشجار الأركان بالإقليم تمتد إلى سواحل المحيط بالإقليم، مسجلا أن أهم المساحات الغابوية للأركان توجد بمنطقة الغزوة وتمنار (جنوب وشمال) وسهول غابة إفرخس وغابة آيت عيسى وكوراتي وإدا وسارن في الجبال المتوسطة.

وذكر بأن أشجار الأركان يتم تدبيرها وفق تشريع خاص (ظهير 1925) الذي يعترف للسكان المجاورين لهذه الأشجار بحقوق استخدام واسعة جدا (المسار، قطف الثمار، الزراعة، جمع الأخشاب والحجارة...).

وأكد أن هذا التراث الغابوي يشكل رافعة للتنمية، كما يدل على ذلك عدد التعاونيات النسائية العاملة في الميدان، منوها بمختلف الجهود المبذولة من قبل السلطات الإقليمية والمديرية الإقليمية للفلاحة والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان في مجال تدبير وتأهيل فضاء شجر الأركان.

وتابع أنه يتم سنويا، تأهيل مساحات هامة من شجر الأركان عن طريق إعادة إحياء غابات الأركان، عبر الغرس والتشجير، وعمليات قص الأشجار وتحسين الموارد المائية وحماية الأصناف، مسجلا أن المديرية الإقليمية للمياه والغابات، غرست هذه السنة، حوالي 731 هكتارا، وبرمجت غرس 730 هكتارا إضافية لاحقا. ولعل أهمية شجر الأركان والمهارات المرتبطة به، جعلته يصنف في 1998، من طرف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) ضمن "محمية المحيط الحيوي للأركان"، مع إدراجه بدءا من نونبر 2014، على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية.

وانخرط المغرب مبكرا، وعيا منه بالمكانة القيمة لشجرة الأركان، في تثمين والمحافظة على هذه الشجرة الفريدة من نوعها من خلال القيام، وبتعليمات ملكية سامية، بإحداث الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان ( 11 نونبر 2009) من أجل الدفاع على شجرة الأركان وإبراز أهميتها الاقتصادية على المستوى الوطني والدولي.

واحتفى المجتمع الدولي يوم الاثنين الماضي (10 ماي)، باليوم العالمي الأول لشجرة الأركان، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة للاحتفاء بهذه الشجرة المستوطنة في المغرب وتثمينها كتراث ثقافي لا مادي للبشرية، ومصدر عريق للتنمية المستدامة.

ويعد هذا الاحتفال، على الصعيدين الوطني والدولي، باليوم العالمي لشجرة الأركان اعترافا دوليا بجهود المملكة، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لحماية وتثمين شجرة الأركان، عقب مشروع قرار تقدم به المغرب وحظي بدعم من 113 دولة عضو بالمنتظم الدولي.

وحسب السيد أوموهاب، فإن إعلان 10 ماي من كل سنة يوما عالميا لشجر الأركان يجب أن يكون محفزا لباقي الأطراف المهتمة بهذا الترااث الغابوي، على مضاعفة الجهود، قصد صون هذه الشجرة والنهوض بالمنتجات المشتقة منها.

يذكر أن القرار الأممي الذي يقر الاحتفال بهذا اليوم، يعترف بالمساهمة الكبيرة لشجر الأركان في تنزيل 17 هدفا ضمن أجندة 2030 وتحقيق التنمية المستدامة في أبعادها الثلاثة (اقتصادية واجتماعية وبيئية). كما يبرز القرار الاستعمالات المتنوعة لزيت الأركان، خاصة، في الطب التقليدي والتكميلي وفي بعص الصناعات الغذائية والتجميلية. كما يدعو نص تخليد هذا اليوم العالمي إلى تقوية التعاون الدولي قصد الدعم والنهوض بالمحافظة على المحيط الحيوي لشجرة الأركان، والتطوير المتزايد لنمو مستدام لقطاع إنتاج الأركان.

تحرير من طرف Le360 مع و.م.ع
في 12/05/2021 على الساعة 20:00