ويأتي هذا الاختيار المعرفي في محاولة إدارة أيام بوزنيقة على خلق نوعٍ من التكامل المعرفي بين المشاهدة والنقد. ذلك إنّ مثل هذه الدروس تكون في غالب الأحيان أفضل من العرض السينمائي الذي يكون مطبوعاً بهاجس الترفيه والاستهلاك. وذلك بكيفية يغدو فيها المهرجان مُختبراً لإنتاج المعرفة السينمائية. خاصّة وأنّ المهرجانات السينمائية تعتمد دوماً في مقاربة موضوع الإخراج السينمائي على مخرجين أو كتاب سيناريو، في حين أنّ إسهامات الناقد تبقى قليلة على مستوى التداول. فالناقد يمتلك قُدرة مفاهيمية قويّة ووعياً مُدهشاً بالنظريات وتاريخ الصورة، ما يجعله قادراً على إنتاج خطاب فكريّ مؤسّس على معرفة عالمة في تشريح طرق وآليات إخراج فيلم سينمائي. إذْ تكون له نظرة مخالفة عن المخرج، بحكم فعل التأويل الذي يفتح الصورة على مناخات فنية وعناصر جمالية يجعلها المُشاهد.
يمتلك حمادي غيروم وعياً أصيلاً بالمشهد السينمائي المغربي وله إسهامات كبيرة في هذا المضمار، بما يجعله قادراً على تشريح واستشكال جماليات الإخراج السينمائي انطلاقاً من عدّة نظرية نقدية أو بحكم معاينته اللصيقة بميكانيزمات صناعة الفيلم السينمائي رفقة العديد من المخرجين المغاربة. بل إنّ غيروم كان له دوماً السبق في إقامة جمعيات ومهرجانات تنضح بالجديد الذي يُعوّل عليه سينمائياً وتدفع بالمُشاهد الباحث والناقد والفنان إلى اكتشاف أشياء مذهلة عن السينما وتحوّلاتها.