حوالي 2000 من زبائن شركة طوماس كوك في العديد من الدول الأوروبية يقيمون حاليا في المغرب. إنهم معنيون جميعا بالصعوبات التي تواجهها شركة السياحة البريطانية، التي أوقفت كل نشاطاتها ليلة الأحد-الاثنين، مما ترك 22000 موظف في وضعية صعبة و600000 زبون يتعين إعادتهم إلى بلدانهم (هذه هي أكبر عملية إعادة إلى الوطن منذ الحرب العالمية الثانية).
المغرب، الذي يستقبل كل عام حوالي 150.000 عميل من شركة طوماس كوك، ليس في مأمن من الأضرار الناجمة عن إفلاس هذه الشركة السياحية. السياحة تستعد بالفعل لتلقي صدمة غير مسبوقة. التأثير فوري بالنسبة لما لا يقل عن أربعين فندقا، معظمها في مراكش وأكادير.
بالإضافة إلى نفقات إقامة 2000 زبون في المغرب، فإن جميع الوحدات المتأثرة تقريبا لديها ثلاثة أشهر من المتأخرات لدى شركة السياحة البريطانية. كما أن الدين المتراكم يبلغ حوالي 200 مليون درهم، بحسب ما أكده عبد اللطيف القباج رئيس الاتحاد الوطني للسياحة.
ويشتكي أصحاب الفنادق المغاربة من عدم وجود تأمين لتغطية تكلفة الإقامة في حالة الإفلاس. بعض الضمانات، مثل تلك التي اقترحتها الجمعية المهنية للتضامن السياحي (APST)، تهدف فقط إلى ضمان عودة الزبائن، أو حتى تسديد التسبيقات التي يدفعها أولئك الذين لم يذهبوا بعد في عطلة. وحتى إذا حدث أن الزبون لديه ضمانة، يجب عليه أن يدفع تكاليف إقامته تماما قبل أن يطلب تعويضا من شركة التأمين.
طوماس كوك هي شركة عملاقة وزبائنها يأتون من دول أوروبية مختلفة: إنجلترا وهولندا وبلجيكا وألمانيا وفرنسا والدول الاسكندنافية. تجدر الإشارة إلى أن الأزمة تهم أولا الشركة الأم طوماس كوك في إنجلترا، تليها فروعها في كل من هولندا وبلجيكا (وهما بالفعل فرعان منفصلان من الناحية القانونية).
وبالتالي فإنه بالنسبة للزبائن الآتين من هذه البلدان الثلاثة، العطلة في المغرب قد شارفت على الانتهاء. غير أن السؤال يطرح بشأن عودتهم إلى بلدانهم. من سيتكفل بذلك؟
"لقد أصبحت قضية سياسية. لن تترك الحكومات مواطنيها ضائعين. من ناحية أخرى، يتعين على الفنادق تحصيل مصاريف الإقامة من الزبائن"، بحسب ما أوضحه رشيد دهماز، رئيس المجلس الجهوي للسياحة في أكادير-سوس-ماسة، في وقت متأخر من ليلة أمس الاثنين 23 شتنبر (بعد خروجه من اجتماع طويل لخلية الأزمة التي تم إنشاؤها بأكادير).
فعاصمة سوس تستضيف حوالي 750 زبونا لشركة طوماس كوك، من بينهم 350 من ألمانيا و140 من إنجلترا.
منذ يوم الثلاثاء 24 شتنبر، يؤكد لنا رشيد دهماز، تقوم طائرات تابعة لشركة كوندور الألمانية، وهي فرع لشركة طوماس كوك، برحلات فارغة إلى أكادير لبدء إعادة السياح إلى بلدانهم. تم تقديم تعليمات لأصحاب الفنادق لكي يطلبوا بكل لياقة من السياح أن يقوموا بأداء مبلغ الإقامة. وقد ناشد المجلس الجهوي للسياحة القناصل المقيمين بأكادير بغاية تسهيل التواصل مع مواطنيهم.
في الوقت الحالي، حكومات الدول التي يتحدر منها زبائن طوماس كوك لم تقرر بعد ما إذا كانوا سيتحملون نفقات الفندق، بالإضافة إلى تلك المتعلقة بالإعادة إلى الوطن. كما أن مصير فروع الشركة السياحية البريطانية في كل من ألمانيا وفرنسا سيعرف في الساعات القادمة. يؤكد دهماز أنه "لن ننتظر قرار كل حكومة. حصلنا على تفويض من القسم القانوني في شركة طوماس كوك لاتخاذ إجراءات انطلاقا من صباح يوم الثلاثاء. في غياب الدعم الحكومي أو تأمين ساري المفعول، يجب علينا أن نطلب من الزبائن أن يؤدوا مباشرة مصاريف الإقامة". في أي حال، حتى لو لم يدفعوا، فلن يقوم أصحاب الفنادق بإزعاجهم، لأنه ليس من المصلحة تشويه صورة وسمعة الوجهة السياحية، بحسب ما أكده مصدر من المجلس الجهوي للسياحة.
