لم يتفوّق بهاوي على المغاربة فقط بل على العديد من الفنانين في العالم العربي، بعدما حصدت أغنيته أزيد من 14 مليون مشاهدة في غضون أيامٍ قليلة. وقد اعتبر الكثير أنّ هذا المكانة التي يحتلها بهاوي تعود إلى اجتهاداته في الغناء وقدرته على كتابة أعمالٍ غنائية مذهلة تتماشى مع ذائقة المتلقي في الوقت الحالي. ويحرص بهاوي في كلّ جديد غنائي له أنْ يُوسّع من مفهوم البوب ويجعله منفتحاً على تحوّلات الموسيقى المعاصرة. وتتميّز أغانيه الأخيرة باشتغال على الصورة وجعلها تحظى ببعضٍ من الاهتمام من ناحية التصوير والألوان والضوء. إنّ كليباته تعتبر أعمالاً فنية في حدّ ذاتها، لكونها تُبلور مفهوماً جديداً داخل هذه الصناعة، بعد الطفرة التقنية التي اجتاحت عالم السينما وظلّ المشهد الغنائي بمنأى عن التفكير فيها. في كلّ أغنية جديدة، يعمل بهاوي على الاستقرار في مناطق يباب غير مفكّر فيها على مستوى التصوير، عاملاً على مواصلة نجاحاته على مُستوى الكتابة والذوق الموسيقي.
تتنوّع أغاني بهاوي، لكنّها تستقر عند نقطةٍ واحدةٍ ترسو صوبها الأذن وتتعلّق بموضوعات ذات صلة بالحب والعشق والخيانة. يعتبر البعض أنّ اهتمام الفنان بمثل هذه الموضوعات يزيد من ارتفاع منسوب المشاهدة ويجعل الشباب المغاربة يصطفّون وراء أغانيه. والحقيقة أنّ هذا الأمر ليس صحيحاً بالمقارنة بالصناعة الفنية التي تتميّز بها أغاني من قبيل « ما اقدر » و« FoLLow » و« ناري » وغيرهم. إنّها أعمالٌ تحتفي بالصورة أوّلاً وقبل كلّ شيء. فالصورة عنصرٌ أساسي في الأغنية المعاصرة، لأنّ هذه الأخيرة عبارة عن عمل مركّب يتماهى فيها الصوت مع الصورة والإيقاع لتُكونّ خليطاً فنياً يصعب القبض عن ملامحه وجمالياته إذا لم يكُن المرء حقاً يتوفّر على بعضٍ من ميكانيزمات التذوّق الفنّي والحدس الجمالي حتّى يحدس بما تهجس به الأغنية وجمالياتها.
تفوّقت أغنية « ما اقدر » على « لاكاروسيل » لسعد لمجرّد و« مهبولة » لمنال بنشليخة. مع العلم أنّ أغانيهما هي الأخرى تُضمر اشتغالاً مكثفاً على عنصر الصورة وجمالياتها. في « ما اقدر » هناك اشتغال على موسيقى بوب شعبي باستخدام إيقاعات مختلفة. في حين عملت بنشليخة على محاولة استعادة ملامح الراي في تسعينيات القرن العشرين، سواء على مستوى الكتابة أو التصوير. ذلك إنّ الرهان على هذا النمط الغنائي بدا بالنسبة للمُستمع من الأمور غير المألوفة داخل الأغنية. أما سعد لمجرّد، فإنّ طريقته في التعامل مع عنصر الصورة جاء من خلال اللعب والتعبير بالضوء. وتشترك هذه الأغاني في كونها تُراهن على فعل الصورة باعتبارها مدخلاً إلى الأغنية وليس العكس. في حين تتقاطع الأغنية على مستوى النوع والإيقاع وطريقة التعبير بصرياً.