وأفادت وكالة الأنباء القطرية، بأنه ومع وصول كأس العالم FIFA قطر 2022 إلى الأدوار الإقصائية، حافظت المباريات التي لُعبت حتى الآن على حالة الهدوء على صعيد القرارات التحكيمية والصافرات المحتسبة خلالها، وبقيت بعيدة عن الجدل سوى في حالات نادرة لكن سرعان ما تلاشت في ظل وجود التكنولوجيا التي وفرت مساعدة كبيرة لحكام المونديال.
وكشفت الوكالة، بأن أهمية هذه التقنية، ظهرت في عدة مباريات خلال الجولات الماضية، حيث ألغي العديد من الأهداف أبرزها في مباراة منتخبي الأرجنتين والسعودية، حيث تم إلغاء ثلاثة أهداف للمنتخب الأرجنتيني في الشوط الأول بداعي التسلل بعد تدخل تقنية الفيديو.
كما ألغي هدف سجله البرتغالي كريستيانو رونالدو في مباراة منتخب بلاده أمام منتخب غانا لوجود تسلل أكدته تقنية الفيديو أيضاً.
وتعمل تقنية كشف التسلل الجديدة، يضيف المصدر ذاته، من خلال تثبيت 12 كاميرا متطورة ومتخصصة أسفل سقف الملعب، بهدف تتبّع حركة الكرة، وهي قادرة على تتبّع ما يصل إلى 29 نقطة بيانات مختلفة على جسم كل لاعب، وهو متأخّر بنحو 0.5 ثانية فقط عن اللعب المباشر، ما يسرع من عملية اتخاذ القرارات، ويوفّر دقة أعلى في تحديد حالة التسلل من عدمه، فضلا عن أن الكرات المستخدمة في النسخة الـ22 من المونديال موصولة بشاحن كهربائي، حيث تشحن قبل انطلاق كل مباراة.
وسبب شحن تلك الكرات هو وجود حساسات إلكترونية ترسل 500 إشارة في الثانية للكاميرات الموجودة في الملعب، وغرفة تقنية الفيديو (VAR) لارتباطها بنظام كشف التسلل نصف الآلي.
أصبحت إضاعة الوقت بلا فائدة في كأس العالم، وقد شددت لجنة الحكام على هذا الأمر وقد كان السبب في أن الوقت المحتسب بدل الضائع بلغ أرقاماً مزدوجة، حيث استمرت بعض المباريات لأكثر من 100 دقيقة.
ففي مباراة هولندا والسنغال أضاف الحكم 12 دقيقة، بينما شهدت مباراة ويلز وأمريكا إضافة 14 دقيقة وقتاً بدلاً من الضائع في الشوطين.
وبحسب "فيفا" بلغ مجموع الوقت المحتسب بدل الضائع في المباريات الأربع الأولى في المونديال الحالي قرابة 65 دقيقة، بسبب سلسلة من التوقفات المختلفة، قبل انخفاض هذا المعدل خلال المباريات الأخيرة.
رئيس لجنة الحكام في الاتحاد الدولي لكرة القدم، الإيطالي بيير لويجي كولينا، كان قد أكد خلال المؤتمر الصحفي الذي سبق صافرة انطلاق المونديال أن "اللوائح والآليات الجديدة للحكام هي لمكافحة إضاعة الوقت في المباريات".
وشدد كولينا على أنه أصدر تعليمات ويتابعها بدقة من خلال مجموعة منتقاة من مراقبي ومقيمي الحكام، لمعالجة هذه الظواهر.
وأضاف: "عندما نتحدث عن الوقت الضائع في المباراة يجب أن نحدث فرقاً بين الوقت الضائع بسبب المباراة والوقت الضائع عمداً من قبل اللاعبين، الجزء الأكبر هو الوقت الضائع بسبب المباراة".
وطالب كولينا بعدم التعجب من احتساب 6 دقائق، أو 7 أو حتى 8 وقتاً إضافياً، بيد أنه في الكثير من المواجهات قد تم تجاوز هذا الوقت قبل عودته إلى المعدل الذي تحدث عنه كولينا خلال المباريات الأخيرة.