هناك مشكل آخر يتعلق بمتأخرات الأشهر الثلاثة الماضية (الفواتير القديمة). في الواقع، لا يمكن استرداد هذه المتأخرات إلا بعد عملية طويلة من التصفية القضائية، مع العلم أن الأولوية عند منح التعويضات ستكون للموظفين والخزينة العامة والمنظمات الاجتماعية، وفيما بعد للمزودين.
بلغت الخسائر التي تكبدها المهنيون في أكادير، فيما يتعلق بالمبالغ المستحقة غير المدفوعة خلال الأشهر الثلاثة الماضية مع شركة طوماس كوك، حوالي 50 مليون درهم، مقسمة بالتساوي بين، من ناحية، الوحدات الفندقية المرتبطة مباشرة بعقود مع الشركة السياحية في المملكة المتحدة ومن ناحية أخرى أجهزة الاستقبال والموزعين والبائعين عبر الإنترنت.
ووفقا لمصادر متطابقة، علمنا أن الخسارة الكبرى للمهنيين في سوس ماسة سجلت من قبل وكالة الأسفار "يونيفرسال هوليدايز"، الممثل الحصري لـ"طوماس كوك" في المغرب، وهي شركة خاضعة للقانون المغربي يملكها رجل أعمال مصري. اتضح أن الأخير هو أيضا ممثل شركة السياحة البريطانية في مصر ودبي. أكثر من 90 في المائة من زبائن فنادقه، خاصة في مصر، يأتون عبر شركة طوماس كوك.
أما بالنسبة للحكومة المغربية، فإنه بعد 24 ساعة من إنشاء خلية أزمة مسؤولة بشكل خاص عن تتبع المعلومات، يبدو أن طاقم وزير السياحة، محمد ساجد، وعادل الفقير، مازالت لم تنته من تعداد الأضرار التي أصابت القطاع.
في الوقت الذي كنا ننتظر من الوزارة الوصية أن تتحرك على وجه السرعة وتتخذ إجراءات، انخرط الوزير محمد ساجد وعادل الفقير، مدير المكتب الوطني المغربي للسياحة في الحملة التواصلية التي لا تحمل من التواصل إلا الاسم. في الوقت التي توجه عبد اللطيف القباج بهذا النداء: "يجب أن نجلس على الطاولة لإيجاد حلول ومساعدة المهنيين على استرداد أموالهم".
أما رئيس المجلس الجهوي للسياحة فقد دعا الوزارة الوصية إلى التدخل لدى الحكومات الأوروبية المعنية من أجل تسهيل استرداد المستحقات المالية وتقليل الخسائر.
بيان الأزمة الثاني الذي أصدره هذا الصباح المكتب الوطني المغربي للسياحة لا يقول الحقيقة كاملة بخصوص مدى تأثير انهيار طوماس كوك على السياحة الداخلية. حتى إذا كان المكتب الوطني يدرك أن شركة السياحة البريطانية لم تف بالتزاماتها، أي أن الخسارة في الأرباح تقابل حصة تزيد عن 40،000 زبون، فقط بالنسبة لعام 2019.
المكتب الوطني المغربي للسياحة لا يشير إلى مقدار العجز في الميزانية، لأن كل دافع ضرائب مغربي اشترك بمبلغ معين لدعم وصول 102 ألف زبون بموجب العقد الذي يربط المكتب الوطني المغربي للسياحة بطوماس كوك.
عدم وضوح الرؤية بالنسبة لمئات الآلاف من الليالي المفقودة مع رحيل طوماس كوك ولا عن الحلول التي يتعين تقديمها لعلاج الآثار المتوقعة بالنسبة لقطاعات أخرى: النقل، الإطعام، إلخ. واكتفى بيان المكتب الوطني بالقول دون تقديم مزيد من التوضيحات إن "المكتب الوطني المغربي للسياحة واثق من مرونة وجهة المغرب من خلال تطوير أعمال شركات الطيران ومنظمي الرحلات السياحية الآخرين، سواء التقليدية أو عبر الإنترنت".
ولكن سياسة تواصل الأزمة التي يتبعها ساجد والفقير تخلو من البراعة والدقة، لأنها تتجاهل بشكل واضح الصدمة "النفسية" التي عانى منها 2000 زبون طوماس كوك، المنتشرون في أربعين منشأة فندقية بين مراكش وأكادير. أقل ما في الأمر هو إيلاء اهتمام خاص لهم، إذا كان ذلك فقط من خلال تقديم الزهور لهؤلاء السياح، الذين اضطروا وأجبروا على قطع إجازاتهم. على الرغم من أنهم كانوا يقيمون، كما كان يطلق عليه منذ سنوات ملصق للمكتب الوطني المغربي للسياحة، في "أجمل بلد في العالم".