وأبرز عبد السلام أمختاري، رئيس الجمعية المنظمة، أن هذه التظاهرة السنوية أضحت موعدا قارا للاحتفاء بالتنوع الثقافي، وتعزيز قيم التعايش والتضامن بين شعوب القارة، من خلال عرض منتوجات تقليدية وحرفية، تعبّر عن تاريخ وهوية بلدانها الأصلية، وتبرز في الآن نفسه دينامية الإدماج الثقافي والاجتماعي التي يشهدها المغرب.
وأشار أمختاري، في تصريح لـLe360، أن هذا المعرض يجمع مشاركين من نحو عشر دول إفريقية، إلى جانب تعاونيات تمثل مختلف جهات المملكة، في فضاء اختير له اسم «المعرض البين-ثقافي التضامني»، بما يحمله من دلالة على تقاسم التجارب والدعم المتبادل بين العارضين، مؤكدا حرص المنظمين على توزيع الأجنحة بشكل يعكس هذا التنوع الجغرافي والثقافي، ليصبح الزائر أمام فسيفساء إفريقية تتقاطع فيها الحكايات والرموز والمواد والألوان.
وشدد المتحدث نفسه على أن الهدف من المعرض يتجاوز الجانب التجاري، ليجعل من المنتوجات المحلية والتقليدية وسيلة لتسويق ثقافة وهوية معينة، إذ يحمل كل منتج في طياته تاريخ منطقة وذاكرة شعب، موضحا أن هذا البعد البين-ثقافي يسهم في تعزيز التعايش وبناء جسور التعاون بين شعوب إفريقيا، معتبرا أن المغرب، من خلال الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء التي أُطلقت بتوجيهات ملكية، أصبح نموذجا قاريا في مجال إدماج المهاجرين والانفتاح الثقافي والدبلوماسي.
وفي هذا السياق، أبرز الفنان التشكيلي والنحات والنجّار أودو كيشال أمبروز، القادم من الكاميرون ورئيس تعاونية «بوا ديكوفير»، في تصريح مماثل، أن مشاركته في المعرض تأتي لعرض منتجات يدوية مصنوعة من مواد معاد تدويرها، في مقاربة فنية وبيئية تسعى إلى تحويل المهمل إلى قطع فنية ذات قيمة جمالية.
وأكد المتحدث ذاته أن هذه التجربة لا تقتصر على الإبداع الفني فحسب، بل تهدف أيضا إلى الإسهام في نظافة البيئة وتحسين المشهد العام، وتعزيز اندماج المهاجرين في مجتمع الاستقبال عبر الفن والثقافة، بما يجسد تلاقح الحضارات بين إفريقيا والمغرب.
من جهتها، أوضحت الفنانة «ماري كريستين»، القادمة من جمهورية الكونغو برازافيل، أن أعمالها التي تصفها بـ«المنتجات متعددة الثقافات» تقوم على مزج الطابع المغربي التقليدي المعروف بـ«البلدي»، مع لمسات من الأسلوب الأوروبي.
واعتبرت أن هذا التمازج هو ما يمنح منتوجاتها خصوصيتها وقيمتها، مشيرة إلى أنها تشارك منذ سنوات في هذه التظاهرة بالناظور، معربة عن تقديرها للدعوة التي تتلقاها سنويا من جمعية «تسيغناس»، ومشيدة بالمبادرات التي يتيحها المغرب لفائدة المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، وخاصة النساء، لتمكينهن من إبراز قدراتهن، والمساهمة في الإنتاج الثقافي والحرفي.
بدورها، اعتبرت فاطمة الزهراء لكريمي، رئيسة تعاونية من مدينة الرباط، أن المشاركة في هذا المعرض تشكل فرصة مهمة لعرض منتجات التعاونية وإبراز جودتها، وكذا للتواصل المباشر مع الزبائن والتعرف على أذواقهم وانتظاراتهم، مضيفة أن التنقل بين المدن يتيح للتعاونيات فهم خصوصيات كل منطقة، ومشيدة بالأجواء التي تجمع مشاركين من دول متعددة، من بينها السنغال وكوت ديفوار، في صورة تعكس طموح المغرب الدائم لتعزيز التضامن الإفريقي.
وحسب متابعين، يؤكد هذا الموعد الثقافي بالناظور، مرة أخرى، أن الفعل الفني والحرفي قادر على لعب دور محوري في التقريب بين الشعوب، وتحويل الاختلاف إلى مصدر غنى وإبداع، في تجربة تجعل من الناظور فضاءً حيا للحوار الإفريقي المشترك، ومن المغرب منصة للتلاقي والتضامن بين ثقافات القارة.