وأوضح: "لقد حددنا للحكام بعض الحوادث المحددة التي ينبغي تقدير مدتها بدقة، لا سيما الوقت المخصص لعلاج اللاعبين بعد التعرض لإصابة. كان هذا الأمر معمولا به، ولكننا لاحظنا أن ثمة إصابات يستلزم علاجها أكثر من دقيقة واحدة".
وفي هذا الصدد، أكد بعض الحكام السابقين خلال تصريحاتهم لوكالة الأنباء القطرية (قنا) أن مستوى التحكيم في النسخة الحالية من المونديال يعتبر جيدا إلى حد ما، مشددين في الوقت نفسه على أن المباريات المقبلة ستكون حاسمة أمام طواقم التحكيم وعندها يمكن الحكم على المستوى الحقيقي للحكام.
وأشاروا إلى ارتباط تقدير الوقت بدل الضائع مع عوامل أخرى سواء في عمليات تغيير اللاعبين، بعد أن أصبح عدد التغييرات المسموح بها في كل مباراة 10 تغييرات، مقابل 6 في السابق، والإصابات وعمليات الرجوع إلى غرفة تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR)، ناهيك عن الوقت الضائع عند الاحتفال بالأهداف، حيث ينبغي على الحكام أخذ هذه الحوادث كلها في الحسبان عند تمديد مدة اللعب الفعلي وتعويض الوقت الضائع فيها.
ونوه هؤلاء الحكام بأن حالات التسلل بكأس العالم لا تحتمل الأخطاء لكونها تعتمد على الذكاء الاصطناعي ولا يتدخل فيها العنصر البشري.
وأشاد الكثير من الحكام خلال تصريحاتهم لـ"قنا" بأداء الحكم الإنجليزي مايكل أوليفر الذي أدار مواجهة اليابان وكوستاريكا، وكذلك لقاء السعودية والمكسيك، إلى جانب الحكم الإنجليزي أنتوني تايلور والأمريكي إسماعيل الفتح، وتمنوا التوفيق للحكم القطري عبدالرحمن الجاسم في بقية أدوار المونديال.
من جهته، قال عبدالله القحطاني، الحكم الدولي السابق ومقيّم التحكيم في قنوات الكأس، إن مستوى التحكيم في المونديال جيد مع وصول البطولة إلى الدور ثمن النهائي، مشيراً إلى أن الأخطاء باتت قليلة في ظل وجود التقنيات المستخدمة سواء حكم الفيديو المساعد أو تقنية التسلل نصف الآلي.
وأضاف القحطاني في تصريح خاص لقنا: "بلا شك دخول التكنولوجيا حقق العدالة التحكيمية"، مشيرا إلى تميز العديد من الحكام في كأس العالم بينهم الحكم الإسباني ماثيو لاهور الذي أدار المباريات بكفاءة عالية.
وقال: "بالتأكيد الأدوار الإقصائية في البطولة ستكون مهمة في مشوار الحكام وهناك ترقب كبير على اعتبار أن المباريات الحساسة لم تبدأ بعد، وربما تظهر بعض الأخطاء وربما يكون (VAR) هو المنقذ".
وفي هذا الصدد، قال تمام حمدون مقيّم الحكام والمحاضر الآسيوي إن الفوارق واضحة على صعيد المستويات بين حكام أوروبا وأمريكا الجنوبية من جهة والحكام في قارتي آسيا وإفريقيا من جهة أخرى.
وأضاف حمدون الحكم الذي اختير أفضل حكم مساعد في قارة آسيا في العام 2008 في تصريح لـ(قنا): "بلا شك حكام قارة أوروبا هم الأعلى تقييماً حتى الآن وتمكنوا من قيادة المباريات بكفاءة عالية، وبلا شك هناك العديد من القرارات التي اتخذت بمساعدة التكنولوجيا التي غيرت بعض القرارات ووصل عدد تدخلات الفيديو في 48 مباراة إلى نحو 20 مرة".
