في هذا الكتاب يقدم الكشوري فكرة أصيلة من حيث المبدأ. ذلك إنّه يحرّض الكتاب في مجال الصحافة إلى الاهتمام بالتاريخ على أساس أنه يقدّم لنا مجموعة من « الحقائق » التي وقعت في الماضي، لكنّها تكون أحياناً ذات قيمة بالنسبة للحاضر. فالتاريخ له قيمة كبيرة بالنسبة للإعلامي، لأنه يتيح للمرء معرفة تاريخه وفهم بعض وقائع الحاضر من خلال الرجوع إلى الماضي. فهناك أحداث لا يمكن استيعابها دون اخضاعها إلى الشروط التاريخية التي فيها ظهرت. بيد أنّ الأمر لا يتعلّق هنا عند استخدام الصحافي للتاريخ، بل إن المؤرخ يستفيد من الصحافة ويتعامل معها على أساس أنّها مصدر من مصادر الكتابة التاريخيّة. فالتاريخ المعاصر، يعتمد كثيراً على الصحافة المكتوبة خاصة التي ظهرت خلال الفترة الاستعمارية، بحيث عمد إليها عدد من الباحثين المغاربة واستطاعوا عبرها التنقيب في تاريخ المغرب.
يقول الكاتب « ينطلق هذا الكتاب من دافعين: الحاجة الإعلامية إلى دليل أو مرشد في الكتابة التاريخية، ثم الغاية إلى تحفيز الصحافيين لخوض غمار التاريخ أو التمكّن منه. ومثلما تُراعى في نوع الصحافة العلمية في الطب أو الفيزياء ضوابط وقواعد يجب احترامها ووضع الدليل لها في الكتابة، فإن الكتابة الصحفية في التاريخ تحتاج بدورها إلى دليل لا يحيد عن علم التاريخ ».
يضيف « الكتاب ليس محاولة للانتصار لمجال، وإنّما هو محاولة للجمع بين مجال الإعلام والتاريخ. وبالتحديد تمكين غير المحترفين وتقريبهم من التاريخ الأكاديمي، ممن يستعينون به في كتابتهم وتغطيتهم الإعلامية أو الذين يعشقون التاريخ ويرغبون في تنوير الرأي العام وتبسيط قضايا تاريخية، دون أنْ يكونوا متخصصين في التاريخ ».
من ثمّ يمزج هذا الكتاب « بين بعض الإشكالات النظرية وبيد الأدوات التطبيقية في التعاطي الصحافي مع التاريخ، لكنه لا يمنع في المقابل من اطلاع المؤرخ على مضمونه، فمجال اشتغال الطرفين: الصحافي والمؤرخ، يلتقيان كثيراً رغم أنهما لا يندمجان ».




