المطبخ المغربي.. حكاية نكهات بين التثمين والتغريب

DR

في 22/09/2020 على الساعة 19:30

"المطبخ المغربي .. حكاية نكهات بين التثمين والتغريب"، تحت هذا العنوان نشرت وكالة المغرب العربي للأنباء مقالا حول تاريخ المطبخ المغربي، الذي يعتبر من أشهر المطابخ عبر العالم وأعرقها، وتمتد جذوره لآلاف السنين.

وطرحت الوكالة سؤالا حول هوية المطبخ المغربي، في ظل الفورة التي باتت تعرفها القنوات الافتراضية والتلفزية المتخصصة في الطبخ، وما تقدمه من وصفات وأطباق تستمد مقوماتها من أنظمة غذائية أجنبية عن العادات الغذائية للمغاربة.

وحسب نفس المصدر، "فتحولات السياق المجتمعي المغربي، وإكراهات المعيش اليومي، والانفتاح بفعل الثورة التكنولوجية على ثقافات العالم، كان له دوره في التغير الذي حدث على النظام الغذائي المغربي، والاتجاه إلى النهل من مدارس مطبخية أخرى، مع ما يحف ذلك من محاذير تمس الهوية الوطنية التي يعد المطبخ من أهم عناوينها".

وقال الباحث في تاريخ الطبخ المغربي هشام الأحرش، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء: "المغاربة، اليوم، مطالبون بنفض الغبار عن الموروث المطبخي المغربي، فما يتداول الآن لا يمثل إلا النزر القليل من هذا الموروث، وهناك العديد من المراجع التاريخية التي احتفظت لنا بهذا الموروث، ومن أهمها "أنواع الصيدلة في أنواع الأطعمة" لكاتب مجهول من العصر الموحدي، وكتاب "فضالة الخوان" لابن رزين التيجبي وهو كتاب عن الطبخ من العصر المريني".

وأوضح الأحرش أن المطبخ المغربي يتميز بكونه مطبخا منفتحا على مختلف الحضارات، ويعكس بجلاء تلاقحها على أرض المغرب، فهو يجمع بين الأصول البابلية (أي قبل 3 آلاف سنة)، والروافد الإغريقية والرومانية والفنينقية، مرورا بأرض العراق مرة أخرى زمن الخلافة الإسلامية .

وأكد الباحث في تاريخ الطبخ المغربي أنه "في الوقت الذي فقدت فيه الشعوب الأخرى الكثير من تاريخها المطبخي، استطاع المغاربة أن يحافظوا على موروثهم في عملية تراكمية ممتدة عبر الزمن، ما يجعل منه ثروة لا مادية يجب المحافظة عليها وتنقيحها وإحياؤها من جديد، عبر التنقيب في التراث المغربي العريق"، مشددا على أن "المطبخ المغربي علامة هوياتية للمملكة يمكن استثمارها في التعريف بالحضارة المغربية الأصيلة والترويج لها، خصوصا أن الشعوب حينما تعرف عن نفسها تتحدث عن اللباس والمعمار والطبخ".

"عراقة وأصالة وتميز"، هكذا وصف كريم رحال، الرئيس المدير العام لمجموعة "نيوريست رحال"، المطبخ المغربي، وقال: "الطبخ المغربي الأصيل هو فن مصنف، ويحتل المراتب الأولى على المستوى الدولي، أضف إلى ذلك أنه ينتمي إلى فئة قليلة من الفنون التاريخية، والتي لها جذور ترابية وفلاحية وأصول إثنية مختلفة، من الإغريق والرومان والأمازيغ والعرب وغيرهم من التيارات الثقافية".

وأضاف: "الحديث عن منافسة يواجهها هذا الفن المغربي العريق أمر طبيعي و مستحب"، مشددا على "أهمية انخارط مجموع المتدخلين في المجال المطبخي للنهوض بفنون الطبخ المحلية".

وإلى جانب خصائصه الهوياتية والحضارية، يمتاز المطبخ المغربي بأطباقه العريقة بقيمته الغذائية الكبيرة، وهو ما يشدد عليه الأخصائي في التغذية نبيل العياشي، الذي أبرز أن النظام الغذائي المغربي يتفوق بتواجد مجموعة من الأغذية التي لا نجدها في أي بلد آخر، وتنفرد بمكوناتها التي تجمع بين عناصر غذائية متكاملة.

ونوه العياشي، في حديثه للوكالة، أنه بفضل التنوع الجغرافي والثقافي للمملكة، فإن النظام الغذائي المغربي زاخر بأطباق تتلاءم والخصائص المجالية لكل منطقة، وهو ما يكسبه تنوعا قلما تعثر عليه في أنظمة أخرى، وقيمة غذائية جد مهمة، سواء من حيث المكونات الغذائية أو من حيث نمط الطهي، إذ أن الأطباق المغربية تجمع العناصر الغذائية الضرورية للجسم.

فمثلا الخبز الكامل أو خبز الشعير المعجون باستعمال الـ"خميرة البلدية" أو الحساء التقليدي "الحريرة" أو "الكسكس" أو "الطاجين" أو "البيصارة"، كلها أطباق جمع فيها المغاربة المجموعات الغذائية الضرورية لبناء الجسم ومده بالطاقة وحمايته من الأمراض، لكن للأسف أصبحنا نلاحظ أن الاهتمام بها صار ضعيفا، بسبب الإقبال على الأنظمة الغذائية الغربية والتسويق لها بقوة، وابتعدنا عن مجموعة من العادات المفيدة للجسم والتي تقيه من مجموعة من الأمراض كأمراض القلب والشرايين وارتفاع نسبة الدهون والجهاز الهضمي والأمراض السرطانية.

وعن علاقة التحولات الاجتماعية بتغير العادات الغذائية للمغاربة، يوضح أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، سعيد بنيس، أن دخول العهد الرقمي أسهم في تلك التحولات، حيث اكتشفنا وصفات جديدة أقبلت عليها كل الفئات العمرية في إطار تجريب مطابخ أخرى جديدة .

ونبه بنيس إلى أن الوصفات التي تعرض بالخارج وجدت طريقها إلى البيت، وأصبحت تعد منزليا لكلفتها المنخفضة مقارنة بالمطاعم، ما أسفر عن نوع من "الاغتراب المطبخي (Exotisme culinaire)" في المائدة المغربية، وهو ما يطرح تساؤلات بخصوص تدبير الثقافة الغذائية، لاسيما بالنسبة للأطفال الذين هم في حاجة لوجبات ذات قيمة غذائية عالية ومفيدة.

وعليه، يضيف هذا الباحث، فنحن في حاجة إلى إجراء بحث وطني تحت رعاية وزارتي الصحة والتعليم، من طرف فرق بحث متعددة التخصصات،للوقوف على الظاهرة ورصد امتداداتها داخل المجتمع، وكل ذلك من أجل الحفاظ على التراث المطبخي المغربي وحمايته من الروافد الدخيلة عليه، مع القيام بحملات التوعية داخل المؤسسات التعليمية بهذا الخصوص، تعميقا لانتماء التلاميذ الوطني، وكنوع من ترسيخ شعور "التمغربيت" لديهم.

تحرير من طرف Le360 مع و.م.ع
في 22/09/2020 على الساعة 19:30