وقال: "التكنولوجيا المستخدمة في مونديال قطر استثنائية، وهذا سيساعد على إعطاء قرارات سريعة، واتخاذ قرارات صحيحة، ويعطي دفعة لاستمرار المواجهات دون توقف".
ولفت حمدون إلى توهج أكثر من حكم خلال المباريات السابقة منهم الحكم الأمريكي إسماعيل الفتح، كما أن طاقم التحكيم القطري بقيادة الحكم عبد الرحمن الجاسم أبلى بلاء حسناً، منوهاً بأن الفرصة سانحة أمامه لإدارة مباراة في أدوار متقدمة.
بدوره، أكد الحكم الدولي السوري السابق حمدي القادري الذي سبق له المشاركة في تحكيم نهائيات كأس العالم في العام 2006 في ألمانيا في تصريح مماثل أن مستوى التحكيم بشكل عام مع ختام دور المجموعات كان مقبولاً، مشيراً إلى أن معظم المباريات لم تشهد حالات جدلية وهذا شيء طبيعي لتفاوت المستوى بين المنتخبات.
وأضاف القادري الذي أدار العديد من المباريات في كأس العالم للأندية، أن بعض المباريات شهدت أخطاء تحكيمية مؤثرة، رغم وجود كل عناصر ووسائل المساعدة والدعم التقني للقرار التحكيمي.
وتابع: "فيما يخص احتساب الحكام للوقت بدل الضائع بصورة أكثر مما تعودنا عليه سابقا فهذا يعود لتأكيد لجنة الحكام الدولية وتعليماتها المشددة للحكام باحتساب كل الوقت المهدر بدل ضائع بدقة وليس بشكل تقديري.. وحقيقة الأمر هو ليس نظاما أو تعديلا جديدا بقدر ما هو تأكيد على تطبيق ما نص عليه القانون".
وأوضح: "في موضوع التقنيات الحديثة المستخدمة في هذا المونديال فأعتقد أهمها هو جهاز كشف عملية التسلل الذي يعتبر الدواء الشافي لأي خلل بشري بكشف اللاعب في حال كان بموقف التسلل أم لا لحظة لعب الكرة من أحد زملائه، فضلاً عن أن دولة قطر وفرت في كل ملعب أكثر من 40 كاميرا بتقنيات حديثة ومهندسين على درجة عالية من الخبرة ومشغلين لهذه الكاميرات والأجهزة المرادفة من المحترفين المهرة بحيث لا يمر أي حدث إلا وتصطاده الكاميرات وتقدمه للفنيين ليتم الكشف عليه وتحليله لاتخاذ القرار المناسب والعادل".
وختم تصريحاته لـ(قنا): "أعتقد أن الأدوار الإقصائية في البطولة هي الاختبار الحقيقي للحكام وبعده يمكننا إصدار أحكامنا النهائية بالمحصلة العامة للمستوى التحكيمي وهل نجح كولينا باختيار وإعداد الحكام المناسبين للبطولة".
وكانت لجنة الحكام بالاتحاد الدولي لكرة القدم قد اختارت، في شهر ماي الماضي، 129 حكماً، بينهم 36 حكماً، و69 حكماً مساعداً، و24 حكم فيديو، بالتعاون مع الاتحادات القارية الستة، لإدارة 64 مواجهة مونديالية، وتم اختيار هؤلاء الحكام بناء على مهاراتهم وأدائهم في بطولات FIFA، وباقي المنافسات الدولية والمحلية في السنوات الماضية.
وضمت القائمة 13 حكماً عربياً في مختلف المراكز، أبرزهم القطري عبدالرحمن الجاسم، والجزائري مصطفى غربال، والإماراتي محمد عبدالله.
وشهدت النسخة الـ22 من المونديال وجود العنصر النسائي في تحكيم المباريات، وهي سابقة تاريخية لم تشهدها كأس العالم من قبل، حيث شاركت الفرنسية ستيفاني فرابارت، واليابانية يوشيمي ياماشيتا، والرواندية ساليما موكاسانغا، في إدارة المباريات كحكام للساحة.