تأتي قيمة الكتاب في كونه الكاتب يقترح موضوعه في صيغة سؤال يطرح قضية اللغة العربية موضع فحصٍ ونقد. ورغم الدراسات الكثيرة والمتنوّعة التي كُتبت عن اللغة العربية وتاريخها، فإنّ صدور هذه الدراسة الجديدة في هذا السياق التاريخي الذي نعيشه تعطي للموضوع قيمة كبيرة من ناحية المشاركة في الجدل وتغذية النقاش بالحوار العلمي العقلاني المفتوح مع الناس في وسائل التواصل الاجتماعي. وهو حوار معرفي يعطي للعربية مكانتها ويُفكّك واقعها ويستشرف آفاقها في المستقبل القريب.
ولأنّ العربية بالنسبة للعرب ليست مجرّد لغة ولكنّها تتميّز بمجموعة من الخصائص الفكرية المُتّصلة بالهوية وذاكرتها. وبالتالي، فإنّ أيّ حديث عن اللغة العربية لا يمكن أنْ يسلم من موضوع اللغة والتاريخ والهوية والحضارة، فهي مفاهيم مترابطة فيما بينها وعادة ما تُحرّك موضوع اللغة العربية، لأنّه يستحيل التفكير في هذه اللغة بمنأى عن استحضار هذه المفاهيم المركزية والمؤسسة لطبيعة الحوار حولها.
يقول الكاتب عن كتابه هذا « ثار كثير من النقاش والجدل في الآونة الأخيرة عن تفضيل اللغة العربية على غيرها، لا سيما في وسائل التواصل الاجتماعي. وقد شاركت في ذلك النقاش محاولاً القول بأنّ حبّ اللغة العربية والانتماء إليها لا يوجب الزعم بأنها أفضل من اللغات البشرية الأخرى، وما يؤكد ضلال هذا التوجّه أن الزعم بتفضيل المرء لغته على اللغات الأخرى ليس مقصوراً على العرب فهو شائع في القديم وفي الحديث عند بعض متكلمي كثير من اللغات الأخرى، ولم يقتصر الأمر على وسائل التواصل الاجتماعي، إذْ كتبت عن هذه القضية المقالات الكثيرة وألفت عنها بعض الكتب وتجاوز بعض القائلين بهذا التفضيل حدود المعقول بادعاءات تدخل في مجال الأساطير. ويحاول الكتابب مراجعة هذه القضية التي تثار دائماً وتبيّن عدم علميتها وعدم حاجة اللغة العربية لها. كما يتضمّن ترجمة لأربع مقالات من اللغة الإنجليزية تعرض لمواقف العرب المعاصرين من اللغة العربية وتتناول المآلات المحتملة لمسيرتها في المستقبل ».