ويعتبر الكتاب الرحلة الثانية إلى المغرب والذي صدر سنة 1869 بعد كتابه « إقامتي الأولى في المغرب » الذي صدر لاحقا سنة 1873، والذي ترجمه أيضا إدريس الجاي عن منشورات مختبر السرديات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء عام 2018.
ومما جاء في تقديم المترجم للنص العربي: " لا شك أن كتابات غولفس عن المغرب وعن شمال إفريقيا لاحقا وعن بعض الدول الإفريقية المتاخمة للصحراء الكبرى، قد سلطت الضوء على الكثير من جوانب الحياة المغربية والإفريقية وشمال إفريقيا للقرن التاسع عشر، لكن من المؤكد أن هذه الكتابات لم يكن الغرض منها إفادة الإنسان المغربي أو الإفريقي عموما في يوم ما بالمعلومات القيمة، التي جمعها. لكن هذه المعلومات قد كانت من البداية موجهة إلى جهات معينة كانت تقوم بمهمة جمع المعلومات التي أسس عليها المستعمر بمفهومه الواسع من مستثمرين ومقاولين، والمنتجين، الذين كان يهمهم بالدرجة الأولى البحث عن المواد الخام للتطور الصناعي، الذي تعرفه الثورة الصناعية والمنافسة الرأسمالية من أجل إيجاد أسواق جديدة. فهذه الجهات تحتاج إلى طاقم علمي، مثل جمعيات الجغرافيين والمنتديات المهتمة بإفريقيا، الذين هم أنفسهم يجندون أناسا مستعدين من أجل جمع هذه المعلومات، التي كان الغرض البعيد منها الوصول إلى هدف جماعي هو الاستفادة من خيرات المستعمرات الجيدة ».
وتأتي قيمة هذه الترجمة في كونها تُقدّم معلومات دقيقة عن الطريقة التي نظر بها غيرهارت غولفس إلى المغرب. وذلك لأنّها تكشف بطريقة مغايرة صورة المغرب في عيون الآخر الأجنبي. إنها بطريقةٍ ما تُظهر موقع المغرب في مخيّلة الآخر الأجنبي وميكانيزمات التفكير، كما أنها تعتبر اليم وثيقة تاريخية تكشف أحوال المغرب في تلك الفترة. وتمزج هذه الرحلات في طياتها بين تقديم المعلومة والرهان على جماليات الصنعة من ناحية وفق عناصر تتعلق بالسرد والوصف وغيرها.