يشتغل فوزي بنسعيدي في مجمل أعماله السينمائية وفق قناعة ذاتية تجعل يغوص في نتوءات اليومي وفق آلية تقوم على تخييل القصص والحكايات. إنّ الفيلم عند بنسعيدي ليس مجرد وسيط بصري قابل لتمرير أفكار ومواقف، وإنّما مختبر للتفكير والحلم. ففي كلّ مشهد يجد المُشاهد نفسه أمام صورة سينمائية يطغى عليها البعد الهندسي من ناحية تصميم لقطاتها وترميم متخيّلها، فتنساب الصور بطريقة شعرية مؤثّرة في وجدان المُشاهد. يسعى بنسعيدي في مجمل أفلامه القصيرة التركيز على جماليات الشكل ويترك الشخصيات تتحرّك في الفضاء بكل حرية. يبرز ذلك في « الحائط » حيث تقف الكاميرا في مواجهة فظاعة الواقع اليومي المغرب دون أنْ تتحرّك، فيترك الشخصيات تدخل وتخرج إلى الكادر السينمائي دون تغيير وضعية الكاميرا. تجديد كهذا قاد بنسعيدي وهو شاب إلى حصوله على جوائز والاعتراف بقيمته كمخرج واعد يلامس بصور شعرية الفضاءات المنسية.
يقول فوزي عن سؤال اررقابة « أعتقد أننا نعيش في عالم لا يمكن أن تستخدم فيه مقص الرقيب لأن كل ما ستمنعه عن الناس سيشاهدونه في خلوتهم وهو في نظري عدم مواكبة ما يحدث في العالم. أنا شخصيا ليس لدي رقابة ذاتية فبعد 25 سنة من الاشتغال لم تترسبّ داخلي هذه الرقابة الذاتية والشيء الذي ساعدني هو أنه صنعت الأفلام ولم يكن عندي أدنى رقابة على السيناريو. فكلّ أفلامي حصلت على الدعم وانتهى تصويرها وعرضت في مجمل مهرجانات العالم لكنّها تُمنع يوماً "
يُضيف « فيلمي « ألف شهر » حول سنوات الرصاص في 2003 ولم تكن فيه أي رقابة وأيضا « موت للبيع » الذي حاولت فيه فهم علاقة الحب بين شخصية فهد بنشمسي وشخصية إيمان مشرافي أنها علاقة جسدية قوية وليس حبا مثاليا فقط، فصورنا العديد من اللقطات التي قد تسمى حاليا حميمية لكنها كانت ضرورية ومرّت ولم يكن هناك أي مشكل. لهذا أعتقد أنه من الضروري أن نتوقف عن فعل الرقابة التي تسيء إلينا بحيث يصعب عليك أنْ تراقب الأشياء الآن، لأنّ كلّ شيء أصبح مفتوحاً اليوم ».