تأتي قيمة هذه المحاضرة، انطلاقاً مما يمثله العروي من مكانة داخل الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية، فهو واحدٌ من الأدباء المغاربة الأكثر وعياً بمفهوم الكتابة وعوالمها التخييلية. فتجربته تجمع بين كتابة الرواية والقصة والفكر. فهذا التعدّد على مستوى الكتابة يعطي للكاتب إمكانات كبيرة للكاتب، بغية الاشتغال وفق منظور شمولي، لا يجعله يقتصر على جنس أدبي واحد، بقدر ما يفكر من زاوية موسوعية تدفعه إلى التفكير دائماً خارج مدارات الأدب ومتخيّله. وعلى الرغم من حرص فؤاد العروي، في جعل هذا الأمر علامة تميّز مشروعه الثقافي مقارنة بكُتّاب آخرين، فإنّه يحرص من زاوية شخصية أنْ تبقى كتاباته أصيلة وذات قوّة علمية رصينة يصعب نسيانها.
وقد عُرف عن صاحب «المهبول» في كونه من المثقفين الذين يحرضون دائماً أنْ يكونوا حاضرين في النقاشات العمومية التي تطال الأدب والتعليم والبحث والفن، وهو أمرٌ نادر في صفوف الأدباء، وأعني ممّن لهم القدرة على تأمّل المشهد الثقافي والتفكير في واقعه وآفاقه في ظل التحوّلات التي بات يعرفها العالم اليوم.
تربط العروي علاقة كبيرة بمجال العلوم، إذْ على الرغم من كونه يشتغل أستاذاً لهذا اللون المعرفي، فإنّه يحرص دائماً على إعطاء نفسه فسحة للتفكير خارج حدود العقل وذلك من خلال المراهنة على مفاهيم الجسد والإحساس والذاكرة. وهي مفاهيم تكاد تكون موجّهة للفعل الإبداعي، بل من خلالها يتحقق فعل الكتابة الأدبيّة ومتخيلها. إنّ الكتابة عند فؤاد العروي تمثل خطاباً أدبياً يفكّر ولا يكتفي فقط بتصوير الذات والواقع، فمُجمل كتاباته تتمتّع بوحدة عضوية تجعل نصوصه ذات أثر بيّن وواضح في سيرة التحولات التي يعرفها الواقع.
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا