وقد شهد حفل تقديم روايته الجديدة بالمعرض الدولي للكتاب بالرباط، حضور العديد من الأسماء الثقافيّة، بسبب أهمية صاحب « كان وأخواتها » بوصفه من الأسماء الأدبيّة الهامّة التي تحاول استغلال الحدث السياسي وتطويعه داخل نصّ روائيّ، وإنْ كانت نصوصه تبتعد عن عيانية الحدث السياسي، لكونها تتعامل معه باعتباره مجرّد حدث حكائي داخل النصّ. وتتميّز كتابات الشاوي بقُدرتها على النفاذ في عمق الأحداث السياسية وما رافقها من تصدّع اجتماعي كبير. فلا غرابة أنْ تأتي كتاباته الروائية على الخصوص لتُدين فداحة الحقبة السياسية السبعينية والخيبات التي رافقتها بطريقة ساخرة تُظهر مدى قوّة وصدق مفهوم الكتابة عند عبد القادر الشاوي.
وتأتي الرواية على الجديد للشاوي على حد تعبيره لإعادة النّظر في مفهوم الذاكرة الفردية ومحاولة فهم تقاطعاتها مع الذاكرة الجماعية. إنّها طريقة ناجعة لفهم مأساة الذات والارتكابات الجسيمة المُمارسة على الإنسان. فمسالك الذاكرة وعرة وطرق كتابتها من موضوع إلى آخر. واعتبر صاحب « بستان السيدة » أنّه مهما كانت الرواية قادرة على الانغماس في المجتمع وفضح أهواله وتأجيج الذاكرة وجراحها، فإنّها لا يُمكن أنْ تلعب دور المُؤرّخ على مستوى التوثيق للأحداث السياسيّة وأبعادها، ذلك إنّ الرواية تبقى عملاً أدبياً له خصائصه الفنّية ومُميّزاته الجماليّة، لاتي تجعلها بعيدة عن حرفة المؤرّخ وصنعته.
مهما ارتبطت الرواية في نظر الشاوي بالأحداث السياسية وأبعادها التاريخيّة، فهي تبقى ذات علاقة بمفهوم الصنعة الجماليّة وحساسيتها الشعريّة. إذْ لا يُمكن للروائيّ أنْ يسد الفراغات المهولة التي تُعاني منها الكتابة التاريخيّة فيما يتّصل بالتاريخ المعاصرة، أوّلاً بسبب عدم وجود ووفرة الوثائق التاريخيّة، وثانياً، بسبب حساسية هذا التاريخ وذاكرته.