وتتميّز « ماطا » بطابعها التنافسي الشرس، حيث يتطلب الفوز بها حنكة، ومهارة، وقوة بدنية كبيرة. ويتمثل التحدي في انتزاع دمية رمزية تُعرف بـ«ماطا»، تصنعها نساء القبيلة وتزيّنها بأثواب تقليدية ملونة، قبل أن تنطلق بها المنافسة بين الفرسان الذين يتسابقون لإيصالها إلى قريتهم. ويُعد هذا الفوز شرفًا جماعيًا للقبيلة، وليس فقط انتصارًا لفارس بعينه.
الجوهر الحقيقي لهذه اللعبة لا يكمن فقط في التباري، بل في أجواء الفرح والتآزر التي تعم المكان. إذ تشكّل مناسبة سنوية تجمع بين أهل الجبال، ليتقاسموا لحظات الاحتفال والموروث المشترك، في تعبير حيّ عن ارتباطهم العميق بثقافة الأجداد وقيم الشرف والهوية.
وتُقام تظاهرات « ماطا » أساسًا في مدشر ازنيد، بضواحي العرائش، كإحدى أبرز أشكال الفرجة الشعبية التي باتت مهددة بالاندثار، رغم جهود محلية وإقليمية تهدف إلى تصنيفها ضمن التراث الثقافي اللامادي لشمال المغرب.
وفي كل دورة، يتجمّع عشرات الفرسان في الحقول، ممتطين خيولاً غير مسرجة، وسط تصفيق الجماهير، لخوض غمار التحدي حول دمية مصنوعة يدويًا من القصب، تُزيَّن بثياب زاهية على يد شابات ونساء القبيلة، في طقس يزاوج بين الجمال والرمزية.
ورغم تضاؤل انتشارها، ما تزال لعبة «ماطا» تُمارَس إلى اليوم في بعض الجماعات القروية بجهة طنجة–تطوان–الحسيمة، وعلى رأسها جماعة أربعاء عياشة.
وتُعد هذه اللعبة ظاهرة ثقافية نادرة لا مثيل لها في باقي ربوع المغرب، ولا تُشبهها إلا مسابقات محدودة تُقام سنويًا في مناطق من أفغانستان.




