يأتي هذا اللقاء الثقافي النوعي، وعياً بقيمة ما يمثله الشاعر والروائي والناقد حسن نجمي من مكانة داخل الأدب المغربي المعاصر. فهو يُعدّ من الوجوه الأدبيّة النيّرة التي تنتمي إلى جيل الثمانينيات، وهو جيل لاحق على الجيل المؤسّس للحداثة الشعرية وأعني جيل السبعينيات. فقد عُرف عن الثمانينيات في كونها مرحلة تجريب شعري استطاعت فيه القصيدة أنْ ترسم لها ملامح جمالية مختلفة عن الأجيال الأخرى التي سبقتها. فهذا التجريب قاد نجمي وغيره من الشعراء إلى التفكير في مناطق يباب ظلّت في حكم اللامفكّر فيه داخل الكتابة الشعرية. فإذا حاولنا استقراء المقومات الفنية والخصائص الجمالية التي وسمت تجربة حسن نجمي الشعرية، سنجده من أكثر الشعراء الذي ينتمون إلى الحداثة الشعرية، لا لأنّه أقام خللاً في الشكل أو تبطّنت قصائده نفحات غربية من أشعار بودلير أو رامبو، ولكن بحكم المنافذ التي يشرعها نجمي والتواشجات الجمالية التي يخلقها مع أشكال تعبيرية أخرى.
وإلى جانب كتاباته الشعرية ومنجزه الروائي، يُعد صاحب «حياة صغيرة» من الباحثين والنقاد الذين اشتغلوا على موضوع الشعر الشفاهي بالمغرب وأعني غناء العيطة، حيث أصبح هذا النوع الغنائي الشعبي معترفاً به ويُنظر إليه على أساس أنّه تراث مغربي أصيل. فكلّما اشتدّ الجدل والصراع وسط المجتمع حول الشيخة وغناء العيطة يخرج نجمي بمرجعيته العلمية التاريخيّة وبترسانته المفاهيمية الفكريّة، ليُنير طريق الفهم ويبسط على طاولة النقاش داخل الفضاء العمومي معنى الشيخة وما الذي تُمثّله بالنسبة للذاكرة المغربية من رمز وقوة وأصالة لا ينبغي التخلّي عنها، أمام ما يشهده الواقع من تبدّلات فنية، خاصّة بعد اجتياح مفهوم العولمة الذي يسلب يوماً بعد يوم كافّة المرتكزات الثقافية ورأسمالنا الفني الشعبي الضارب في قدم الحضارة والموروث عن أزمنة قديمة.
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا