تأتي قيمة هذه المحاضرة انطلاقاً مما يمثله العطري من مكانة بارزة في السوسيولوجيا المغربية، بحكم ما راكمه من مؤلفات غزيرة ونوعية تعمل على تقديم رؤية مختلفة للواقع. ورغم تراجع البحث الميداني في مجال السوسيولوجيا بالمقارنة مع سنوات خلت، إلاّ أنّ العطري يُعدّ من الباحثين القلائل الذين ظلوا يكتبون ويؤلفون ويحاضرون ويُقدّمون مجموعة من الأفكار حول السوسيولوجية المغربية. وعلى الرغم من النقد الحاد الذي يُوجّه إلى العطري أحياناً في كون كتاباته « خفيفة » إلاّ أنّ الحقيقة عكس ذلك. فكتاباته أصيلة من ناحية المنطلقات الفكرية ورصينة على مستوى اختياره للموضوعات والقضايا والإشكالات وهي في عمومها تتّصل بالواقع المغربي.
يسعى صاحب « السوق والتسوّق » في كل كتاب جديد له أنْ يضع الفضاء المغربي أفقاً للتفكير ومساحة شاسعة لتكثيف القول وبلورة أفق فكري مغاير لا يجد مرجعياته في المفاهيم والنظريات الموجودة والمتراكمة في الكتب، وإنّما الحفر عميقاً في بنية الواقع وما يُمكن أنْ يُقدّمه من أفكار للباحث تُساعد على إعادة بناء وابتداع مفاهيم جديدة تُسعفه على معاينة التحولات تشهدها علاقة الفرد بالمجتمع. ويعتبر صاحب « أنثروبولوجيا الحج الإسلامي » من الباحثين الذين اشتغلوا على مفهوم المقدّس، بحكم ما يمثله هذا المفهوم في الثقافة المغربية، إذْ يكتسب مرجعياته في مدى تقاطعاته مع الرأسمال الديني. والحق أنّ هذا المفهوم لا يمكن أنْ نعثر عليه إلاّ داخل المجتمعات المركّبة التي يحتلّ فيها الرأسمال الديني مكانة بارزة.
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا