في هذا الكتاب يقول أفاية «تحتلّ مسألة الزمن في علاقتها برهانات التقدّم مساحة رئيسية في كلّ فصول هذا الكتاب، باعتبار أنّ الفكر في تمظهراته المختلفة يعرف قلقاً بسبب مفاجآت الأحداث واكتساح التكنولوجيات في تنوّع وسائلها واختراعاتها وتنامي التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية والمعرفية. وهي أسباب تضع المفكر اليوم في قلب إشكاليات لا تتوقف عن التبدّل وأمام اشتراطات نظرية ومنهجية متجددة تفرض ذاتها لإنتاج فهم مناسب لأسئلتها ولغاتها ورهاناتها، خصوصاً وأنّ التأثير الواسع الذي تمارسه وسائط التواصل الاجتماعي والتكنولوجيات الرقمية اليوم لا يتوقف عن إنتاج الشك في الوقائع، وعن نشر الضلال بطرق أسرع من قدرات من يملك بعض عناصر الحقيقة، مادام زمن الخطأ والخداع، في هذه المواقع له وتيرة متسارعة لا يضاهيه زمن الحقيقة».
ويضيف صاحب «الصورة والمعنى» بأنهّ كتابه هذا « يتكوّن من قسمين وعشرة فصول، يتناول القسم الأوّل جملة قضايا تهمّ الزمن والتقدّم وما يواجهه الفكر من حيرة أمام ما نعيشه من تسارع في كلّ مستويات الوجود والحياة، وما ينتج عن هذا التسارع من ضياع واستلاب ونسيان، ومن اهتزاز في العلاقات مع الذات والآخر والمكان والمدينة والثقافة. كما يتناول هذا القسم موضوع التفلسف في السياق العربي وتجليات الفكر الفلسفي الإفريقي المعاصر الذي بدأ عدد من منتجيه يفرضون أسماءهم وأطروحاتهم على أوساط المناقشات الفلسفية العالمية الحالية. وهي تجربة في الفلسفة غائبة عن التداول الفكري في السياق العربي حسب ما يُلاحظ فضلاً عن تضمّن هذا القسم فصلاً عما أسمّيه: البنية التحتية للنهضة وما تستلزمه من مبادئ وقيم كبرى من حرية واعتراف وعدالة واستحقاق وتسامح ».
أما القسم الثاني من الكتاب، فيضم حسبن أفاية « مقالات ومراجعات لنصوص مفكّرين ومثقفين وفاعلين جعلوا من الكتابة فعلاً للتعبير عن الذات والوجود وللدعوة إلى استنبات مقوّمات النهضة والتحديث وللاعتراف المبدئي ولعملي بالتعدّد الذي يُشكّل واقعياً مصدر ثراء الرأسمال الرمزي والثقافة السياسية ».